جرائم الحرب الإسرائيلية لن تسقط بالتقادم

بقلم: سري القدوة

ان المجازر الارهابية التي نفذتها العصابات المحتلة بحق الانسان والأرض الفلسطينية هي حكاية جرح ووطن، امتدت عبر الاجيال لتشكل هذا التاريخ الفلسطيني والمأساة التي كبرت معنا، جرحا عميقا لا يعرف المحن، تسببت في مأساة شعب سرقت اراضيه ودمرت حقوقه وشرد عبر بقاع الارض ، لتعترف اليوم وتكشف وسائل الاعلام الاسرائيلية عن تلك المجازر البشعة التي ارتكبتها العصابات الاسرائيلية بحق ابناء الشعب الفلسطيني.
لقد ارتكبت قوات الاحتلال العسكري والمجموعات المسلحة التابعة لها الجرائم البشعة واستخدمت الاساليب المحرمة دوليا لبث الخوف والرعب في قلوب السكان الامنين ودفعهم للهروب من الموت وترك المكان وتهجيرهم بقوة البطش وإعمال القمع والتنكيل المستخدمة، حيث اعترفت وسائل اعلام الاحتلال الاسرائيلي الاسبوع الماضي عن بعض ممارسات هذه الجرائم ونشرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية تقريرا مطول كشفت خلاله عن تفاصيل احدى المجازر التي نفذتها العصابات الصهيونية قبل 71 عاما في قرية الصفصاف الفلسطينية في الجليل الأعلى خلال عملية أطلق عليها «حيرام»، وراح ضحيتها 52 رجلا.
جاء ذلك ضمن تحقيق نشرته «هآرتس» في ملحقها الأسبوعي، ويتضمن وثائق مرعبة عن مجازر وجرائم ارتكبتها العصابات الصهيونية ضد الفلسطينيين عام 1948 وبعده، وتحجبها سلطات الاحتلال في قسم معلومات سرية للغاية، وفي تفاصيل المجزرة بحسب الوثائق، فإن العصابات الصهيونية قيدت 52 رجلا مع بعضهم البعض، ووضعتهم في حفرة وأطلقت النار عليهم، وكان 10 منهم لا يزالون ينازعون الموت، فيما توسلت النساء وطلبن الرحمة، ووجدت حينها 6 جثث، ثم 61 جثة، كما كان هناك ثلاث حالات اغتصاب، إحداهن لفتاة عمرها 14 عاما، أطلقوا النار عليها وقتلوها، وقطعوا أصابع أحد الضحايا بسكين ليسرقوا الخواتم.
وأوضح تحقيق «هآرتس» أن عشرات المجازر ارتكبت، كما جرى اغتصاب الفتيات الصغار، إلى جانب عمليات السلب والنهب، وتفجير وتدمير قرى بأكملها، نفذتها العصابات الصهيونية بأوامر من ديفيد بن غوريون.
ان ارتكاب هذه الجرائم واعتراف حكومة الاحتلال وبعض وسائل الاعلام الاسرائيلية بهذه الممارسات المنافية للقوانين والأعراف الدولية، تدفعنا الي ضرورة المطالبة بتحقيق دولي للكشف عن الأرشيف الاسرائيلي وطبيعة المعلومات التي تحتويه ومدي الاعمال البشعة والإرهابية التي ارتكبتها هذه الفرق والعصابات بحق السكان اصحاب الارض، حيث ان هذا الارشيف الاسرائيلي لم يكن متاحا لأحد الاطلاع علي محتوياته وليس متاحا تماما للجمهور، وأيضا يوجد الارشيف العسكري الذي لم يخرج عنه إلا ما ندر من الوثائق، أما تلك التي تتصل بمسألة الاغتيالات أو مخططات ارتكاب مجازر على غرار ما حدث عام 1948 فإنها تخفى وتدفن، فبات اليوم ومن المهم جدا وفي ضوء ما نشر من معلومات العمل علي تشكيل فريق تحقيق دولي، والسعي لمحاكمة الاحتلال الاسرائيلي علي هذه الجرائم وفضح الاحتلال ونشرها علي المستوي الدولي .
ان استمرار محاولات إسرائيل طمس جميع دلائل النكبة عبر سرقة وإخفاء الوثائق المتعلقة بالتاريخ الفلسطيني، واستمرار حجب الوثائق التاريخية وإخفاء الحقائق والتكتم عن أسرار النكبة، لا يمكن ان يستمر طويلا، فتلك الجرائم المروعة هي شاهدة حية على الواقع الذي عايشه الشعب الفلسطيني، حيث سجل التاريخ انهم قاموا بتهجير شعب بالكامل وسرقة اراضيه وإقامة المستوطنات الغير شرعية علي الارض الفلسطينية في معركة مفتوحة منذ عام 1948 وممتدة لحتى اليوم.
أن الشعب الفلسطيني يمتلك الحق في الدفاع عن نفسه، والمضي قدما بإحالة ملفات جرائم الاحتلال الإسرائيلي إلى المحكمة الجنائية الدولية والعمل على فضح سياسات الاحتلال الإسرائيلي على المستوي الدولي، وفضح السياسة الأمريكية التي باتت منحازة للاحتلال الإسرائيلي وعنجهيه، وأنه حان الوقت لإنهاء أطول احتلال بالتاريخ المعاصر.
إننا نشهد صورة استيطانية وجرائم متواصلة استمرت عبر التاريخ، ومع تصاعد المواقف الأمريكية المعادية للشعب الفلسطيني حيث يتم فتح الباب على مصراعيه لتصعيد سياسة الاستيطان، والاستمرار في اعتقال المزيد من أبناء الشعب الفلسطيني، ومصادرة الأراضي، والاستفادة من حالة الانقسام الفلسطيني الواقعة في الضفة وغزة، وممارسة التنكيل بالشعب الفلسطيني بكل صورة وفرض الاحتلال بالقوة.
أن الصراع لا يمكن أن ينتهي، بأي حال من الأحوال في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي واحتلال واغتصاب ومصادرة الأراضي الفلسطينية، وأنه لن يتم إفراغ القضية الفلسطينية من محتواها الوطني، مهما تكالبت كل قوى البطش والعدوان وتفرعت وتشابكت المؤامرات، فلا يمكن ان ينتصر الباطل علي الحق، ودائما كان الحق هو المنتصر، والشعب الفلسطيني يملك الحقوق، التي لا تسقط بالتقادم، فهذا الحق هو حق قانوني وشرعي وتاريخي ، ولا يمكن ان يسقط مهما استمر الزمن .
اننا ندعو ونطالب بضرورة تشكيل اوسع هيئة اعلامية وقضائية ودبلوماسية وإعلامية فلسطينية وعربية ودولية، لمحاكمة اسرائيل علي جرائم الحرب التي ترتكبتها بحق الشعب الفلسطيني، ومواجهة جرائم الاحتلال، ولقد حان الوقت لملاحقة حكومة الاحتلال قضائيا، وكشف القناع عن وجه الاحتلال الغاصب لأرضنا، انه الوقت المناسب للدق على جدران المحاكم الدولية، لمحاكمة المجرمين وقتلة الاطفال ومغتصبي النساء، وكل من ارتكب المجازر بحق ابناء الشعب الفلسطيني .


بقلم : سري القدوة
سفير النوايا الحسنة في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية
[email protected]