يهل علينا شهر رجب الذي حصلت به حادثةُ الإسراءِ والمعراج الذي فرضت به الصلاة وكان القبلة الأولى للمسلمين على مدى سبعة عشر شهراً حيت أمَر الله بعدها وفي ذات الشهر بتحويل قبلةِ المسلمين من بيت المقدس إلى الكعبة المُشرفة .. مما يعني أن هناك روابط مشتركة ما بين أولى القبلتين " المسجد الأقصى " و " بيت الله الحرام " ولا تنفصم عراها لما يجمعهما من قدسية المكان إلى جانب التوحيد ، وهذا دليل بين على قدرة الخالق في صنع ما يشاء ونصر عباده الموحدين خاصة وأن تلك الحادثة كانت في وقت يصعب على العقل البشري حينذاك تصورها وإمكانية حدوثها ، لكنها لا تُعجز خالق الكون القادر على كل شيء فقد أوجد الكون من العدم فكيف يعجز عن فعل حادثة كهذه بلمح البصر وقد تركت عظيم الأثر الإيجابي على سيد الخلق وعبده الصادق الأمين محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم في فترة عصيبة عليه وعلى صحبه الغر الميامين الذين كانوا على الحق ثابتين وعلى ما يتعرضون له من إيذاء وضيم صابرين ، فكانت لهم البشرى بفرج الله القريب بكلمات ما زالت تؤكد ما يجمع كلا المسجدين في كلا المكانين " مكة المكرمة والقدس الشريف" ، فتدبروا في معاني آياته الكريمة ومراميها :
" سبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُط" سورة الإسراء".
وهذه الآيات بمثابة وثيقة ربانية ألقت بمسؤولية رعاية هذا المسجد في بيت المقدس وحمايته على أمة الإسلام في مختلف العصور ، مذكرة إياهم بمسؤوليتهم تجاهه وما حوله ، وكان من المساجد الثلاثة التي يشد إليها الرحال والصلاة فيه بـ 500 صلاة هذا ما نسب إلى رسولنا الكريم بهذا الشأن وما يؤكد مكانته في الاسلام، والمسؤولية الشرعية على المسلمين في حمايته ورعايته وصيانته، وعدم جواز التفريط ، أو التهاون في الذود عنه وضرورة استرجاعه ممن سلبه منهم ،فضعف الأمة وتشتتها والاجتهادات الخاطئة وما يصدر بين فينة وأخرى من إعفاء الأمة عن دورها في حمايته تسهم في مزيد من الفرقة وفقدان احترام الشارع لمروجيها ، وهذا دفع بريطانيا للتآمر على أرض الإسراء والمعراج وما حولها بيت المقدس عاصمة فلسطين بإصدار وعد بلفور وما جعل ترامب يتجرأ بالاعتراف بالقدس عاصمة للدولة العبرية والتوجه لشطب فلسطين من الخارطة السياسية العالمية بعد شطبه لحق عودة اللاجئين الفلسطينيين وتماديه في غيه بالاحتفال عما صدر عنه بنقل سفارة بلاده إليها يوم قيام دولة الاحتلال الصهيوني على أرض فلسطين.
ومنذ قيام دولة الاحتلال الصهيوني لفلسطين واحتلالها للقدس والضفة الغربية والمحاولات الصهيونية حثيثة لتدمير المسجد الأقصى وإزالته وإقامة الهيكل المزعوم مكانه، وهم يعملون على تحقيق ذلك بشتى الطرق والحيل والمخططات.. فكان الحريق الاجرامي الشهيرللمسجد عام 1968، وقبله وبعده العديد من الاختراقات التي قام بها متطرفون صهاينة في حماية سلطات الاحتلال، ومحاولات تقسيمه مكانياً وزمانياً ووضع كاميرات مراقبة للداخلين إليه والخارجين منه .
الاردن وفلسطين تبذلان وشعب فلسطين وسكان القدس وحراس الأقصى يبذلون جهدهم المتواصل لحمايته والقدس من خطر الهدم والتهويد وهما الآن بأمس الحاجة للمساندة والوقوف بحزم أمام العدو الصهيوني وتوجهات الإدارة الأمريكية الترامبية المتحالفة معها والتي تحاول جاهدة لتبني وجهة النظر الصهيونية بالنسبة لفلسطين وشعبها والقدس ونورها الساطع المسجد الأقصى على وجه الخصوص ، فمن يساند القدس والأقصى ويقف بحزم ضد الاعتداءات والتخريب والتدمير الممنهج على ايدي الصهاينة... وبأفعال وحشية لم يسبق لها مثيل من حيث التخطيط الممنهج والتزييف السافر للحقائق، والادعاءات الكاذبة...
والسؤال الذي يطرح نفسه أين أمة المليار والسبعمائة مليون مسلم من نصرة الأقصى وحمايته من التدنيس والتدمير والعدوان المستمر؟؟ وأين منظمة المؤتمر الإسلامي من ذلك وأين الأمة العربية من الذود عن حياض الأرض العربية في فلسطين ؟؟
عبدالحميد الهمشري - كاتب وباحث بالشأن الفلسطيني