في اطار مسلسل تهويد القدس ومنذ اعلان ترامب أن القدس عاصمة لدولة الاحتلال ومن ثم نقل سفارته إلى مدينة القدس لترسيخ هذا الاعلان سارعت دولة الاحتلال باتخاذ اجراءات تعسفية وبدأت بتطبيقها على أرض الواقع حيث شرعت في عملية هدم ضخمة لمبان عربية داخل المدينة المقدسة وتغيير المسميات العربية إلى مسميات يهودية استكمالاً لمسلسل التهويد وتقطيع أوصال القدس والتي تضمنت التهديد بهدم قرية الخان الاحمر واقتحام المقرات الفلسطينية التي تتبع للسلطة الوطنية الفلسطينية بهدف تجريدها من المسؤولية الفلسطينية والسيطرة عليها حتى أن الاحتلال منع بالآونة الاخيرة محافظ القدس و مسؤول ملف القدس في منظمة التحرير الفلسطينية من السفر, من ناحية أخرى تدعم محاكم الاحتلال إجراءات هدم مباني الفلسطينيين وتهجيريهم من خلال رفض الطعون المقدمة من أصحابها الاصليين وفي المقابل تصادق تلك المحاكم الاسرائيلية على قرار طرد ما يقارب 700 مواطن فلسطيني من حي بطن الهوى في مدينة سلوان ليؤكد ذلك بأن المحاكم الاسرائيلية هي شريك أساسي في العدوان على مدينة القدس.
تأتي هذه الحرب المسعورة على مقدرات وممتلكات المواطنين المقدسيين بهدف عزل الاحياء الفلسطينية عن بعضها البعض وتحويلها إلى كونتات متبعثرة وبناء أحياء استيطانية بينها لإحكام السيطرة عليها واجبارهم فيما بعد على الهجرة من منازلهم الفلسطينية, وبذلك يكون الاحتلال قد أحكم سيطرته على القدس وتهويدها ومن ثم استبعادها من أي حل سياسي مع الفلسطينيين في حال عودة المفاوضات بين الفلسطينيين والاسرائيليين.
فيما خضم تلك المعركة التي تخوضها دولة الاحتلال مع المقدسيين الفلسطينيين والذين يتصدون وحدهم هذه المعركة تهرول بعض الدول العربية إلى التطبيع مع دولة الاحتلال وتفرش لرئيس حكومتها البساط الاحمر وتحتفي بزيارته لدولهم وتصفها بالزيارة التاريخية وهذا هو الرد من هذه الدول ومساندتهم للقدس الشريف والتزامهم بالمبادرة العربية التي كتبت شهادة وفاتها دولة الاحتلال بأقلام هذه الدول.
ورغم أن الحالة الفلسطينية تعيش في أسوأ مراحلها وأعقدها في ظل التهديدات الاسرائيلية والامريكية لكامل مكونات القضية الفلسطينية ومحاولة ارباك القيادة الفلسطينية والرقص على أوتار الانقسام الفلسطيني إلا أن منظمة التحرير الفلسطينية تبقى الخصم الشرس والوحيد في مواجهة دولة الاحتلال سياسياً ومن خلال دعم سكان القدس الفلسطينيين, فلم تدخر جهداً يبذل إلا وقد بذلته ومازالت لمواجهة الهجمة الشرسة التي تتعرض لها القدس .
ألا يستعدي ذلك وقوف الكل الفلسطيني عند مسؤولياته الوطنية وأن يحتم ضميره في إعادة النظر فيما تتعرض له القضية الفلسطينية وعلى وجه التحديد القدس عاصمة الدولة الفلسطينية وأن يتم استدراك الأخطاء قبل فوات الأوان إن تبقى هناك فرص وذلك بعد إعادة ترتيب البيت الفلسطيني والعمل على بناء وحدة وطنية كاملة ومتكاملة من حيث اتخاذ قرارات فلسطينية وطنية مستقلة بعيدة عن التجاذبات الاقليمية يمكن من خلالها تقوية الجبهة الداخلية فلسطينياً وبالتالي تجبر الاحتلال حينئذ على وقف المعركة التي يخوضها ضد القدس وسكانها الفلسطينيين.
بقلم: أحمد يونس شاهين