هل من عدوان جديد ضد غزة؟

بقلم: فايز أبو شمالة

أثارت المناورات العسكرية الإسرائيلية الأمريكية غير المسبوقة على حدود قطاع غزة حفيظة الناس، وبات السؤال الدارج في كل زاوية من زوايا المجتمع: هل هنالك عدوان جديد ضد غزة؟ لماذا تجري إسرائيل مناوراتها العسكرية بكافة الأسلحة البرية والجوية والبحرية والمدرعات والمدفعية والتكنولوجية في هذه الفترة بالتحديد، وبالقرب من حدود غزة؟ وهل صارت غزة من القوى العظمى، لتحشد ضدها الجيوش الإسرائيلية والأمريكية؟

حتى الآن لا تصريح من قريب أو بعيد، ولا تلميح حتى اللحظة من قادة حركة حماس، ومن كتائب القسام، ولا تهديد ولا وعيد من قادة المقاومة للجيش الإسرائيلي كما جرت العادة في فترات سابقة، وكأن كل ما يجري خلف الحدود من تجهيزات واستعدادات ومناورات وحشود إسرائيلية وأمريكية لا يعني المقاومة من قريب أو بعيد، باستثناء تجربة إطلاق عدة صواريخ من غزة إلى البحر، تحدثت عنها الأجهزة الأمنية الإسرائيلية.

عدم التحدث عن العدوان من قبل المقاومة الفلسطينية لا يعني لامبالاة المقاومة، وعدم اهتمامها، ولا يعني الترهل أو التهاون أو إغماض العين أو الجهل بما يجري، بمقدار ما يعني ضبط النفس، وتقدير الموقف بشكل دقيق، واتخاذ القرار المناسب في اللحظة المناسبة.

وحتى الآن، فإن كل ما صدر من تصريحات عن الحرب ضد غزة، وعن اشتعال الجبهة الجنوبية هي تصريحات إسرائيلية، لم تبدأ بتصريح نتانياهو الذي حذر المقاومة من أي مغامرة، وأكد على عدم نية الحكومة الإسرائيلية في أي مواجهة مع المقاومة، وهذا ما تطرق له جلعاد إردان، وزير الأمن الداخلي الذي حذر من نية المقاومة في اختراق الحدود الإسرائيلية برا ًوبحراً وجواً في المرحلة القادمة، وأن الجيش الإسرائيلي على أهبة الاستعداد.

ضمن التصريحات الإسرائيلية التي تشير إلى خطورة الأوضاع في قطاع غزة، واقترابها من حافة الانفجار جاءت تصريحات وزير الاتصالات يهودا كاتس، الذي اتهم وزير الحرب بإعاقة تحسين أحوال الناس في غزة، مما يهدد بالانفجار، وسبق ذلك رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست آفي ديختر، الذي هدد بحرب غير مسبوقة على غزة، على خلاف تصريح رئيس جهاز الشاباك السابق آفي ديسكن الذي اتهم الحكومة بالضعف، وعدم القدرة على اتخاذ القرارات الحاسمة.

وسط هذه اللوحة السريالية المعقدة من التحركات الميدانية والتصريحات الإسرائيلية، إلا أن شبح الحرب لما يزل بعيداً، فكل الدلائل تشير إلى عدم وجود نية جدية للقيادة السياسية الإسرائيلية بالتورط في حرب غير معلومة النتائج ضد غزة، إذ تأتي الأولوية في هذه المرحلة للجبهة الشمالية، كما أشار إلى ذلك رئيس الأركان جابي ايزنكوت، حين أكد أن العدو الأخطر على إسرائيل هو حزب الله، ثم إيران، ثم حركة حماس، ولكنه أضاف: إن الجبهة الأقرب للاشتعال سريعاً هي جبهة غزة، وهذا ما لا يرغب به قادة الجيش الإسرائيلي أنفسهم، الذين اختبروا قدرات المقاومة في ثلاث حروب سابقة، وهو ما تجمع عليه الحكومة الإسرائيلية المتطرفة التي تدرك بحكم الواقع أن لا فائدة سياسية سيجنيها الصهاينة من حرب جديدة ضد غزة، ولا قدرة لهم على تغيير الواقع، وقد يكون حال غزة المحاصرة والشاكية من العقوبات والعذاب هو الأنسب لأعدائها من محاربتها بشكل مباشر، كما صرح بذلك وزير الحرب ليبرمان، حين قال: سنترك غزة تتعذب من الحصار ومن عقوبات السلطة؛ حتى يخرج الناس في غزة بأنفسهم ضد حركة حماس!.

فهل سيخرج الناس في غزة ضد المقاومة، أم سيخرج الناس وحماس معاً إلى الحدود مع دولة الصهاينة، في زحف جماهيري عاصف، يطالب بحق العودة إلى فلسطين، ويطالب المجتمع الدولي بتطبيق قرار 181؟ الأيام القادمة تحمل لنا الجواب.

بقلم/ د. فايز أبو شمالة