منظمة التحرير .... وحدانية وشرعية التمثيل .

بقلم: وفيق زنداح

منذ تأسيسها قبل عقود في منتصف الأول من ستينيات القرن الماضي ....ومنظمة التحرير الفلسطينية بكافة مؤسساتها المجلس الوطني ....والمجلس المركزي ...واللجنة التنفيذية .... والصندوق القومي وكافة المؤسسات الشعبية ...والنقابات المهنية .... تشارك بأعمال المؤسسات التابعة لمنظمة التحرير .
كان تأسيس المنظمة تحولا استراتيجيا .... بالقضية الوطنية الفلسطينية ...وما جري من اعترافات متتابعة بفعل وضوح الحق الوطني ....والدعم والالتفاف الفلسطيني حول المنظمة .... كما الدعم العربي والدولي والذي جاء بمحطات تاريخية عديدة حتى وصلنا الي وحدانية التمثيل بقرار قمة الرباط .
الاعتراف العربي الاسلامي الدولي ..... جاء تتويجا لمسيرة نضال طويل ....ومواجهة ما كانت تتهم به المنظمة من مسميات الارهاب .... والعنف ... وما ثبت بالدليل القاطع بخطاب السلام الذي أعلن عنه الزعيم الراحل ياسر عرفات ..... بخطابه الشهير امام الجمعية العامة بالأمم المتحدة .
ما بعد التأسيس ....وعلى طريق مسيرة النضال الطويل والتي لا زالت قائمة بكافة تحدياتها ....ومصاعب طريقها .... ازدادت الاعترافات الدولية .... وأصبحت منظمة التحرير بمثلياتها وسفاراتها وقنصلياتها بالغالبية العظمي من دول العالم .... وأصبحت عضوا بالجمعية العامة للأمم المتحدة ومؤسساتها ....وحصلت على عضو مراقب على طريق عضوية كاملة ....بعد عضويتها بمنظمة الثقافة والعلوم اليونيسكو ومحكمة الجنايات الدولية والعديد من المؤسسات ذات الصلة بحقوق الانسان والتي تستند الي القانون الدولي الانساني .
المؤسس الأول المرحوم أحمد الشقيري الذي كان قائدا وطنيا ..... ومؤسسا لجيش التحرير الفلسطيني .....الذي كان يمثل طليعة الكفاح الوطني ......والذي تخرج من خلاله عشرات الضباط والقيادات والجنود ....والذين كانوا لبنة أساسية لقوات الثورة الفلسطينية ولقوات التحرير الشعبية العاملة داخل الارض المحتلة في ذلك الوقت .
ما بعد رحيل المرحوم أحمد الشقيري تولي مسئولية المنظمة المرحوم يحيي حمودة ولفترة وجيزة ....حتى عضوية الفصائل الفلسطينية من أحزاب قومية ويسارية ....وشخصيات وطنية مستقلة ...وكان الأبرز بالمشاركة والعضوية وحتى القيادة بمنظمة التحرير حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح ...باعتبارها كبري الفصائل الفلسطينية وعلى رأسها الزعيم الشهيد الراحل ياسر عرفات .
استمرت منظمة التحرير بمشوار نضالها وعلى كافة الجبهات ..... وبمواقع العمل الفلسطيني حتى نالت من قمة الرباط صفة وحدانية التمثيل للشعب الفلسطيني بكافة أماكن تواجده ..... وما تحقق بعد ذلك من نتائج سياسية ودبلوماسية ووطنية ..... لبداية مرحلة جديدة من النضال الوطني الفلسطيني ......كانت الأبواب مغلقة.....و قد فتحت أمام الرئيس الراحل ياسر عرفات .... الذي تحدث أمام الامم المتحدة حتى أنه تم نقل مقر وعقد الجمعية العامة من نيويورك الي جنيف بسويسرا ..... لعدم قبول أمريكا بمنح تأشيره دخول للرئيس عرفات للأراضي الامريكية .
استمرت القيادة الفلسطينية برفع غصن الزيتون..... كما رفع البندقية ..... بخطاب سلام يؤكد على الحقوق والثوابت وقرارات الامم المتحدة منذ القرار 181 ذات العلاقة بالتقسيم .....والقرار 194 ذات العلاقة بعودة اللاجئين ..... وحتى الوصول الي الدورة التاسعة عشر للمجلس الوطني بالجزائر .... والقبول بالقرارين 242- 338 ....والذي شكل تحولا سياسيا استراتيجيا يعبر عن شجاعة القيادة ....واتخاذها لخطوات متقدمة في ظل حصار سياسي ومالي لمنظمة التحرير ....وفي ظل خروج قوات الثورة الفلسطينية من لبنان الي تونس واليمن والسودان وسوريا ...وما بعد محاولة انشقاق جماعة أبو موسي التي ماتت بمهدها لعدم امكانية تقسيم فتح ..... وعدم القبول بتشتيت التوجهات الفلسطينية ....واضعاف الموقف الوطني ....والسماح بالتدخل بالشؤون الداخلية ..... واعتماد القرار الوطني المستقل .
كانت المزاعم الدولية حول خيار الكفاح المسلح .....وما كان يعتبر من وجهة نظرهم عنفا غير مبرر ....رغم أن القانون الدولي يسمح للشعوب المحتلة أن تناضل من أجل حريتها.... وانهاء الاحتلال لأرضها وحق الشعوب بتقرير مصيرها .
أدركت القيادة الفلسطينية أن عليها أن تختار طريق العمل السياسي .... وكسب المزيد من القرارات الدولية..... في ظل معادلة دولية ...وواقع عربي لا يسمح بخيار الكفاح المسلح ....لاعتبارات المصالح ...كما لاعتبارات ذات علاقة بطبيعة دولة الكيان ...والانحياز الامريكي الداعم لها .
كانت المشاركة بمؤتمر مدريد للسلام بالعام 91 تحولا سياسيا استراتيجيا ...... كما كانت اتفاقية أوسلو في سبتمبر 1993 بداية مرحلة جديدة ..... لها متطلباتها .....وأدواتها ....ووسائل نضالها .... وحتى خطابها السياسي والاعلامي .
كانت البداية مرحلة تأسيس السلطة الوطنية الفلسطينية بقرار من المجلس المركزي الذي كان قد أصدر قرارا قبل سنوات ....يؤكد على حق الشعب الفلسطيني بإقامة سلطته على أي أرض يتم تحريرها ....وهذا ما يؤكد ان قرار تأسيس السلطة كان سابقا لاتفاقية أوسلو التي سهلت تجسيد وتأسيس هذه السلطة .
ما حدث من متغيرات سياسية .... بالموقف الفلسطيني لم يكن بحسابات الصهيونية العالمية وحساباتها السياسية ..... ولم تستطع الاحزاب والقوي السياسية الاسرائيلية وخاصة اليمين منها من ادراك الخطاب السياسي الفلسطيني .... حتى كان فعلهم بقتل اسحاق رابين أحد زعمائهم .... وقادتهم ..... السياسيين والعسكريين .... مما يدلل على أن المجتمع الاسرائيلي من خلال أحزابه وحركاته السياسية لم يصل بعد الي لحظة القدرة على اتخاذ قرار السلام .....وهذا ما تأكد من خلال سياسة العدوان والجرائم اليومية ..... وما جري بأرضنا من استيطان وجدار عنصري ...وما قامت به دولة الكيان من محاولات دائمة لضرب وتدمير مؤسسات السلطة ...واعاقة تقدمها .... وابطال فعلها حتى لا تتمكن من تقديم خدماتها ....وتولي مسئولياتها ..... وبالتالي افساد الاجواء ...وخلق حالة من عدم القدرة على تنفيذ المهام الوطنية ...والحياتية للشعب الفلسطيني .
كان المخطط مدروسا من قبل اسرائيل والولايات المتحدة .... التي عملت على اضعاف السلطة ...ومحاولة تركيعها ...وقبولها بأي عرض سياسي للتسوية ..... حتى كانت المفاجأة من قبل حكومة الكيان والادارة الامريكية السابقة برفض الرئيس الشهيد ياسر عرفات والقيادة الفلسطينية.... لما كان يطرح من حلول غير عادلة ولا تحقق الحد الادني من الحقوق الوطنية الفلسطينية .
استمرت دولة الكيان والولايات المتحدة بسياستهم التعسفية ومحاولاتهم التحريضية ..... والعمل على اقناع بعض دول العالم أن القيادة الفلسطينية لا تريد السلام ..... فكان حصار الشهيد ياسر عرفات بمقر المقاطعة برام الله .... وكانت الجولات الامريكية والضغوط العسكرية الاسرائيلية وبعض الضغوط العربية..... بمحاولة تغيير المعادلة السياسية .....والحصول على تنازل الرئيس الشهيد ياسر عرفات ....الا أن الفشل كان حليفهم..... فما كان منهم الا أن يخططوا لاغتياله وتسميمه لعل وعسي أن يكون بالقيادة الجديدة امكانية التنازل والقبول بما عرض على الشهيد ياسر عرفات .
كانت المفاجأة لحكومة الكيان والولايات المتحدة أن القيادة الجديدة برئاسة الرئيس محمود عباس وفي ظل منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد وعبر كافة المؤسسات التابعة لها ....وبجماهير شعبنا الملتفة حولها .....قد أكدت على القديم..... كما هو الجديد.... بالموقف الوطني الفلسطيني ....والذي لا يقبل بالتنازل والتفريط ..... بل يؤكد على الحقوق الوطنية الثابتة والتي لا تقبل القسمة ....كما منظمة التحرير ومؤسساتها .
واليوم ونحن ما بعد ايام قليلة ....سيعقد المجلس الوطني الفلسطيني بنهاية الشهر الحالي في ظل مقاطعة البعض القليل .... ولأسباب لا نعرف عن حقيقتها ...فالحديث عن عقدة التركيبة القائمة ...... كما عقدة المكان..... ليست بالأسباب التي توفر لأحد الاسباب المقنعة بعدم المشاركة..... الا اذا كانت الاسباب الحقيقية لها أسبابها السياسية ....كما لها أطماعها القيادية .
أسباب أري أنها واهية ...وذريعة واضحة .....لعدم تجديد الشرعيات..... وابقاء الحالة الفلسطينية في دائرة الخطر ..... والانهيار في ظل تحديات سياسية ..... يطول الشرح والتفصيل فيها ..... أي ملاحظات على منظمة التحرير أو على السلطة الوطنية.... يقابلها الكثير من الملاحظات والاعتراضات على بعض الفصائل والحركات التي لا تخلو من العيوب ...كما لا تخلو من الثغرات .....التي لا يجري الحديث حولها ....ولا المراجعة فيها .... ولا التقييم حولها ....ولا النتائج التي تحققت من وراء مثل هذه المواقف .
وكأن منظمة التحرير والسلطة الوطنية الأسهل نقدا .... لبعض تلك القوي .... بل الأكثر هجوما عليها لأسباب عديدة .... فلا يريدون المشاركة بالمؤسسات بصفة العضوية ......والشراكة السياسية .... ولا يريدون المشاركة لمن ليسوا أعضاء بصفة مراقب ....يريدون الابقاء على مواقفهم .....لاعتقادهم أن في موقفهم صحة وقوة لهم ......ولا يدركون أنها اضعاف لهم وتشتيت للجهود..... وتفتيت للطاقات ....ومخاطر اضافية حول قضية وطن وشعب .
منظمة التحرير ممثلنا الشرعي والوحيد بكافة أماكن التواجد تعمدت بدماء عشرات الالاف من الشهداء والجرحى والاسري .... ولها تاريخ نضالي طويل وما زالت على مواقفها الوطنية الثابتة ..... ولا زالت على تصديها لكافة مخططات التآمر الاسرائيلي الامريكي ....وحتى لمحاولات تفتيت وحدتنا .
الشعب الفلسطيني ملتف حول منظمته .... ولا مجال لمحاولات عبثية .... وقفزات هوائية..... لإنتاج أجسام موازية.... أو بديلة ....فالتاريخ الوطني الفلسطيني..... وبعض القوي قد دخلت بدهاليز مثل هذه الافعال ..... ولكن كانت نتيجتها الفشل ....وطلب السماح والعفو ....والقبول بالعودة من جديد .
الكاتب : وفيق زنداح