أميركا وإيران.. الأولوية حتى الآن للعقوبات والحرب الالكترونية!

بقلم: فؤاد محجوب

وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمراً تنفيذيا (24/6)، قضى بفرض عقوبات مشدّدة جديدة على إيران، طالت المرشد الأعلى للجمهورية علي خامنئي، وقادة كبار في «الحرس الثوري»، على أن تطال قريباً وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، فضلاً عن تجميد أصول بالمليارات من الدولارات. وتوعد ترامب بـ«منع طهران من الوصول إلى مواردها المالية، أو الوصول إلى أيّ أصول لها في الولايات المتحدة ، وحرمان القادة الإيرانيين من استخدام النظام المالي العالمي».

وربطت مصادر غربية العقوبات التي استهدفت خامنئي شخصياً، بـ«رفضه تسلّم رسالة من الرئيس ترامب حملها إليه رئيس الوزراء الياباني الزائر شينزو آبي». وكان المبعوث الأميركي الخاص بإيران، براين هوك، أشار في تصريحات صحافية إلى أن «ترامب دعم رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي بشأن زيارته إلى إيران»، إلا أنّ «المرشد رفض التعاطي معه»، وهو ما اعتبرته الولايات المتحدة بمثابة «إهانة».

وجاء توقيع ترامب بنفسه على العقوبات داخل البيت الأبيض، دلالة على «عزم إدارته تصعيد المواجهة مع إيران»، حيث أنّ مثل هذه العقوبات تعلنها عادة وزارة الخزانة الأميركية، ولكنّ «المشهد بدا مختلفاً هذه المرة»!. وعلى رغم إشارة ترامب إلى أنّ العقوبات جاءت رداً على إسقاط طهران للطائرة الأميركية المسيرة (20/6)، إلا أنه عاد واستدرك ليقول إنها «كانت ستُفرض بغض النظر عن إسقاط الطائرة..»!.

بيد أنّ ترامب عاد وكرّر كذلك استعداده للتفاوض مع الإيرانيين، «إذا رغبوا في ذلك»، وأعلن أنّ بلاده «لا تسعى للحرب». وهو ما أعلنه أيضاً مستشار الأمن القومي الأميركي، جون بولتون، من إسرائيل (25/6)، حيث قال إن رئيسه «ترك الباب مفتوحاً أمام إجراء مفاوضات»، ولكن لماذا؟ لـ«القضاء على برنامج الأسلحة النووية الإيراني بشكل كامل يمكن التحقق منه، وعلى أنظمة إطلاق صواريخها الباليستية، وعلى دعمها للإرهاب الدولي وتصرفاتها المؤذية الأخرى في أنحاء العالم».

وبدت تصريحاته، في نظر المراقبين، بمثابة دعوة إلى «الاختيار بين مواصلة فرض عقوبات جديدة تؤدي إلى انهاك الاقتصاد الإيراني، وبين الرضوخ للشروط الأميركية والجلوس إلى طاولة المفاوضات (تحت سيف العقوبات والتهديد بالحرب) بهدف التوصل إلى اتفاق نووي جديد»!.

الرد الإيراني

أما طهران فقد ردّت بحدّة (25/6)، على العقوبات بحق قادتها، مشيرة إلى أنها «تكشف كذب واشنطن بشأن عرض المحادثات وتغلق مسار الدبلوماسية مع إدارة ترمب». ووصف الرئيس حسن روحاني العقوبات على خامنئي بأنها «مشينة وغبية». وتابع مخاطباً الأميركيين: «في الوقت الذي تدعون فيه إلى التفاوض، تسعون إلى فرض عقوبات على وزير الخارجية. واضح أنكم تكذبون». واعتبر أن «البيت الأبيض يعاني من إعاقة ذهنية ولا يعرف ماذا يفعل».

وكان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، عباس موسوي، اعتبر أن العقوبات الاقتصادية الجديدة «لن يكون لها أي أثر». وتساءل؛ «هل لا يزال هناك فعلاً عقوبات لم تفرضها الولايات المتحدة على بلادنا خلال الأربعين سنة الأخيرة؟».

وبعد ساعات على كلام روحاني، وصف ترامب تصريحات مسؤولين إيرانيين بأنها «مهينة جداً وتنمّ عن جهل، وتُظهر أنهم لا يفهمون الواقع». وأضاف أن «القيادة الإيرانية لا تفهم معنى كلمات (مثل) لطيف أو تعاطف. لم يفهموها أبداً».

وأرفق ذلك بتهديد «شديد اللهجة»، إذ غرّد على «تويتر» أنّ «أي هجوم تشنّه إيران على أي شيء أميركي سيُقابَل بقوة ضخمة ساحقة». لافتاً إلى أنّ الردّ الساحق، «قد يعني أحياناً الإزالة من الوجود». وزاد أن «قادة إيران يفهمون فقط القوة، والولايات المتحدة أقوى قوة عسكرية في العالم الى حد بعيد»!.

وتزامن ذلك مع إعلان طهران أنها ستوقف التزامها بندين آخرين من الاتفاق النووي المُبرم عام 2015، بدءاً من 7 تموز/ يوليو. وكانت أعلنت في 8 أيار/ مايو الماضي، أنها أوقفت الحدّ من مخزونها من الماء الثقيل واليورانيوم المُخصّب، والذي كانت تعهدت به بموجب الاتفاق النووي. وأمهلت الدول الموقّعة على الاتفاق 60 يوماً لمساعدتها على الالتفاف على العقوبات الأميركية، مهددة بوقف الالتزام بقيود مفروضة عليها بموجب الاتفاق.

مواقف دولية متباينة

في غضون ذلك، وصفت الخارجية الروسية العقوبات الأميركية بأنها «متهوّرة وتقوّض كل النظام الأمني العالمي»، وهو ما يتوافق مع الموقف الصيني. معتبرة أن «واشنطن تسعى الى قطع الجسور، ومعاقبة الذين لا ينوون الرضوخ لإملاءاتها، عكس تأكيداتها بأنها تريد حواراً مع إيران».

وفي المقابل، اعتبر أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي شمخاني، أن «الدول الأوروبية تمارس ضغوطاً لإرغام طهران على الاستمرار في تنفيذ التزاماتها بموجب الاتفاق، من دون تنفيذ سائر الأطراف التزاماتهم المتبادلة». واعتبر أن أوروبا رفضت حتى الآن تحمّل أي ثمن من أجل إنقاذ" الاتفاق، ورأى أن مواقف فرنسا وبريطانيا وألمانيا «دليل على أن المفاوضات مع الأوروبيين من دون طائل».

لكنّ وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان حذر إيران من أن انتهاكها الاتفاق النووي سيشكّل «خطأً فادحاً ورداً سيئاً على الضغط الذي تمارسه الولايات المتحدة» عليها. وأضاف أنه حال انتهاك الاتفاق «سندخل في آلية لتسوية الخلافات في مجلس الأمن، سيكون لها وقع سلبي جداً على المنطقة».

بقلم/ وسام زغبر