أنا والشعبية..

بقلم: توفيق الحاج

يوحي العنوان بثلاث شعبيات .. الشعبية الاولى بمعنى الشهرة وهذه والحمد لله لاتليق بحفيد صعاليك مشرتح مثلي وانما تليق بحسناوات السينما الساحرات ذوات التضاريس الفاتنات من ماركة كيم كارادشيان ونجمات فضائح الفيس واليوتيوبات ونجوم السياسة والمجتمع المرفهين والمرفهات .. الكاذبين والكاذبات والمتمكيجين ب30الف دولارفي 3شهور كرئيس فرنسا والمتمكيجات وطبعا حواشيهم وذيولهم الملحقات..كدابين الزفة المطبلين منهم والمطبلات !

والشعبية الثانية هي موقف الباصات الشهيربساحة غزة والحياة موقف وهي تذكرني بحال القبائل والفصائل من فتح الى حماس ..لكل ساعة موقف حسب الطلب والمقاس! ولكل ساعة حال.. كوكتيل مريب غريب من الانتهازية من أجل الحكم بين جعجعة الفحل وملاسة الحية ..! ممارسات لاهي ع الخاطر ولا ع البال مرة يمين للتهدئة.. ومرة هز وسط للوثيقة..ومرة غنج تفاهمات.. ومرة بلاغ عنفصة شمال !

اما الشعبية الثالتة فهي (الجش) اللي عليها العين ومن العين محسودة كانت قمر الفصائل وصارت بفعل فاعل ظل وكومبارس في مسرحية مشهودة لاهيا جبهة ولا الها شعبية الا 4% و تحرير فلسطين في المشمش يا افندية وهيا هيا اللي عليها الكلام و في المقال مقصودة !

مع ملاحظة اني لا اكتب عن نفسي لشيء في نفسي ولا اذكر الا حقائق عشتها..

والان الى المتن ياعباد الله.. قولوا: توكلنا على الله

نشأت ناصريا حتى النخاع ولازلت وافخر أني عشت ربيع الثورة والثقافة والفن..ربيع لم ولن يتكرر لامة عربية يابسة منحنا الشعور بالحرية والكرامة..رغم تهكمات المتأسلمين الساقطين قليلين الدين! على هزيمة حزيران المعدة باتقان أبناء الامريكان ..شاركوا فيها وتمنوها الى ان كان ماكان.. ربيع حقيقي(مش زي ربيع قناة الجزيرة اللي قتل ما قتل دمر مادمر!) ..ربيع له امجاده واخطاؤه لم يكرهه ويتآمر عليه الا ثلاثة : ابناء أروبا وأمريكا العظمى وابناء حسن البنا وأبناء شلومو!

كنت أتشرب اليسار منذ طفولتي البائسة في مخيم تعيس قطرة قطرة وزنقة زنقة كالارض العطشى من ناظم حكمت وبابلو نيرودا ومكسيم جوركي وجلال صادق العظم و غسان كنفاني و.... و....وأنا أعيش شبابي مع المعذبين في المخيمات حقبة أكثر دموية ومأساوية في الوطن والشتات!

حرب الاستنزاف..حرب الكرامة ..ايلول الاسود مذبحة البقعة وجرش.. حرب الجنوب اللبناني .. الاقتتال الطائفي والقتل على الهوية.. تل الزعتر.. حرب لبنان .. الرحيل الى تونس .. صبرا وشاتيلا..!

وانا أري قباحة الاخوان الشامتين بابتساماتهم الصفراء وهم يصفون الشهداء الفلسطينيين ب (الفطائس)!

كنت دائما اتأبط صحيفتي الشعب و الفجر السياسي والادبي .. واتيح لي ان انشر فيها قصائدي مع وجود الشاعر الصديق (على الخليلي) و اكتب عمودا ساخرا مختصر تحت عنوان (كاريكاتير) في صفحتها الاخيرة كما يفعل الكتاب الكبار!

اقتربت في السبعينات كقومي عربي من الجش وريثة القوميين العرب منبهرا بعملياتها النوعية ومنبهرا اكثر بالحكيم ووديع حداد وغسان كنفاني في وقت كان فيه الاخوان يسعون مابين التجارة والتقية!

أطلت الانتفاضة الاولى برأسها وكنت حينها مشبعا برومانسية الثورة ونصيرا للفكرة القومية التي زرعها ناصر في راس الحكيم فانبتت حركةالقوميين العرب واورقت أملا وأينعت عملا !

كنت وقتها مشروع شاعرغض متحمس خطابي هتافي مؤبن لتلاميذه الشهداء! مؤمن بالشعارات الطنانة بل وغامرت بكتابتها على الحيطان في ليالي منع التجول ! في هذا الجوالصعب عرض علي بعض الرفاق تكرار تجربة كنفاني المبدع والانتماء للتنظيم قاومت الفكرة لنفوري من الطاعة الحزبية وبعد الحاح واغواء انصعت رغم تمردي العفوي على أي قيد!

وفعلا من خلال معايشتي للرفاق وتولي رئاسة لجنة الابداع فرع غزة1990 ورئاسة التجمع الوطني الديمقراطي1991 في خانيونس.. تعرفت على رفاق حقيقيين ورفيقات بالفطرة (ام الشهيد سليمان البيومي) صورة طبق الاصل عن (أم سعد) و(ام طلال الاسطل)التي زارت أم جهاد في مكتبهاوعاتبتها على مكياجها وزوجها امير الشهداء! و(أم حسني شاهين) التي هربت السلاح و خبأت ورعت النسرالمطارد الشهيد (عادل موسى) 14شهرا في وقت جبن فيه قادة التنظيم وتهربوا..! قبل ان يقتل مع تباشير اوسلو في ظروف مشبوهة!

نعم كانت صورامن لحم ودم لا تقل روعة عن ايقونات غسان المقاومة!

تعرفت ايضا على رفاق لا رفاق!.. رفاق كبار كبار..هرولوا من جبل أوسلو الى جمع فتات الغنائم وسجدوا للوظائف (مدير عام) بحجة انهم اعضاء في منظمة التحرير في وقت حرموها بفرمان عثمان على الرفاق الصعاليك ! ورفضت من مكاني هذا الانبطاح وساومني بعضهم وأغراني دون جدوى! فحوربت بكولسات وتربيطات واغتيلت لجنة الابداع بحجة طلب الانفصال عن الضفة! وفي المؤتمر العام للجبهة 97 تجرأت كرئيس للمؤتمر ومنعت الرفيق القائد ان يأخذ اكثر من وقته في مداخلته! وانتقدت بعض الممارسات لبعض الفاسدين! فاسقطتني بالمقابل مافيات التنظيم في انتخابات المكتب السياسي وانتهى الامر بأن اغتالوا التجمع مستغلين حسد الحزبيين لنشاط التجمع وتخوفهم من ان يسحب جماهيريا البساط من تحتهم! وبدا وكأن للجبهة ابناء شرعين واخرين أبناء البطة السودا!

واستنكفت احباطا.. لاعود بعد سنوات تحت ضغط الرفاق منتخبا في قيادة المنطقة واتولى مسئولية الاعلام .. واصطدمت مرة اخرى بالقوالب الخشبية والطاعة الحزبية كما البيعة والولاء والبراء عندالاخوان بل على نحو أبشع وألعن..! وصدمت بانتخابات المكتب السياسي في الخارج تتناغم مع مرحلة اوسلو ويفوز فيها الشهيد ابو علي مصطفى على الحكيم ورفضتها علنا ! مع ايماني بابي على مصطفى عاملا كادحا وقائدا صادقا!

(اقولها ونحن على ضفاف ذكراه) ورفضت كذلك ان يعود الى ارض الوطن تحت ظل الاحتلال قائلا: اما يعود شهيدا او عميلا ! ورفضت أن اكون في استقباله في غزة..! وانا اعرف اني نكرة غير مقصودة مقارنة بقائد منتخب! لكن لو عاد بي العمر الى الوراء لكررت ما فعلت الف مرة انتصارا للمبدأ!

ولما استشهد أبو علي اصر الرفاق على ان اقود حفل تابينه في خان يونس وكان الحزن حقيقيا يطفح من القلب!

لينتقم الرفاق الحقيقيون بقتل الجنرال العنصري حاييم زئيفي مما اعاد للجبهة بعض هيبتها رغم اعتقال امينها العام احمد سعدات الذي اضاف هيبة مضاعفة انطفات بعد وقت.

لقد واجهت في عشر سنوات انتسبت فيها للجبهة من الصعوبات والمعيقات والقيود الداخلية اكثر ما واجهت من الاحتلال ومن كافة التنظيمات الاخرى عدا الاختناق والتقاليد الروتينية التي لا تحتمل.. واقتنعت ان الجبهة لا تختلف كثيرا عن بقية الفصائل في الاعراض والامراض التي تمكنت من قيادات العمل السياسي الفلسطينية! وهنا أعترف اني فشلت فيما نجح فيه غسان ربما لاني غير قابل للتنظيم والطاعة بالفطرة وربما لاختلاف المكان والزمان والشخوص فالحياة أرزاق وقسمة ونصيب وهناك بلا شك فرق شاسع بين عملاق أسطورة وحفيد صعاليك!

اعرف ان بوحي هذا لن يعجب بعض القطط السمان التي ركبت الجبهة وقادتها وحلبتها واستفادت منها ولكنها شهادة حق أقولها للتاريخ فاللجبهة لم تعان خللا في هدف ولافي مبدأ وانما عانت شأنها شأن الفصائل في قيادات الصف الثاني ودائما أكررعن قناعة (عفن السمكة يبدأ من رأسها) واللي عاجبه عاجبه واللي مش عاجبه يشرب من بحرغزة على حسابي!

توفيق الحاج