صعبً علي تأبينٍ حبيبٍ في قامة الصحافي الفدائي احمد ابو حسين. يزيد الموقف صعوبةً عندما تصمت الحروف خجلا أو حدادا أمام شاب كان يحلم بان يصبح له أسرة مستقرة يحملها معه في طريق العودة إلى مسقط رأسه نعلية، فتعترض حلمه رصاصة قاتل جاء من بلاد مدنسة بالجريمة ليلوث بالدم ارض الانبياء.
لم تشفع له إشارة الصحافة الواضحة على صدره, ولا والخوذة التي كان يعتمرها الشهيد, كان غزالا يقفز بين الحقول يسجل الجرائم واحدة بعد الاخرى. صار الغزالُ هدفا فقتلوه. صار الشاهد شهيدا على البوابة الشرقية لمخيم الشهداء جباليا. يا لهذا المخيم كم ودع من الشهداء الطيبين كخبزٍ الفقراء.
منذ انطلاق مسيرات العودة الكبرى بذكرى يوم الارض في الثلاثين من الشهر الماضي، تنبهت قوات الاحتلال لخطر الصحفيين فراحت تستهدف "عين الحقيقة" لتغييبهم عن تسجيل الجريمة.
ان جريمة اغتيال الصحفي أحمد تمثل اصرارا من جيش الاحتلال على الاستمرار في ارتكاب الجرائم المتعمدة بحق الصحفيين الفلسطينيين، بتغطية وتحريض من المستوى السياسي الاسرائيلي على قتل الصحفيين وابعادهم عن مسرح الجريمة بشتى الوسائل.
لقد تجلى تلاحم الصحفيين مع الزميل احمد في اروع صوره، بدءا من الوقفة التضامنية أمام المستشفى الاندونيسي الذي كان يرقد فيه الصحفي الجريح، ومن ثم وداعه ليلا عند مغادرته غزة، ليجد حشدا من الصحافيين في استقباله أثناء وصوله فجرا مجمع فلسطين الطبي في رام الله، ووداعه في مجمع فلسطين الطبي واستقباله في مستشفى تل هاشومير بالداخل المحتل. هكذا, في كل مكان وصله الصحافي الجريح. كان عشرات الصحافيين في وداع الحبيب احمد, وكأنهم يقولون له: بكل أنانية ذهبت وحدك, وقررت وحدك, وتركتنا في حيرةٍ بعدك. نم يا رفيقنا بسلام, ودع لنا ألم الانتظار ومهمة كشف الحقيقة وفضح القتلة, حتى يأتي دورنا فنكون فضيحة أخرى للقتلة, ونلحق بك شهيدا وراء شهيد.
كل هذه اللوحة ابرزت تلاحم الجسم الصحفي، ووحدة الحال والوجع والمصير، لتكون ردا عمليا على رصاص وبطش الاحتلال، وكل من يحاول المساس بوحدة الجسم الصحفي.
المجد لشهيد الحقيقة أحمد أبو حسين وكل شهداء شعبنا.
رامي حسين الشرافي