جريمة قتل جديدة في مجتمعنا العربي ، ضحيتها المرحومة سوزان أبو مخ – وتد ، من باقة الغربية ، التي عثر على جثتها هامدة في منطقة حرجية بالقرب من ميسر بعد اختفائها لبضعة أيام .
وهذه الجريمة البشعة والنكراء تضاف إلى سلسلة الجرائم المتواصلة بحق النساء على خلفية هويتهن الجندرية ، وهي جرائم جبانة ومرفوضة ، وقاسمها هو الذكورية والوصاية على النساء والتحكم بمصائرهن .
وكالعادة مع وقوع جريمة جديدة نحزن ونغضب ونشجب ونستنكر ونتظاهر ونعلن عن اضراب في بلد الضحية ، دون ان نفعل شيئًا لمنع وقوع جريمة أخرى ، وهكذا دواليك .
وهذه الجرائم يتحمل مسؤوليتها هو مجتمعنا والقوى والاوساط التقليدية والرجعية التي تسيطر عليه وتتحكم به ، وغالبيتها تنفذ بحجة الحفاظ على " العرض والشرف " .
فقد بلغ السيل الزبى ، وضحايا العنف من النساء في تزايد واستشراء واستشراس ، ورغم توسع الانشطة النسوية وحملات الوعي الجندري والتقدم الذي حصل وتحقق بإعلاء هذه القضايا على جدول الرأي الاعلامي والمستوى الاجتماعي والسياسي ، إلا أن الخطاب لمنع جرائم ما يسمى بـ " شرف العائلة " ، والعنف ضد النساء بأشكاله المختلفة ما زال خطابًا حذرًا في مطالبه ، ويتجنب الصدام والمواجهة مع الأفكار الاجتماعية الرجعية السائدة ، ولا يطرح مسألة الحريات كمسألة مفصلية جوهرية في هذا النضال الاجتماعي والفكري ، والثقافة النسوية التحررية ، وثمة غياب لشعارات مطلبية توعوية للتحرر والانعتاق من هيمنة الذكورية .
تفكيك مظاهر العنف يتطلب خوضًا عميقًا في تكرار وتجذر ظاهرة التعنيف ضد المرأة ، ويقتضي مبادرات ومحاولات فكرية لتفكيك العوامل والمسببات لذلك ، وهذه المهمة ليس سهلة ، وليست محصورة بمجتمعنا في الداخل فقط ، بل هي أعم واوسع في عالمنا العربي .
أعمال العنف وجرائم القتل ستتواصل ما لم نتصدى لها جميعًا ، وما لم يتغير الموقف من المسألة النسوية ، وتتغير النظرة السلبية الدونية للمرأة في المجتمع ، وما دام مجتمعنا بطريركيًا ذكوريًا تقليديًا ودينيًا ، يمارس التحريم والقهر والاضطهاد الاجتماعي والطبقي بحق النساء .
أن الأوان للتحرك الجاد والفاعل وليس تحركًا موسميًا أو مع حدوث الجريمة ، وعدم الصمت على الجرائم المتفاقمة ضد المرأة ، ونشر وتعميق الوعي القيمي والافكار الايجابية السليمة ، واعادة بناء مجتمعنا على أسس أخلاقية وقيمية راسخة ، والارتقاء بالعمل والخطاب نحو تحرير " غشاء البكارة " من كونه ملكية معنوية للرجل يستمد شرفه منه ، ورفع سقف الشعارات نحو حق المرأة بان تمارس حريتها في حياتها الخاصة والعامة ، بعيدًا عن التسيب والفوضى الاخلاقية .
بقلم/ شاكر فريد حسن