بعد عصور طويلة من الإهمال والجهل والنظرة الدونية التي امتلكت واقع المجتمعات البشرية ، وما جرى وبرز من أعمال محاصرة المرأة ووضعها بخانات وزوايا الخدمة والإنجاب ، وتغيبها عن أعمال عديدة ومهام متعددة ، تحت عناوين العادات البالية والموروثات والخزعبلات الاجتماعية التي زادت من بعض الأفكار التي تتجاهل عن قصد مدى إمكانيات المرأة في العمل والمنافسة وتحت عناوين ومسميات تم توارثها على اعتبار الخوف وطلب السترة والشرف وغيرها من العناوين والمسميات التي لا نناقش فيها، والتي تلزم الجميع منا ، ولا حوار حولها ولا جدل ونقاش في مضمونها ،لأنها تعتبر أساسيات أخلاقية ودينية واجتماعية لا يمكن الخروج عنها ولا يمكن التلاعب بها تحت أي عنوان ومسمى .
إلا أن المنافسة بحد ذاتها مسألة إنسانية إيجابية يقوم عليها ويسير على دربها كل من يمتلك قدرة العلم والعمل والخبرة المتراكمة ، ومن تتوفر بداخله متطلبات ومهارات العطاء المتميز .
ونحن في هذا العصر عصر العلم والتكنولوجيا والانفتاح الإنساني على كافة الثقافات ، وجدت المرأة نفسها أمام تحديات كبيرة فإما إبقاء نفسها في دائرة المجهول والإهمال والنظرة الدونية ، وإما الانطلاق في رحاب العلم والمعرفة والعمل المتميز واثبات الذات وامتلاك قدرة العطاء ومنافسة الرجل في العديد من المواقع والمهام .
بشتى ميادين العلم والمعرفة والمهن نجد المرأة قد تجاوزت الكثير من التقاليد البالية ، وأثبتت ذاتها وطورت من قدراتها وامتلكت من العلم والخبرة ما يمكنها من المنافسة القوية مع الرجل في ميادين عدة وعلى مستوى مهن عديدة كانت من اختصاص الرجل دون المرأة ، وكان حولها الكثير من القيود والعادات البالية .
المرأة وقد دخلت بمرحلة منافسة الرجل في ميادين عديدة ومهن متعددة كالطب والصيدلة والمحاماة والاعلام والتدريس الجامعي والأساسي والتدريب بكافة أشكاله وأنواعه ، على اعتبار أن المرأة قد تجاوزت بقدراتها الهائلة مراحل التعليم الأساسي الى رحاب التعليم الجامعي والدراسات العليا واكتساب المزيد من الخبرات في العلوم والمهن المختلفة وأخذت على عاتقها استكمال مسيرة حياتها بقوة أكبر وبعطاء متميز وبإثبات لذاتها ، وبمنافسة عالية مع الرجل ، وليس صراعا مفتعلا نتائجه خسارة مجتمعية .
المنافسة القوية للمرأة لا تشكل أي شكل من أشكال الصراع مع الرجل في سوق العمل ، بل انها تشكل حالة تكاملية لأداء رسالة إنسانية اجتماعية تقوم على خدمة المجتمع والارتقاء به .
المرأة وقد حدث عليها الكثير من التطور في مجال التعليم والمهن العديدة التي قامت عليها ، والتي أكدت على أن المرأة قادرة بفعل ارادتها وعلمها وخبراتها المتراكمة وايمانها العميق بدورها ، أن تحدث حالة فريدة من نوعها ، وأن تشارك بقوة تنافسية مع الرجل في العديد من المجالات المهنية والعلمية .
لقد حدث تحول كبير في نظرة المجتمع للمرأة بعد أن حققت الكثير من النجاحات ، وبعد أن أثبتت لنفسها ولمن حولها أنها جديرة بمكانتها المتألقة ، كما أنها جديرة بنظرة المجتمع ، والتي تتسم بالإيجابية والثناء والتقدير ومحاصرة كافة النظرات الأحادية والاجتهادات البالية والعادات المقيتة التي تحاول وقف تقدم المرأة وانجازها لأعمالها وتميزها بمهنتها ، في نظرة سوداوية امتلكت بعض من عشعش بعقولهم أمراض بالية لعادات قاتلة ، لا تتلاءم بمعطيات الواقع وتطوره ، ولا تعبر عن حضارة إنسانية أصبحت فيها المرأة رقم صعبا لا يمكن تجاوزه ، وبعد أن مارست المرأة الكثيرة من المهن والوظائف العامة والخاصة والتي أخرجتها من دائرة الإهمال والنظرة الدونية التي امتلكت بعض من أصابهم الاندهاش والاستغراب ، لما تحدثه المرأة من تقدم وتطور فاق تصورهم وتقديراتهم ، مما جعل من المرأة منافسا قويا للرجل .
الكتابة عن المرأة ومنافسة الرجل ، لا يعني بالمطلق أننا بحالة صراع حول الأقوى والأقدر ....لكننا بحالة تنافس إيجابي تكاملي حتى نشكل قوة من العمل الإيجابي لخدمة المجتمع والأجيال وتحقيق التطور الإنساني العلمي والمهني والاجتماعي والاقتصادي .
نحن بحاجة الى كافة الجهود من أجل معالجة سلبيات المجتمع، والعمل على الارتقاء بكافة مكونات المجتمع ،لإحداث ثورة داخلية نواجه فيها عوامل التخلف والتراجع والتضليل والخداع ، وحتى نجعل من المجتمع بأجياله المتعددة قوة قادرة على مواجهة خطابات التخلف التي تجد في بعض الأحيان من يرددها ومن يعمل على نشرها .
الوعي المجتمعي الذي يمكن أن تحدثه المرأة بتعاونها مع الرجل كفيل بإحداث التماسك والقوة المجتمعية وعدم إمكانية اختراقها مهما تعددت الأسباب والظروف .
ستبقى المرأة بعلمها وثقافتها واهتمامها بذاتها وتراكم خبراتها قوة هائلة قادرة على منافسة الرجل ، الذي عليه الكثير من الاهتمام بقدراته وتطور ذاته، حتى يتمكن من احداث المنافسة ، والتي بمجملها ستكون لصالح المجتمع والأجيال .
بقلم/ ريم زنداح