في حُلْمِه يرى عشقاً خلف كنزةٍ يضحكُ بهستيرية..

بقلم: عطاالله شاهين

لا أحدٌ يشبه تلك المرأة هذه المرّة.. جاءتْ من أُفقٍ صرخ من لياليه المظلمة.. تبحثُ عن جسدٍ يحميها من رصاصِ جنود مرتزقة، يقتلون أجسادا لا لشيء، فقط لأن تلك الأجساد، التي يتم قتلها تحب وطنِها رغم دكتاتورية القائد.
تدلفُ سرا إلى كوخِه العاشقِ لجبلٍ حاضنٍ للضبابِ طوال العام.. ترقدُ على سرير حديديّ صدئ. كان وقتها يبحثُ عن شيءٍ في وادٍ جفّتْ مياهُه منذ عقودٍ ولم يسقط المطر فيه ليجري كما في سنوات الطفولة.. يقتربُ منها ليجدها نائمة، وكأنّ عينيها تقولان له: لا تقتلني، المنظرُ يوحي بأنّ الجمَالَ أحيانا ينقذ المرأةَ.. أشياء جميلة تضحك خلف الكنزةِ ، التي كانتْ تلبسُها وأجبرته أنْ يقفَ لحظات من الزّمنِ ليرى سرّ الجمَالِ غير العادي لامرأة متعبة.
يبتعدُ عنها لمسافةِ حُبٍّ قاتلة.. تخبئ خلف كنزتِها عشقاً يراه يضحك بهستيرية.. فهي لا تزال ترقدُ على سريرِه الحديدي الرّاقص فرَحاً، ومنذ عقودٍ لم يشم رائحة أنثى.
الشّمسُ هذه المرة تخجلُ من نفسها، وتختفي خلف الجبالِ، تريد أنْ لا تراه هائماً بعشقه العفويّ، ولوعته السّاكنة في كيانِه المنتفض، تختفي أشعّتها بعيدا، ليتعلّمَ العِشقَ بطريقةٍ جنونية من خلف كنزتها الضاحكة.. يخيّل له أنها تجتاحته بجسدِها لفترةٍ تجعله يرى العِشقَ بلوْن الحُبِّ، وكأنه يعيش في حالة حربٍ لذيذة، كل شيء يعكس منها يكون طعم الحُبّ، فهو لا ينسى نظراتها، المحدّقة به.. يموتُ عشقا من انزلاقه نحو الحُبِّ.. يسمع آهاتٍ لذيذة من امرأةٍ هاربةٍ خوفا من موْتٍ يلاحقها منذ تولّي القائد حكمَه.. يستيقظَ من حُلْمِه، وبقول: يا لروعة الحُبِّ، الذي أراه يضحك بهستيريةٍ خلف كنزةٍ لامرأةٍ هاربةٍ من الموْتِ..


عطا الله شاهين