جامعة الحسن الثاني المغربية تكرم مجموعة من كبار الأساتذة الفلسطينيين

كرمت كلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية في عين الشق بالدار البيضاء، مجموعة من الأساتذة الفلسطينيين المخضرمين من ذوي الإسهام الكبير في الحياة الأكاديمية والعلمية في المملكة المغربية، وذلك في إطار ندوة علمية تحت عنوان "الجامعات المغربية  والقضية الفلسطينية" نظمتها الجامعة بالشراكة مع مركز الدراسات والأبحاث في علوم السياسة والقانون الدستوري  ومختبر القانون العام والعلوم السياسية.

الأساتذة الذي تم تكريمهم هم مصطفى الجفال، محمد الحاج قاسم، عبد الفتاح عودة، غازي صلاح أبو العينين، جبر أبو طافش. وقد جرت فعالية التكريم بحضور شخصيات أكاديمية وعلمية مغربية وحشد من الطلبة والباحثين المغاربة والفلسطينيين، حيث تم الحديث عن موضوع إسهام الأساتذة والطلبة الفلسطينين في إذكاء الوعي القومي العربي في الجامعات المغربية والتعريف بالقضية الفلسطينية ومكانتها في أجندة النضال الجامعي بالمغرب.

وقد ألقى الأستاذ عبد اللطيف كمات عميد كلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية في عين الشق كلمة أشاد فيها بالدور الكبير الذي لعبه الأساتذة الفلسطينيون في الجامعات المغربية وخاصة الأساتذة المكرمين، مؤكدا على عمق العلاقة التاريخية بين الشعبين المغربي والفلسطيني.

فيما إستعرض الأستاذ محمد الحاج مسعود أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق في جامعة الحسن الثاني، السيرة الذاتية للأساتذة المكرمين ومساهمتهم الجليلة في النهوض بواقع التعليم في الجامعات المغربية على مدى ما يقارب أربعين عاما من العمل ضمن كادر التعليم في المغرب، إلى جانب تمثيلهم المرموق للقضية الفلسطينية في مختلف المحافل، مشيرا أن دروهم قد أضفى نكهة خاصة على شكل التلاحم المغربي الفلسطيني العالي.

الأستاذ مصطفى الجفال الذي تم تكريمه في الحفل، هو رئيس مركز علم السياسة والقانون الدستوري في جامعة الحسن الثاني، وهو أحد مناضلي الثورة الفلسطينية القدامى، كان رئيسا لبرنامج الدراسات الإستراتيجية ورئيس تحرير الفكر الاستراتيجي العربي في بيروت، حيث آتى إلى المملكة المغربية بعد الإجتياح الإسرائيل للبنان عام 1982 وكرس نفسه للعمل الأكاديمي في المغرب منذ ذلك الوقت، في حين ساهم على مدار سنوات في تأمين عشرات المقاعد الدراسية للباحثين الفلسطينيين في الدراسات العليا بالمغرب، جفال قال عن التكريم " إن تكريمنا اليوم كمجموعة أساتذة فلسطينيين في المغرب إنما هو تكريم للشعب الفلسطيني بأكمله، وتأكيد على عمق التلاحم بين الشعبين المغربي والفلسطيني وشكل إحتضان المملكة المغربية للقضية الفلسطينية وأبناء شعبنا، تكريم هذه المجموعة من المثقفين والأكاديميين الفلسطينيين الذين إلتحموا منذ عشرات السنوات لخدمة وتعليم أبناء المغرب وأبناء فلسطين في المغرب، هو فعل مرتبط بنهج كامل تتبناه المملكة في رعاية وإحتضان القضية الفلسطينية والعمل على خلق جيل واع بقضاياه المركزية والقومية ويناضل من أجلها متسلحا بالعلم والمعرفة بما يخدم ويحقق مصالح عالمنا العربي، فهذا البلد الذي يقوده الملك محمد السادس رئيس لجنة القدس ويحتضن الشعب الفلسطيني بكل الأشكال ويخرج في مظاهرات مليونية دعما للقضية الفلسطينية،
 إنما يؤكد وعبر تكريمنا الآن على استمراره في هذا النهج وإصراره التمسك في كل ما يعزز صمود أبناء فلسطين ... الأساتذة الفلسطينيون ورغم تركز غالبيتهم في جامعة الحسن الثاني في الدار البيضاء إلا أنهم  موجودون في مختلف الجامعات ودور العلم في مدن المغرب، وكانوا على مدار عشرات السنوات وحتى الآن نموذجا في العطاء وبذل الغالي والنفيس في سبيل تحقيق رسالة العلم وخلق جيل متعلم ومثقف ومنتمي لوطنه وأمته،  في المقابل فإن جامعات المغرب وفي مقدمتها جامعة الحسن الثاني لم يقتصر دورها على تعليم أبنائها المغاربة فقط بل أيضا بسطت يدها لأبناء فلسطين حيث تعلم فيها وتخرج منها مئات الفلسطينيين الذين لهم دور هام الان في خدمة بلادنا"، الأستاذ جفال أكمل حديثه بالقول " إن قدرات المعلم الفلسطيني والخبرات الأكاديمية الفلسطينية الموجودة في أرض الوطن تجعلنا نطالب بتوطين الدكتوارة في فلسطين، ومستعدون لعمل كل ما يلزم وتسخير كل خبراتنا لتحقيق ذلك وحصول أبنائنا على شهادات الدكتوارة من بلدهم فلسطين"

من جانبه قال الأستاذ محمد الحاج قاسم الذي أمضى 37 عاما في البحث العلمي و العمل الأكاديمي في المملكة المغربية وأشرف على عشرات الأبحاث وأطروحات الدكتوراة، وعين من قبل الرئيس محمود عباس رئيسا للمحكمة الدستورية العليا عام 2016، قال " إن هذا التكريم الذي جاء بعد سنتين من تقديم إستقالتي وتعيني رئيسا للمحكمة الدستورية في فلسطين،  وبعد سبعة وثلاثين عاما من العطاء والإخلاص في العمل في كلية الحقوق بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء ومنحي التقاعد مع مجموعة من الزملاء الفلسطينيين،  إنما هو تكريم خاص يلامس المشاعر و يجسد وفاء المملكة المغربية وكلية الحقوق في جامعة الحسن الثاني للأساتذة الفلسطينيين، لا من قبل العمادة و الاساتذة والزملاء ووحدات البحث العلمي فحسب، بل أيضا من قبل طلبة الدراسات العليا (الماجستير والدكتوراة)، وهو ليس التكريم الأول، حيث قام طلبتنا قبل عامين بتكريمنا بشكل لائق أنا والأستاذ مصطفى جفال بأسلوب جسد إخلاص الطلبة لأساتذتهم عبر مناسبة إمتلأت بالذكريات الجميلة ... تكريمنا الآن مجددا وإلى جانب البعد الإنساني والشخصي، إنما يعد أيضا تقديرا كبيرا للقضية الفلسطينية وشعبنا المعطاء والمناضل".

سفير دولة فلسطين في المملكة المغربية جمال الشوبكي تحدث عن تكريم الأساتذة الفلسطينيين في المغرب حيث قال " إن هذا التكريم يشكل رسالة عرفان ومحبة خالصة من المملكة المغربية وجامعة الحسن الثاني إلى الشعب الفلسطيني ومعلميه، حيث أن أول معالم التواجد الفلسطيني المعاصر في المملكة المغربية كان على يد مجموعة من الأساتذة الفلسطينيين الذين آتوا إلى المملكة في خمسينيات القرن الماضي على وقع نكبة فلسطين وما حل بأبناء شعبنا، فوجدوا في المغرب حضنا آمنا ودافئا أتاح لهم السير في درب التعليم والإسهام بكفاءة في الحياة الأكاديمية المغربية، وهو ما تجلى لاحقا ببروز أسماء فلسطينية كبيرة في فضاء التعليم الجامعي المغربي وحقول الدراسات العليا، وهي الحالة التي لم تدخر المملكة جهدا لتعزيزها، ومن ذلك هذا التكريم لمجموعة الأساتذة الأفاضل الذين نفخر ونعتز بهم أشد إعتزاز"،
وأضاف السفير الشوبكي " إن الدعم والإحتضان المغربي للأساتذة الفلسطينيين هو جزء من إهتمام المغرب في تمتين الواقع الأكاديمي الفلسطيني ككل، إذ إن هناك عدد من إتفاقيات التعاون الثنائي الموقعة  بين فلسطين والمملكة تختص بالتعليم الجامعي والتطوير الأكاديمي، فيما تقدم المغرب سنويا 120 منحة دراسية لأبناء شعبنا في مختلف التخصصات العلمية والمهنية وحقول الدراسات العليا، وذلك إستمرارا لتاريخ طويل من العلاقات الأكاديمية بين البلدين إبتدأ في العام 1928 عند إرسال أول بعثة تعليمية مغربية من تطوان إلى فلسطين للدراسة في مدرسة النجاح بمدينة نابلس".

 

المصدر: الدار البيضاء - وكالة قدس نت للأنباء -