الإدارة الأمريكية لماذا تعادي الشعب الفلسطيني ..؟!

بقلم: عبد الرحيم محمود جاموس

سؤال قد يبدو ساذجاً أو سخيفاً للوهلة الأولى، لكن أرى من الضروري طرحه، والطلب من الإدارة الأمريكية والأمة الأمريكية تقديم الجواب عليه، وأن لا نتسرع ونقدم أجوبتنا الجاهزة على هذا السؤال، والمستندة لمنظومتنا الثقافية والعقدية والتاريخية، نريد أن يأتينا الجواب من الإدارة الأمريكية ونخب المجتمع والشعب الأمريكي مباشرة الذي يمارس هذا العداء بإسمه من قبل إدارته ومؤسساته، علينا أن نترك المهمة لهم في البحث عن جواب مقنع لمبررات هذه المواقف العدوانية تجاه الشعب الفلسطيني وتطلعاته الوطنية المشروعة.

يوجد على سطح الكرة الأرضية مائة وثلاثة وتسعون دولة، وماذا يضير العالم والولايات المتحدة تحديداً أن يصبح عدد دول العالم (194) دولة ؟! لماذا تتنكر الولايات المتحدة لأن يكون للشعب الفلسطيني دولته شأنه شأن كل شعوب الأرض التي أسست دول وأصبحت عضوة في الأمم المتحدة ؟!

هل ستشكل هذه الدولة الفلسطينية الوليدة خطراً على الأمة الأمريكية ومصالحها فعلاً ؟! إني أشك في ذلك، لأن دولة صغيرة مثل دولة فلسطين إن ولدت ليس بإمكانها أن تشكل أي خطر على دولة كبرى مثل الولايات المتحدة لا ثقافياً ولا إقتصادياً ولا أمنياً ولا أي شكل من أشكال الخطر الذي يبرر للإدارة الأمريكية ومؤسساتها هذه العدائية السافرة، وأن يدفعها لإحتضان مشروع إستعماري مثل (الكيان الصهيوني) مناهض لكافة القيم الإنسانية المعاصرة، وفي مقدمتها القيم التي تنادي بها الأمة الأمريكية وإداراتها المتعاقبة ..!

سوف أستمر في طرح هذا السؤال السخيف والساذج، لأن معاداة الولايات المتحدة للشعب الفلسطيني وتطلعاته في الحرية والإستقلال هي التي تمنح الصراع العربي الفلسطيني الإسرائيلي الديمومة والإستمرار، ولأنها توفر شبكة الأمان للكيان الغاصب لإستمرار عدوانه على الشعب الفلسطيني الذي يثبت يوماً بعد يوم تمسكه في حقه في الحياة في أمن وسلام في وطنه فلسطين وليس في أي وطن آخر يدعيه...

الإدارات الأمريكية لا تتعلم من تجاربها، والتي كلفت شعوب العالم ملايين الضحايا، كما كلفت أمريكا مليارات الدولارات ومئات ألوف الضحايا، وفي نهاية تلك الصراعات كانت الغلبة للحقائق التاريخية والإجتماعية للشعوب المعتدى عليها، والتجارب القديمة والحديثة تؤكد على ذلك من الهند الصينية في الفيتنام والكوريتين وكمبوديا وجنوب أفريقيا وأمريكا اللاتينية والتي تورطت فيهن الولايات المتحدة في حروب دامية في النصف الثاني من القرن العشرين، فانتصرت فيتنام وكمبوديا وانتصرت الحقائق التاريخية والإجتماعية والثقافية لتلك الشعوب على العدوانية الأمريكية التي أزهقت ملايين الأرواح من تلك الشعوب وألحقت الدمار والخراب فيها، هل تسعى الولايات المتحدة أن تستمر في معاداة الشعب الفلسطيني من خلال إستمرار إنحيازها ضد تطلعاته، والإصطفاف والتبني الكامل للمشروع الصهيوني واستمرار عدوانه على الشعب الفلسطيني، إلى أن يسقط ملايين الضحايا ويعم الخراب والدمار المنطقة ..؟! حتى تصل إلى النتيجة الحتمية أن لا مبرر وجيه لمعاداتها للشعب الفلسطيني، وأن مواقفها وسياساتها التي تتخذها وتمارسها وتعبر عنها خاطئة ولا فائدة منها تعود على الولايات المتحدة وشعبها، وأن الأضرار التي قد تلحق بأمريكا ومصالحها وبقية دول العالم ومصالحه، أكثر من أية عوائد قد تعود على الولايات المتحدة جراء تلك السياسات والمواقف العدائية من الشعب الفلسطيني وتطلعاته المشروعة.

إن تجارب الشعوب وتاريخ الصراعات ما بينها وبين القوى الإستعمارية عبر التاريخ تعطي إجابة واحدة وهي حتمية الإنتصار على المستعمر وعلى المحتل، وزواله وإنقشاعه ...

كما تمكنت كافة الشعوب التي ناضلت من أجل الحرية والإستقلال من إنتزاع حريتها وإستقلالها من الجزائر إلى فيتنام ولاوس وجنوب إفريقيا إلى غيرها من الشعوب التي خاضت حروب التحرر الوطني وبأشكال وأساليب مختلفة، سوف يتمكن الشعب الفلسطيني أيضاً من الإنتصار على خصومه وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية العاجزة عن تفسير سبب هذه العدوانية للشعب الفلسطيني، والإنحيازية المطلقة للمشروع الصهيوني الإستعماري، كما تعبر عنها الأفكار المسربة (عن صفقة القرن) والمواقف أو القرارات المعلنة التي إتخذتها الإدارة الأمريكية العمياء والهوجاء إزاء الشعب الفلسطيني وقضيته.

بقلم/ د. عبد الرحيم جاموس