هل دخلت المصالحة في سبات مؤقت أم موت سريرى؟

كثر الحديث منذ أيام وفي ظل التوترات السياسية على الأرض بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة للمحتل الإسرائيلي، وما رافق ذلك من تداعيات غاضبة، عن مصير المصالحة الفلسطينية الداخلية.

هذه المصالحة التي لم يتحقق منها شيء على أرض الواقع خاصة أن العقوبات التي فرضها الرئيس محمود عباس لا تزال قائمة، ولم يشعر المواطن أن هناك تغيير ملموس.

وكان حديث قائد حركة "حماس" في قطاع غزة يحيى السنوار، من انهيار اتفاق المصالحة الفلسطينية واضحا مما أحدث حالة القلق لدى المواطن، و ذلك كان له الأثر الكبير في طرح سؤال هل دخلت المصالحة في سبات مؤقت أم موت سريرى؟.

الكاتب و الباحث السياسي الدكتور ناصر إسماعيل اليافاوي قال في تعقيب له حول حديث السنوار حول انهيار المصالحة :"إن المصالحة لن تمت بعد والمتعمق في كلمات يحيى السنوار يصل إلى رزمة من المداليل أهمها، أن خطابه موجه إلى الداخل بضرورة التماسك، وعدم الانجرار وراء تراشقات إعلامية لأن انحراف البوصلة شأنه أن يحقق انهيار المصالحة، وهذا الأمر لا يخدم إلا الاحتلال .

وأوضح اليافاوي في تعقيب لـ"وكالة قدس نت للأنباء"، أن حديث السنوار كان عبارة عن رسالة لمصر والدول العربية للعمل بجدية إلى حماية المصالحة ، لمواجهة التحديات التي تعصف بالقضية وعلى رأسها القدس .

متابعا، "وقوله بعدم العودة للوراء ولن تكن حماس منذ الآن طرفا في الانقسام ، ولن ترجع إلى الحكم بشكل أحادي ، يدل على أن حماس ترغب في وضع الفصائل أمام مسئولياتها في تحمل القرارات المصيرية ، وعليها أن تلعب دور الضاغط لتحقيق توافق وطني للمشاركة في تحمل الأعباء وتبعيات المرحلة القادمة".

سنعض أصابع الندم

هذا وحذر قائد حركة "حماس" في قطاع غزة يحيى السنوار، من انهيار اتفاق المصالحة الفلسطينية قائلا "إن لم يتحرك شعبنا للنهوض بمشروعنا الوطني سنعض أصابع الندم في وقت ليس ببعيد".

وقال السنوار في لقاء شبابي في مدينة غزة، مساء الخميس الماضي، "من لا يرى أن المصالحة تنهار فهو أعمى، وان لم يهب شعبنا لانقاذها فستنهار"، موضحا بان "هناك نوعان من المصالحة، واحدة على مقاس الأمريكان والإسرائيليين وبعض الأشخاص من الفلسطينيين بمعنى أن تأتي السلطة لغزة وتبسط نفوذها وتدير غزة كما الضفة، وهذا يعني إحلال وإقصاء، ومصالحة أخرى وفق منظور اتفاق 2011 تركز على مواطن القوة الموجودة وتقدم مشروع لمواجهة التحديات والمخاطر التي أصبحت كبيرة جدًا."

ونوه الباحث السياسي اليافاوي، أن حماس تسعى جاهدة لترميم نفسها وإزالة العوالق التي أصابتها بعد عدوى انفرادها بحكم غزة عقد من الزمن ، وتسعى إلى نفض الغبار العالق بتاريخها وأدائها طوال سنوات الانقسام

وأضاف، وأعتقد أنه في ظل غياب الحاضنة العربية والإسلامية والدولية عن حماس والكل الفلسطيني، فى ظل تبدل منظومة القيم السياسية وهرولة العرب نحو التطبيع من فوق الطاولة، باتت حماس أقرب لفقه الواقع والمتغيرات، ولابديل لها الا الخروج من الانتحار السياسي بإعطاء عملية تنفس صناعي لواقعها المعاش في غزة، لذا نرى أن ورقة المصالحة الصغيرة فى المعادلة الدولية القادمة لم تسقط مغشيا عليها بعد.

مصر ومنع انهيار المصالحة

هذا وقالت مصادر رسمية فلسطينية، إن مسؤول الملف الفلسطيني في جهاز المخابرات العامة المصرية، اللواء سامح نبيل، أجرى يوم أمس، اتصاليين منفصلين، أحدهما مع رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية، والآخر مع عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" عزام الأحمد.

وأفادت المصادر المطلعة من حركة "فتح"، أن نبيل طالب هنية والأحمد التهدئة الإعلامية، وتجنّب الدخول في سجالات ومناكفات، مؤكّدا أن مصر ستواصل رعايتها للمصالحة، وأنها لن تدع المصالحة تنهار.حسب وكالة "قدس برس"  إنترناشيونال للأنباء .

وكان رئيس حركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار، قد إلى إنقاذ المصالحة الفلسطينية قبل انهيارها و"فوات الأوان"، على حد تعبيره.

المصالحة أصبحت من الماضي

من جهته رأى الكاتب و المحلل السياسي مصطفي إبراهيم، أن المصالحة انهارت وهذا ما تخشى أن تعلنه حماس للناس، لأنها تحاول تجنيد المجتمع الفلسطيني والفصائل لإنقاذ المصالحة، كي لا تتهم أنها السبب في انهيارها.

ونوه إبراهيم وفق تعقيبه لـ"وكالة قدس نت للأنباء"، إلى أنه منذ زيارة رئيس الحكومة الدكتور رامي الحمد لله والسيد عزام الأحمد بداية الشهر الجاري لغزة لم يتصل احد من الحكومة أو من فتح بحماس لاستكمال المصالحة، كذلك الرعاية المصرية تراجعت كثيرا ولا توجد اتصالات مع حماس التي تراجعت لأدنى مستوياتها.

وأضاف إبراهيم، أن المصالحة أصبحت من الماضي، وبدل من تكثيف الجهود لإتمامها وإنهاء الانقسام لمواجهة قرار ترامب والمخاطر التي تحيق بنا نهرب للبحث في خيار بديل عن أمريكا لرعاية العملية السلمية وعقد السلام مع الجارة إسرائيل، إسرائيل ليست جارة هي دولة احتلال.

 وتابع، وقرارات الأمم المتحدة والتحرك السياسي والدبلوماسي لن يثني ترامب عن قراره ولن يتراجع الاحتلال عن مشاريعه الاستيطانية والاعتراف بحقوقنا، لا يوجد مبرر من الهروب في مواجهة الاحتلال، وإتمام المصالحة واستعادة الوحدة الوطنية وترميم ما تبقى من بيتنا المهدم، ورفع العقوبات عن غزة.

ووقعت حركتا "فتح" و"حماس" في 12 تشرين أول/ أكتوبر الماضي على اتفاق المصالحة الوطنية برعاية مصرية، حيث ينص الاتفاق على تسلم المعابر في الأول من تشرين ثاني/ نوفمبر الماضي، على أن تنتهي الحكومة من تسلمها الوزارات في قطاع غزة في العاشر من شهر كانون ثاني/ ديسمبر الجاري.

المصدر: غزة- وكالة قدس نت للأنباء -