آمال غزال شاعرة فلسطينية رهيفة ، ترعرعت في أحضان الألم ، تكتب عندما تتألم حتى درجة البكاء ، وقصيدتها منبثقة وصادرة من أعماق وثنايا الروح . وهي مزيج من جرح الوطن والمكابدة الذاتية ومأساة فقدان الأب ، ومسكونة بالحزن الفلسطيني المتواصل ، تعيش هموم شعبها ، وتقف بجانب كل إنسان مظلوم ومضطهد ومعذب.
وبالرغم أنها مقلة في الكتابة والنشر نتيجة ارتباطاتها الوظيفية والاجتماعية والعائلية ، إلا أنه لها مجموعة كبيرة من النصوص الشعرية والنثرية ، التي تعكس حزنها وقلقها الوجودي ، والهم الوطني والإنساني .
اسمها الكامل آمال اسماعيل محمد غزال ، من مواليد سلفيت ، تشغل مدير مكتب وزارة الثقافة في مدينة جنين . حاصلة على بكالوريوس تنمية اجتماعية من جامعة القدس المفتوحة ، ودبلوم برمجة ، ودبلوم فني كمبيوتر محاسبة من معهد عدنان الجيطان في نابلس .
وهي عضو في اتحاد الكتاب الفلسطينيين ، وعضو في الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية في جنين ، ومن مؤسسي لجنة المرأة للعمل الاجتماعي في سلفيت .
شاركت في العديد من الندوات والامسيات الأدبية والمهرجانات الثقافية في مصر والأردن وتونس والجزائر وبيت لحم والقدس والناصرة وغيرها .
صدر لها ديوان " فراشة الحواس " ، وديوان مشترك مع مجموعة من الشعراء الفلسطينيين في الوطن المحتل بعنوان " صهيل الحواس " . ولها ديوان ناجز بعنوان " هوادج الحيرة " .
اقتحمت آمال غزال بوابة الشعر منذ شبابها المبكر ، وطرقت موضوعات متنوعة الأغراض ، وجاءت أشعارها انعكاسًا وتجسيدًا لروحها الوطنية الوثابة ، وتعبيرًا عن مشاعرها وعواطفها الإنسانية والأنثوية كامرأة تعيش في كنف مجتمع ذكوري قهري اضطهادي وقمعي . وتتميز قصائدها بالوضوح والتكثيف والصدق العفوي . ولا يحتاج القارئ الركض خلف مفرداتها ، فهو يتماهى مع حروفها ومعانيها . ومن الواجب الإشارة إلى صدق بوحها ، وشفافية رؤيتها ، فلنسمعها تقول :
تتلعثم الطرقات على شفتي
نزف العصور في رئتي
مواكب الشهداء
جنازات تشيّعُ في أوردتي
أصوات الثكالى
تختزل سهوب الأغنيات بدمعة واحدة
من الهم
من دل صحراء الصمت على لغتي
وهي شاعرة تجمع بين الرومانسية والوطنية ، ذات خيال خصب ، كلماتها عميقة ومعبرة ، ولغتها شفافة كالماء ، ونسيجها الشعري ينبض بالتأمل ودفء الإحساس . وحين نقرأ نصوصها تعترينا نشوة جذلى ، وتقابلنا حدائق فينانة ، مبعثها خلجات النفس والروح ، والوجدان الرقراق :
أنا ناثر الليل على جبين المقاهي
أغازل النجوم لأجدل من ضفائرها معراجي
أقامر الوقت لأتسكع خلف ضياع خطاي
أغافل النادل
لأوشم على نهد الظلام قبلات العاشق
فيدركني الصبح
ويبقى الهم الوطني هو همها ومدار موتيفاتها والغالب على فنها وإبداعها ، وتظهر في نصوصها أحاسيسها المرهفة ، ولغتها النابضة بالجمال ، ورمزيتها الشفافة القوية :
أيا ابنة الشمس
أقبلي
أعانق طيف خيالك
وخيوط العشق
تغزل
في عمق وجدي وتهيامي
أيا ابنة الشم
أدمنتك ،،،
وأدمنت التأرجح بنسيج ذكرياتك
عشقتك،،،
عشقت ترميم جدران حكاياتك
وأتقنت الفنون
فنون انتظارك
خلف / حدائق الغيوم
لنكتب حكاية ،،،،
أيا ابنة الشمس .....
أجدلي خيوط ضفائرك
عند التقائها بظل القمر
وامتطي / صهوة الغيم
سافري / برحى الأفق
عانقي المسافات
بـ حالة عشق كونية
وتحمل تجربة آمال غزال الإبداعية العفوية الجميلة ، والصور الشعرية المبتكرة المحلقة ، واللغة الماتعة . نصوصها مترعة بالوجع والدمعة الحزينة ، مشبعة بالأمل رغم كل شيء ، دفاقة بالروح الإنسانية ، نسجتها وحاكتها ثورة نفسها التواقة للحب والحرية والانعتاق .
آمال غزال شاعرة تتوهج باللغة السلسة الجاذبة ، بارعة في اقتناص الفكرة والصور الفنية ، وشد القارئ وامتاعه ، تتناسق أغراضها بانسيابية مذهلة ، وتتعربش كلماتها المنتقاة بدقة وروية على قلب المتلقي وأفكاره ، وتهطل علينا بالجميل من البوح الرهيف الشفيف الانيق ، وتتعطر قصيدتها بعطر البنفسج الذي يبهج الناظر .
خالص تحيات التقدير لآمال غزال ولحروفها الباذخة ، ولها مني الامنيات بوافر العطاء والإبداع والتألق والحضور الدائم في المشهد الثقافي الفلسطيني الراهن .
بقلم/ شاكر فريد حسن