اعانت حماس وثيقتها منذ شهور لتعبر عن ميكانزمية تفعيل وتنشيط دورها في المعادلة الوطنية والاقليمية والدولية ،وبرغم ان تلك الوثيقة لم تخرج في معظم بنودها عن العمق الوطني الثابت والمتحرك اي المتغير الا انها كانت واتت في توقيت دقيق يعالج كثير من بنودها الانقلابات الايديولوجية والسياسية على مستوى الاقليم ومكز حماس كفصيل اسلامي كانت له رؤيته من خلال حركة الاخوان المسلمين الى الانتقال الى الحالة الوطنية ومن ايقوناتها الفاعلة والمقررة والمؤثرة على ضوء الخريطة الذاتية الفلسطينية والاقليمية .
نجد ان دور السلطة ورئيسها يتقلص ومقتصرا على النشاط الكلاسيكي والنمطي في التعاطي مع كل تلك المتغيرات الاقليمية والدولية والذي يرتبط بمعطيات ونتائج اوسلو في حين ان المتغير الدولي والاقليمي قد قفز عن هذا المنطق السياسي والامني والاقتصادي وبرغم حالة الجمود التي توصف بالفشل لم تحاول السلطة وحركة فتح تجديد او مراجعة برامجها وسياساتها سواء على المستوى الحركي او على مستوى علاقاتها الاقليمية او ما يخص الصراع مع الاحتلال في حين ان الاحتلال ونتيجة هذا الجمود وهذا الفشل رفع من سقف مطالبه وتصوراته للخريطة الامنية والاقتصادية له والتي ايضا تجاوزت السلطة الى العمق الاقليمي الذي كان سابقا مرتبط بالبرنامج السياسي الفلسطيني .
مصر الدولة المركزية في المنطقة وخصوصية القضية الفلسطينية لها لا يمكن الفصل بين المتغير الفلسطيني وبين مسؤلية مصر ومؤثرها وتأثيرها على مسارات الاقةنات الوطنية في قطاع غزة كما للاردن ومؤثرها وتأثيرها في الضفة الغربية وهذا الرباط وهذه العلاقة تأتي في نطاق الامن القومي لكل منهما .
خيارات حماس استوعبت المتغير الاقليمي وبالمقابل لم يستوعب الرئيس عباس هذه التحولات الاقليمية سواء على المستوى الداخلي لفتح او حماس وبالتالي رفض مبادرة الرباعية العربية لبلورة اطروحة سياسية بعد انهاء ملف الوحدة الفتحاوية والفلسطينية اطروحة تفرض مربعا وطنيا امام عاصفة من المتغيرات التي تضرب المنطقة فمصر امنها القومي في سلم الاولويات الذي لا ينفصل عن قطاع غزة واللاردن امنها القومي في سلم الاولويات الذي لا ينفصل عن الضفة الغربية ومن هنا اتت مبادرة الرباعية العربية لتفعيل النظام السياسي الفلسطيني بشراكة حقيقية بين كل الاطراف وبالتالي مطلب وطني فلسطيني مواحه لمخططات امريكية اسرائيلية وكذلك تحقيق الامن القومي لكلا من مصر والاردن في العمق الفلسطيني المنتظر ولطالما رفضت مبادرة الرباعية العربية وقوبلت بتعنت من الرئيس وحركة فتح الموالية لعباس لم يعد خيارا سواء للتيار الذي يقوده دحلان او مصر اوالاردن الا بالتعامل الجغرافي المجزء لما تبقى من الارض الفلسطينية فمصر اتجعت الى قطاع غزة بمكوناته الفاعلة كحركة حماس والتيار الاصلاحي والاردن تعاملت مع النخب ومنظمات المجتمع المدني وقوى الامن في الضفة وكلا يبحث عن تأمين مصالحه بحكم الجغرافيا وخاصة ومهما كانت هناك معاهدات سلام بين كلامن مصر والاردن واسرائيل فان نظرية التطبيع فشلت والصراع الحضاري هو عين الحقيقة القادم بين القوميات في المنطقة .
تفاهمات القاهرة المزدوجة بين دحلان السنوار وذات العمق الانساني والامتداد الوطني من ناحية ومن ناحية اخرى تفاهمات مصر حماس بقيادة المخابرات من جهة ورئيس حماس في غزة اتت بايجابيات افضلها التقارب واغلاق ملف التحسس والنظر الى حماس كفصيل وطني من مكونات حركة التحرر الفلسطيني وان كانت تلك التفاهمات سارت ببطء لاعتقادي ان الاخوة في مصر يريدوا تفاهمات اوسع مع حركة حماس ككل وليس فقط مع رئيسها في غزة القوي الذي يملك ادوات القوة ولكن استقرائيا ان الاخوة في مصر يريدوا تفاهمات استراتيجية وليست تكتيكية مع المكتب السياسي لحماس الذي يمثل الداخل والخارج .
بزيارة الوفد الرفيع لحماس برئاسة رئيس مكتبها السياسي مؤشر لتجاوز تفاهمات حماس غزة مع مصر لنظرة استراتيجية بين التعاون المشترك ومع تصور اخر لميكانزمات المعادلات الوطنية في غزة والخارج والتي ستتفاعل مع ما يطرح اقليميا فالخيارات امام الفلسطينيين محدودة وان كانت الازمات في غزة معقدة فهي في الضفة اكثر تعقيدا من انفتاح لشهية اسرائيل وامريكا لتجاوز حل الدولتين وخلق كيانية بلدية اقاليمية امنية اقتصادية في الضفة لها صلاحيات حكم ذاتي اما غزة مع وعود فك الحصار وميناء وحل وفكفكة الازمات وهو خيار ذو متجه واحد لا خيار غيره سوى مواجهة مع الاحتلال لن يحصد الفلسطينيين في غزة نتائج مرضية وطنيا في اطار تصور العمق للقضية الفلسطينية وبالتالي حماس تتعامل بهذا المنظور والتي ترى ان مصر قد تفهمت ان حماس فصيل لحركة تحرر وطني يجب ان تحترم علاقاتها مع الاطراف الاخرى مثل تركيا وقطر وايران وفي نطاق عدم الاضرار بالامن القومي المصري .
على ما اعتقد ان مصر وكما ذكرت سالفا وامام رفض الرئيس عباس اصبحت غير مخيره في التعامل مع المتغير الفلسطيني في داخل قطاع غزة وجمع كل القوى الفلسطينية في داخل القطاع واعتبار ان تفاهمات دحلان المشهراوي السنوار هي اللبنة الاولى لجمع كل القوى فمصلحة مصر في غزة ان تفعل كل الاطر الوطنية بمبدأ الشراكة فقد يفرض حلول دولية اقليمية ترى مصر ان تدخل في تلك الحلول بورقة قوية من غزة بعد ان نسف محمود عباس ورقة فلسطينية موحدة يتبلور عنها مشروع وطني موحد .
ومن هذا المقال للتاريخ اصبح من الصعب ان نتحدث عن مشروع وطني او تفعيل لمنظمة التحرير كممثل وحيد وشرعي للفلسطينيين وربما اطروحة عقد مجلس وطني فلسطيني لاقت فيتو امريكي اسرائيلي اوروبي فالقادم يناويء تلك الاطروحات .... والمسؤول عن ما يحدث الرئيس عباس وفتح الموالية له في الضفة
سميح خلف