أم العبد وذاكرة فلسطين

بقلم: علي بدوان

الحجة ام العبد الصابرة، والصبورة، الشاهد الحي على نكبة العام 1948، ونكبة مخيم اليرموك الأقسى والأَمَرّ من النكبة الأولى، لطفية قاسم عابدي (أم العبد) من مواليد حيفا 1926، والدتها خيرية نايف الحاج، وجدتيها : أم والدها اللبنانية الطرابلسية زهرة المختار، وأم والدتها الصيداوية اللبنانية فاطمة القلعاوي. فقد كانت الأم المتعلمة من فلسطين من زمن البلاد الذهبية، البلاد المزينة بالعلم والمعرفة والحضارة وعمق التاريخ. وصاحبة الذاكرة الخصبة والمرهفة من زمن البلاد، وشعارها "دون الذاكرة لا توجد علاقة حقيقية مع المكان".

الحجة ام العبد، العصامية في حياتها المنزلية والأسرية، كانت هي اليد المساعدة لزوجها في معترك الحياة، وحاملة الهم بعد وفاة زوجها عام 1975، حيث باتت وحيدة في غربتها، لا اقارب، ولا أهل، فقد بقوا جميعاً في فلسطين بعد النكبة الكبرى، فتابعت مشوار حياة زوجها بتعليم أبنائها جميعاً، الى حين حصولهم على شهادات الدراسة الجامعية.

كان حرصها على اكمال التحصيل العلمي لجميع أبنائها بعد وفاة زوجها، حرصاً شديداً، رغم الضائقة، فكانت تتابع ابنائها يوماً بيوم، وتتابع حتى علاقاتهم وأصدقائهم، وترفض استقبال أي صديق لهم في الدار إن لم يكن يتابع دراسته، بل وتطرد كل من ترك الدراسة، ولاتسمح لأبنائها بالتعاطي معهم، وحدث أكثر من مرة أن نهرت بعض من حاول زيارة أبنائها لمجرد تركه للدراسة والتعليم.

الحجة أم العبد، من رائحة فلسطين، ومن ترابها وأرضها، وصاحبة الذاكرة الحية التي لاتصدأ، ذاكرة حيفا وفلسطين، والنكبة، وماتلاها، آمد الله في صحتها وعافيتها، وفي عمرها.

بقلم/ علي بدوان