ان المجتمع الفلسطيني يتميز بجهاده وصموده في وجه الاحتلال الصهيوني فرغم سياسة القتل والاعتقال لازال شعبنا صامدا وواجه تلك المؤامرات بشجاعة كبيرة وقدم آلاف الشهداء والجرحى ولازال يقدم في هذه الطريق خيرة أبنائه، مما دفع دولة الاحتلال والمخابرات الحليفة لها بالدفع باتجاه الانحراف الفكري الذي لا يقل خطرا عن الخيانة العظمي والتخابر مع جهات معادية مما يؤكد لنا ان الانحراف الفكري لا يخدم سوي دولة الاحتلال التي توجه المنحرفين فكريا للإضرار بوطننا وتستغل ذلك بالترويج ضد شعبنا.
.
1ان الانحراف الفكري دخيل على مجتمعنا الفلسطيني الذي يتميز بالتسامح والاعتدال والفكر الوسطي، لعل أول بوادر الانحراف الفكري تظهر من خلال تبني المتطرفين والمتشددين لاتجاهات عدائية وسلبية ضد المجتمع فنجد أن هؤلاء المنحرفين فكريا مجموعة من الجهلاء بالإسلام وأحكامه يأخذون آرائهم من بعض الرموز الفكرية المتشددة والمتطرفة ويعتبرون أن ما يقوله هذا الرجل كلام مقدس غير قابل للنقاش ويستعينوا في ذلك بتشويه الحقائق بمعاني مظللة وتبرير غاياتهم بما يخدم مصالحهم ورؤيتهم الخاصة.
2يلجأ المنحرفون فكريا الي تبسيط الأمور العظيمة كحرمة الدماء والتكفير ويميلون للخلافات والصراعات والقتل والتناحر يترعرع أصحاب الفكر المنحرف ويتعاظم وجودهم في هذه البيئة المعقدة فنجدهم متناقضين في أفعالهم وأقوالهم وسلوكم فظاهريا يدعون لتطبيق الشريعة والحدود وكأن الحدود فقط هي كل الدين، لكن في الواقع نجدهم ينتهكون المحارم ويستحلونها في انجراف واضح وراء آرائهم الشخصية من غير الالتزام بالقواعد الشرعية أو عادات وتقاليد المجتمع وما شاهدناه بسوريا من جرائم ومجازر افتعلها هؤلاء دليل علي بربرتيهم.
ان الغلو والتطرف والتشدد يؤدي للانحراف الفكري من خلال عدم الاعتراف بالرأي الآخر واتهام المخالف لرؤيتهم بالابتداع والخروج عن الدين ويرجع ذلك لسوء التربية والتنشئة الخاطئة أضف الي ذلك حالة اليأس والاحباط والتشاؤم والاعجاب بالرأي الذي يتميز به هؤلاء المتشددين.
3الانحراف الفكري في قطاع غزة جديد على شعبنا من أهل المقاومة والجهاد ضد الاحتلال فنجد أن المتتبع لمرجعية هؤلاء المنحرفين فكريا يجد أنهم مجموعة قليلة من الأفراد بعيدين عن التفكير العقلاني ويسارعون لتقليد الجماعات المنحرفة فكريا فيعملون خدما للمصالح المعادية لدينهم ووطنهم من حيث لا يدرون لأنهم بانحرافهم عن الصورة الجميلة للإسلام الوسطي المعتدل يشوهون استقرار المجتمع وأمنه.
وتحاول أجهزة المخابرات الغربية المعادية للإسلام اغواء واغراء الشباب المنحرفين فكريا لتطبيق أجندتهم الخبيثة في بلادنا وهي ماي طلق عليه بعض المحللين اسم الجيل الرابع من الحروب وأبرز معالمها أن يجعل شباب المجتمع يدمرون بلادهم بأنفسهم ويأخرون تقدمها ان لم يهدموا أركانها، تعمل أجهزة المخابرات المعادية على اصطياد هؤلاء الأشخاص عن طريق كوادر مخابراتية مدربة ومؤهلة للتعامل مع هؤلاء المنحرفين فكريا وغسل عقولهم وزراعة الأفكار التخريبية داخلها.
صدمنا قبل أيام بقيام أحد المنحرفين فكريا بتفجير نفسه بأفراد من المقاومة واستشهاد أحد المجاهدين من مدينة رفح في جريمة تؤكد على سيادة العنف ورغبة أصحاب الفكر المنحرف بإشاعة واثارة الاضطرابات، والحقيقة أن ازهاق الأرواح من قبل الجماعات المتشددة والمنحرفة فكريا عن الفكر الوسطي والفهم الاسلامي الصحيح ترتب عليه فساد وصراع أدي لخسارة للمجتمع وخدمة لأعداء الأمة.
الحقيقة ان الانحراف الفكري هو انتحار والقاء للنفس للتهلكة دون منفعة للأمة فهو فهم خاطئ للدين وقلب للنصوص وتجرؤ على التحليل والتحريم خلافا لما أجمع عليه علماء الأمة.
4لقد عملت الأجهزة الأمنية في قطاع غزة على حماية الجبهة الداخلية ومواجهة المنحرفين فكريا من خلال آليات مختلفة في جهد مميز وكبير وان ما نعيشه اليوم من أمن وأمان نلقاه في شوارع ومدن غزة لهو ثمرة هذه الجهود المشتركة بين أجهزة الامن في غزة لحفظ الأمن، كما لا ننسي عمل الدعاة والوعاظ على توضيح المفاهيم الخاطئة التي تؤدي للانحراف الفكري والعمل على الوقاية منها ومقاومة الأفكار المتشددة الدخيلة على مجتمعنا، وينبغي أن يكون للإعلام دور أوسع في الوقاية من الانحراف الفكري ومحاربة السلوكيات المتطرفة.
كما أدعو علماء وعقلاء مجتمعنا لتشكيل هيئة وطنية لمحاربة الفكر المنحرف على أن تشمل علماء واعلاميين ومربين تربويين تعمل على وقاية شبابنا من الفكر المتطرف والمنحرف وتعزيز المفاهيم الاسلامية التي تدعو للوسطية والاعتدال والعمل على تجفيف منابع الفكر المنحرف من خلال جهد واعي ومنظم يتميز بالقوة والحزم إذا استنفذت كل الوسائل.
بقلم محمد مصطفي شاهين