أصدر جلالة الملك عبد الله الثاني، ملك الأردن نهار أمس الأربعاء 1 مايو/أيار، قراراً بإقالة مدير المخابرات العامّة الأردنية، اللواء عدنان الجندي وتعيين اللواء أحمد حسني حسن خلفاً له، وإقالة مجموعة من كبار مستشاري وموظفي الديوان الملكي والعمل على إعادة هيكلته.
وبحسب التصريحات الإردنية الرسمية استخدمت كلمة "قبول مجموعة استقالات"، بدل إقالة.
إقالة هذه المناصب الحسّاسة في الدولة مرفقة بكلمة الملك التي قال فيها: "أنّ تعيين حسني مديراً لإدارة دائرة المخابرات العامّة جاء في مرحلة دقيقة تواجهها المنطقة بأسرها، وتحديات جمّة وغير مسبوقة".
وأردف الملك بأن هذه المرحلة، فرضتها المتغيرات الإقليمية، بالإضافة إلى وجود بعض التجاوزات في الإدارة السابقة من خلال تقديم المصالح الخاصة على الصالح العام.
وأشاد جلالة الملك بعمل الدائرة والإنجازات التي قدّمتها في الفترة الماضية في عملية تطوير مؤسسي جادّة، لتستمر في أداء دورها الوطني المحوري والذي وصفه "بالمشرف والمشرق" إلّا أنّها لم تخلُ من بعض التجاوزات لدى قلّة قليلة، الأمر الذي تطلب حينها التعامل الفوري معه وتصويبه.
ووصف جلالته التصرفات الفردية والسلوك المستغل، وعدم التعامل مع السلطة والمنصب على أنّهما تكليف وواجب وخدمة وطنية، تصاحبهما وتتلازم معهما بالضرورة المسؤولية والمساءلة.
وأضاف جلالته أنّ ثقته كبيرة بجهاز المخابرات في رصد كل المحاولات اليائسة التي نلمسها وخصوصاً في الآونة الأخير، والهادفة للمساس بالثوابت الوطنية الأردنية. حيث أنّ جهاز المخابرات تعامل مع تلك المحاولات بفاعلية، وتصدّى لكل من تسوّل له نفسه محاولة العبث بالمرتكزات التي ينص عليها الدستور الأردني.
ولقد صرّح جلالته بعمل المخابرات على مواجهة البعض ممّن يستغلون الظروف الصعبة والدقيقة التي نمر بها، والهموم المشروعة، التي نعمل على تجاوزها.
أتت كلمة الملك تزامناً مع التغيرات في المناصب الأمنية الحسّاسة في الأردن وما يقال عن وجود أيدي داخلية وخارجية، من شأنها ضعضعة الأمن داخل الدولة وتحديداً من دحلان مدير الإستخبارات الفلسطينة السابق والمستشار الإقتصادي لدى دولة الإمارات ودول أخرى داعمة له لترويج سُبل خلق الضوضاء المتعمّدة تارة من إسقاط الضوء على رئيس الدولة عمر الرزّاز والتشكيك في اختيار رؤساء الدولة وقدراتهم، إلى جانب برامج ممنهجة لإضعاف موقف رئيس الحكومة وصِفت أنّها غير مدروسة، تضمّنت وظائف من ذوي البرلمانيين و الوزراء وقيادين ومتنفذين في الدولة برواتب عالية، لا تتناسب مع الوضع الوظيفي أو الاجتماعي من حيث سقف الراتب والمؤهل العلمي والمؤسسي.
لقد وجد الحاقدون في غياب سيد البلاد لفترات متتالية قد توصف بأنها "طالت" أرضاً خصبة لزراعة السموم من المتعاونين المرضى والمتآمرين.
كلمة الملك في ظلّ هذه الظروف والإقالات والتغييرات الجديدة في بعض مناصب قيادية وأسباب التغيير التي قدّمها الملك بحدّ ذاتها هي إقرار للشائعات التي تدور في الشارع الأردني والعربي وبعض الصحف العربية وتحديداّ صحيفة القبس التي نشرت نص ما سمي بأخطر تقرير استخباري في حقبة الملك عبد الله الثاني، حول المؤامرة لتهديد أمن البلد، هذا بالإضافة لموقف الإعزاز والثبات الراسخين الذي يتمسك بهما ملك الأردن تجاه القضية الفلسطينية ومعها "صفقة القرن".
ولقد كشف "أكسيوس" وهو موقع أمريكي للأخبار والمعلومات، تأسّس على يد كثير من السياسين مثل
"Mike Allen" "مايك الن" و " Jim VandeHei" "جيم فاندل هاي"، بدأ العمل به سنة نوفمبر/تشرين الثاني 2017م، عن غضب الملك وإمتعاضه من الإدارة الأميركية بسبب عدم تقديم تفاصيل حول "صفقة القرن"
إذا كانت مآتي المأمن ذاتها مآتي الخوف من المؤسسات الأمنية في الدولة فاين الأمان إذن؟
كم هو حجم الوعي داخل المؤسسة السياسية لتفادي مثل هذه المخططات المدمّرة لبلد لطالما منح الشعوب الأخرى الأمان؟
هل تعي العائلة الحاكمة الذي يحاك لها من خلال الترويج لأحد أفرادها؟ أم أنّ الأيادي السوداء تستغل الطيبة ومشاعر المواطنين البريئة تجاه أحد أبناء الأسرة الواحدة المالكة لتجعل منها أداة لزعزعة الاستقرار ودمار لهذ البلد والشعب الآمنين؟
هذا كلّه وكثيره يتطلب منّا نحن شعباً وحكومة وملكاً وحدة الصفّ تجاه ما يحاك لنا من الخارج، وعلّ ضعفاء الأنفس والقلوب السذّج يهدفون بقصد أو غير قصد وبعضهم بتمويل خارجي- وهذه حقيقة - استمالة الرأي العام من الداخل بحجة الإصلاح حتى تلين مصالحهم في الخراب وتأجيج الشارع ليتنسى لهم إتلاف الخلية المجتمعية الأردنية المتضامنة.
وأنا أطالب بالإصلاح، غير أنّني وأنّنا باقون على العهد واليمين لسيد البلاد.
أحمد سليمان العمري