إلى قاتلي الإسرائيلي، أنا لم أمت

بقلم: فايز أبو شمالة

على طول ساحل البحر من شمال قطاع غزة وحتى جنوبه، فتشت عن مساحة صغيرة أركن فيها سيارتي فلم أجد، بل فتشت مساء يوم الجمعة عن متنفس مناسب لعائلتي على شاطئ البحر فلم أجد، فأهل غزة مكدسون فوق بعضهم على شاطئ البحر، وكأنهم طلاب مدرسة ابتدائية، يصطفون في المقاعد خلف بعضهم ، هذا المشهد يؤكد أن غزة قد ضاقت على أهلها، وأمسى الناس في حاجة إلى التمدد شمالاً، هنالك داخل فلسطين وحتى مدينة عسقلان على أقل تقدير في هذه المرحلة.

يبدو حديثي هذا غريباً في هذه المرحلة التي تفتش فيها غزة عن شربة ماء وعن لقمة خبز، ويبدو مطلبي هذا إفكاً فكرياً، وخارج إطار السياسة المألوفة، والتي تقوم على التوسع والعدوان، ولكن هذه هي الحقيقة التي يجب أن نتحدث بها بصوت مسموع، وأن نطالب بها بشكل عاجل، ولاسيما أن إسرائيل بلا حدود ثابتة، وعدد اليهود الذين يعيشون على أرض فلسطين حوالي 6.5 مليون يهودي تقريباً، لهم ساحل على شاطئ البحر المتوسط يبلغ طولة 183 كليو متراً، بمعدل 30 كيلو متر لكل مليون شخص، بينما يبلغ طول ساحل قطع غزة 41 كليو متراً، يلتصق به أكثر من 2 مليون فلسطيني من غزة، ويتطلع للانتفاع به 3 مليون فلسطيني من الضفة الغربية، وهذا يعني أن نصيب كل مليون فلسطين أقل من 8 كيلو متر، وهذه قسمة أقرب إلى جريمة حرب يجب مقاومتها بكل السبل.

قد يقول البعض: وما أكثر الجرائم! وهذا صحيح، ولكنني أناقش مسألة الشاطئ الذي اختنق بضيق المسافة، فقبل 14 عاماً، تنفس أهل غزة الصعداء، وفرحوا كثيراً وهم يلتحمون بشاطئ بحر غزة بعد سقوط اتفاقية أوسلو، والانسحاب الإسرائيلي من غزة سنة 2005، في ذلك الزمن بدا الشاطئ واسعاً وعريضاً وناعماً ومديداً، فكل شاطئ قطاع غزة صار ملكاً للشعب، بعد أن كانت اتفاقية أوسلو القذرة قد قسمت شاطئ غزة بين المستوطنين والغزيين، بمساحة 5 كليو متر للمستوطنين ثم يليها 5 كليو متر لأهل غزة، وهكذا يستمر تقسيم الشاطئ حتى ينتهي بآخر 5 كليو متر على بحر بيت لاهيا تحت سيطرة الإسرائيليين، وهو الذي بدأ بمسافة 5 كليو متر تحت سيطرة الإسرائيليين على الحدود المصرية.

اليوم، ازداد عدد الناس، وضاق عليهم الشاطئ الذي بدا متسعاً سنة 2005، اليوم صار أهل غزة بحاجة إلى مساحة إضافية من الشاطئ الممتد باتجاه مدينة عسقلان المحتلة، أهل غزة بحاجة إلى 20 كيلو متر ساحل بحر من جهة الشمال بشكل سريع كحل مؤقت، إنها الضرورة الإنسانية والسياسية والحياتية، وعلى الجيش الإسرائيلي أن يحقق هذه المطلب دون تردد، وما دون ذلك الشاطئ الذي ينادي على اللاجئين الفلسطينيين، فإننا نطالب من ولي الأمر في غزة، نطالب من صاحب البيت في غزة، نطالب قيادة غزة ان تطلق يد الشباب الفلسطيني ليتوسعوا على طريقتهم الخاصة، اتركوا يد الشباب تشق طريقها حتى مدينة عسقلان، وكما أجبروا مستوطني غزة على الرحيل، فهم قادرون على إجبار عدونا على إخلاء المسافة الممتدة من شمال غزة وحتى مدينة عسقلان.

التمدد حتى عسقلان لن يكون سهلاً، وليس مفروشاً بالأمنية، قد نتعذب قليلاً، وقد نضحي قليلاً، وقد نختنق ونحاصر قليلاً، ولكن النتيجة المحتومة هي تمدد قطاع غزة جغرافياً حتى عسقلان كخطوة أولى تصرخ في أذن القاتل، نحن لم نمت، ولن يموت حقنا في العودة إلى أرضنا.

بقلم/ د. فايز أبو شمالة