صواريخ المقاومة تقصف التطبيع مع الصهاينة

بقلم: فايز أبو شمالة

غرفة العمليات المشتركة تمثل حالة راقية من العمل المقاوم الفلسطيني، فطالما كان للقذائف الفلسطينية المقاومة وجهة واحدة، وطالما كانت قذائف العدو لا تفرق بين فلسطيني وآخر، فالتنسيق بين المقاومين في الهجوم والصد واجب وطني وأخلاقي.

ولا خلاف في الرأي بأن المقاومة لا تقوم على رد فعل، ولا هي استجابة لموقف انفعالي، وإنما هي خطوات مدروسة بعناية فائقة، لها ما بعدها من انعكاسات ومتغيرات على أرض الواقع، ومع ذلك، فإن صواريخ المقاومة التي قلقلت أمن المستوطنات اليهودية عشية عودة نتانياهو من زيارة خاطفة لسلطنة عمان، تلك الصواريخ قد فهمها الإسرائيليون على طريقتهم الخاصة، وحملوها رسائل سياسية أبعد مدى من غلاف غزة، وأبعد مسافة من شلال الدم الذي نزف على السياج الحدودي في غزة؛ وعلى أرض الضفة الغربية بفعل العدوان الإسرائيلي.

لقد تجاهل الصهاينة معادلة الدم بالدم والقصف بالقصف التي أعلنت عنها فصائل المقاومة مجتمعة، وتجاهلوا جرائمهم بحق المسيرات السلمية، وتعمدوا الربط بين صواريخ المقاومة التي اقتصر مداها العسكري على غلاف غزة، وبين التطبيع؛ حتى أوصلوها بمداها السياسي إلى سلطنة عمان التي استقبلت الإرهابي الصهيوني نتانياهو، وربطوا بينها وبين استقبال دولة أبو ظبي للوزيرة الإرهابية ميري ريغف، واستقبال دولة قطر لفريق رياضي على أراضيها.

وبشكل عام، لا ينكر عاقل بان صواريخ المقاومة التي تدك حصون الأمن الإسرائيلي، تدك في الوقت نفسه حصون التطبيع العربي مع الصهاينة، لأن الأمن والتطبيع هما عصب سياسة نتانياهو التي يتفاخر بها على بقية الأحزاب الإسرائيلية، والتي تقوم على نظرية الأمن للمجتمع الإسرائيلي بنسبة 100%، والتحالف مع الدول العربية مدخلاً لحل القضية الفلسطينية.

من هنا تأتي مسيرات العودة وصواريخ المقاومة لتقول للجميع: إن العلاقة بين الفلسطينيين والصهاينة هي علاقة عداء، وليس علاقة جوار، هي علاقة حرب وليس سلام، هي مقاومة وليست مفاوضات، هي حرب على الصهاينة وليس تطبيعاً مع الصهاينة، والعلاقة بين غاصب فلسطين والشعب الفلسطيني لن تكون علاقة تعاون وتنسيق وتفاهم وتناغم ورقص على أنشودة شالوم، وشالوم، وشالوم علينا وليس عليهم!!.

سيقودنا الحديث عن صواريخ المقاومة والتطبيع إلى التدقيق في الجهة التي شجعت نتانياهو لزيارة سلطنة عمان، والتي فتحت الأبواب لاستقبال الوزيرة الإرهابية في دولة أبو ظبي، ولماذا تشجع قابوس سلطان عمان، واستقبل نتانياهو ورئيس جهاز الموساد يوسي كوهي بشكل رسمي وعلني دون ذرة وجل؟ ومن الذي شجع سلطنة عمان كي تعلن بلسان وزير خارجيتها بأن لا شيء يمنعنا من استقبال نتانياهو؟

إنه على حق، ألم يستقبل الرئيس المصري نتانياهو قبل زمن قصير؟ ألم يستقبل ملك الأردن نتانياهو قبل زمن قصير؟ وهل هنالك استقبال حلال وآخر حرام؟ ألم يستقبل محمود عباس قبل أيام رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلية نداف أرغومان في بيته؟ ألم يناشد أكثر من رئيس دولة لترتيب لقاء بينه وبين نتانياهو، وفي أي مكان يريده نتانياهو؟

من يقود عملية التطبيع مع الإسرائيليين، ويمارسها بشكل عملي لا يمكن أن يحارب التطبيع مع الإسرائيليين، ومن يقيم جسور المحبة والصداقة والتعاون الأمني مع الإسرائيليين لا يمكن أن يعادي إسرائيل، ويحارب التطبيع معها.

ضمن هذا المشهد القاتم، لم يبق للفلسطينيين إلا مسيرات العودة وصواريخ المقاومة لتوثق بالدم والجوع لغة فلسطينية جديدة، لغة تقول لكل العالم: لا، لسنا على قلب متعاون واحد مع العدو الإسرائيلي، ولسنا جميعاً مع التطبيع والتعاون الأمني، ولسنا صفاً واحداً للتفريط بحقوقنا التاريخية في فلسطين، وستظل العلاقة بيننا وبين هذا المحتل قائمة على الردع والصفع بالصفع.

 

د. فايز أبو شمالة