غزة والمزاج الإسرائيلي

بقلم: فايز أبو شمالة

على عكس تصريحات قادة المقاومة الفلسطينية، وعلى خلاف الشعور الفلسطيني بالفخر لما تحقق من انجاز قصف المستوطنات الصهيونية، والتي أسفرت عن فرض معادلة اشتباك جديدة، على عكس هذه الحالة الفلسطينية كانت حالة الإسرائيليين، الذي اعتبروا أنفسهم منتصرين في الجولة الأخيرة من المواجهة، وذلك لأنها أفضت على تثبيت حالة الهدوء على جبهة قطاع غزة.

فقد أظهر استطلاع للرأي أجراه موقع "وللا" العبري أن معظم الجمهور الاسرائيلي يعتقد بأن "اسرائيل" قد انتصرت في جولة القتال الأخيرة مع حماس في غزة، حيث صوت 55% من الجمهور بأن "اسرائيل" هي من انتصر على حماس في الجولة الأخيرة، في حين صوت 19%  فقط بأن حماس من انتصر على "اسرائيل" في الجولة الأخيرة.

فإذا علمنا أن نتائج الجولة الأخيرة من المواجهات المسلحة بين المقاومة الفلسطينية والصهاينة لم تسفر عن فرض أي شرط إسرائيلي، ولم تغير قواعد الاشتباك المعمول بها من أربع سنوات، فإن ذلك يعني بأن أقصى حلم للإسرائيليين هو استمرار حالة الهدوء، وليس سحب سلاح المقاومة، وليس تصفية المقاومة، وليس تدمير سلاح المقاومة كما تطالب قيادة السلطة الفلسطينية، وكما كانت تطالب القيادات الإسرائيلية في الفترة السابقة.

إن الذي يؤكد هذا الاستنتاج، والذي يؤكد هذا التحول في الفهم الإسرائيلي لواقع غزة، هو نسبة الإسرائيليين الرافضين لاحتلال قطاع غزة مرة ثانية، إذا أظهر الاستطلاع ذاته أن غالبية الإسرائيليين يعارضون إعادة احتلال قطاع غزة، حيث صوت 58% بمعارضة احتلال غزة، في حين صوت 29% فقط  مع العودة لاحتلال قطاع غزة.

أزعم أن تواضع الإسرائيليين، وتراجع أطماعهم تجاه غزة، وإحجام غالبيتهم عن التفكير في احتلال قطاع غزة لا ينبع من الزهد في الاعتداء، ولا ينبع من الإنسانية الزائدة، ولا ينبع من القدرة والتأفف، وإنما هو تقدير موقف ميداني دقيق من قبل الإسرائيليين، ويقوم على الحذر اعتماداً على مجمل التقارير والتقديرات واللقاءات التي تنشرها وسائل الإعلام الإسرائيلية، وتقوم على الرؤية الدقيقة لواقع غزة التي باتت حجر صوان لا تكسره القبضة العسكرية الإسرائيلية.

نتائج استطلاع الرأي الإسرائيلي هذه ستكون حاضرة في القرار السياسي الإسرائيلي، ويجب أن تكون حاضرة في وجدان للشعب الفلسطيني الذي اقتنع بان المقاومة هي أنجح الطرق القادرة على تغيير التفكير الإسرائيلي، وكسر عنجهية العدوان التي يعشعش في رأس قيادة إسرائيلية أيقظتها غزة من صلفها، وستجبرها لإعادة قراءة واقع الصراع بشكل جديد.

 

د. فايز أبو شمالة