إلى أين تسير سورية؟!

بقلم: موفق مصطفى السباعي

إلى أين تتجه سورية؟

وإلى أين يمضي شعبها المسكين؟

طائرات الأعداء تصب جام غضبها ، وحممها الحارقة ،على مناطق الشمال منذ أشهر عديدة !!!

فتحرق البشر والحجر والشجر!!!

وآلاف المقاتلين يتفرجون .. ولا يحركون سالكنا .. إلا بعض العمليات الهوليودية المسرحية!!!

والبشر يتحولون إلى جثث متفحمة .. وأشلاء ممزقة بين ركام بيوتهم المدمرة!!!

والنازحون تزداد أعدادهم يوميا !!! يتركون بيوتهم ، وأملاكهم ، ويهيمون على وجوههم في أرض فلاة !!!

لا يدرون إلى أين يذهبون !!!

ليس لهم إلا أرضا يفترشونها .. وسماء يلتحفونها !!!

وفي نفس الوقت ..

لا يزال حثالات من السوريين المدنيين والمقاتلين ..

يباركون لروسيا عدوانها .. ويؤيدونها .. ويعطونها معلومات استخباراتية ، عسكرية مفصلة ، عن المواقع الطبية .. والأسواق .. وأماكن تجمع الناس .. لتدمرها طائراتها الجهنمية !!!

هل يا ترى ..

انتهت سورية .. ودخلت في نفق مظلم ؟!

أم لا يزال ..

ثمة أمل في الخروج من النفق المظلم ؟!

وكيف سيكون الخروج من هذا السرداب .. أو النفق المظلم !!!

والسوريون بمعظمهم .. ليس لديهم إرادة القتال .. ولا الرغبة في الدفاع عن الأوطان .. أو الأعراض .. أو المستضعفين من الرجال والنساء والولدان .. إلا أفرادا قليلين .. يقومون ببعض العمليات الاستعراضية .. وأحيانا تكون عمليات ناجحة .. كردة فعل .. ثم تخمد ، وتتلاشى ، وتتوقف !!!

إن معظمهم يحب أن يجازف .. ويخاطر بنفسه وأطفاله ونسائه ..

فيركب البحر ، لأجل أن يصل إلى دنيا الأحلام .. ودنيا الثراء المادي .. والرفاهية المبهرة الزائفة !!!

والشباب الذين في عقدهم الثاني أو الثالث من العمر .. يتراكضون ليعملوا في أعمال مهينة ، وضيعة ، وبأجور زهيدة ، متدنية .. دون الأجور الرسمية .. في بلاد الغربة .. ومخلفين وطنهم ، لحثالات البشر ، ترتع فيه ، وتستولي عليه !!!

وهذا الأمر أصبح معلوما ، لدى القاصي والداني .. وأصبح محل تندر وسخرية .. لدى كثير من الناس .. بما فيهم الأتراك – وإن كان بعضهم ، ينطلق في آرائه عن كراهية للسوريين عموما ..

إلا أنه يشير إلى وجود شيء من الحقيقة ..

حتى إنهم .. وضعوا في أحد الشواطئ التركية .. في ولاية سينوب .. لوحة لمنع السوريين تقول:

(أولئك الذين لا يقاتلون من أجل وطنهم لا يمكنهم الدخول) ..

اعتبروها عنصرية .. وأزالتها الشرطة بعد سويعات قليلة !!!

ولكننا اعتبرناها .. هي الحق المبين .. والواقع المرير .. للأسف العميق !!!

لو كان لدى السوريين .. عقيدة القتال .. وإرادة الحياة الكريمة .. العزيزة !!!

والرغبة الصادقة للتحرير !!!

كالتي كانت لدى الفيتناميين .. الذين حطموا شرف أمريكا .. وداسوا على رأسها .. وأرغموها على الهروب ، والانسحاب ذليلة ، صاغرة !!!

والأفغانيين .. الذين مزقوا عرش الاتحاد السوفياتي .. وفككوا .. وبعثروا كيانه مزقا وأشلاء .. وانسحب جيشه ، الذي كان يُعد ثاني جيش في العالم .. موليا الأدبار !!!

لما تركوا وطنهم .. تلك الأرض المباركة .. التي أقبل إليها المجاهدون الصادقون .. من شتى بقاع الدنيا .. ليرتقوا إلى جنات الخلد ..

ولما سمحوا لبغاث الطير .. تحتل بيوتهم .. وتتمتع بخيراتها !!!

ولما آثروا حياة الذل .. والهوان في بلاد الغربة .. لدى العلمانيين .. وشذاذ الآفاق !!!

ولمرغوا وجه روسيا في التراب .. وطمروا رأس بوطين في الوحل .. والطين ..

وكسروا رأس خمائيني الخبيث .. اللعين !!!

ولما تركوا الطائرات الروسية.. والأسدية تستمر يوميا .. في إسقاط قنابلها المدمرة .. الحارقة على أهلهم في الشمال!!!

واستمر الصراخ والعويل .. من المستضعفين الذين تتهدم بيوتهم .. فوق رؤوسهم!!!

واستمرت المناشدات والاستغاثات .. إلى العبيد الذين لا يملكون ضرا ولا نفعا!!!

إذ كلما ناشدوا العبيد سواء .. الأمم الكافرة المتحدة .. أو زعماء العرب الفجرة الكفرة!!!

الذين هم أصلا أعداؤهم .. وهم الذئاب المفترسة التي تترقب افتراسهم!!!

وكلما استغاثوا بهم .. وطلبوا منهم المساعدة .. والنصرة .. ومد يد العون لهم ..

كلما خذلوهم .. وأصموا آذانهم عنهم .. وكلما شمتوا بهم .. وفرحوا لمصابهم..

وبالتالي:

تخلى عنهم الله تعالى .. وزاد عليهم البلاء والشدة.. وتركهم لآلهتهم الأوثان .. الذين استنجدوا بهم .. ودعوهم من دونه !!!

 ( وَٱلَّذِينَ تَدۡعُونَ مِن دُونِهِۦ لَا يَسۡتَطِيعُونَ نَصۡرَكُمۡ وَلَآ أَنفُسَهُمۡ يَنصُرُونَ ) الأعراف 197 .

لأن الله يأبى أن ينصر من يستعين بغيره .. ويغضب أشد الغضب ، على من يشرك به ، آلهة أخرى!

( يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِن تَنصُرُواْ ٱللَّهَ يَنصُرۡكُمۡ وَيُثَبِّتۡ أَقۡدَامَكُمۡ ) محمد 7 .

وبدلا من أن يقف المقاتلون ذوو العدد الكثير.. مثل الأصنام .. كأنهم خشب مسندة!!!

لا تسري في دمائهم حمية .. ولا نخوة .. ولا غيرة للانتقام للضحايا المتساقطة!!!

كان الأجدر بهم ، أن يتوغلوا في مناطق الأعداء .. ويفتكوا بأهلها فتكا ، كما تفتك طائراتهم بأهليهم!!

ولكنهم يقفون عاجزين ، ينتظرون أوامر أسيادهم .. الذين يطعمونهم !!!

ويستمر القانون الإلهي الثابت .. لا يحابي .. ولا يجامل أحدا ..

من لا يأخذ حقه بيده .. يهون .. ويموت .. ولا أحد يغيثه !!!

من يهن .. يسهل الهوان عليه .......   ما لجرح بميت إيلام ...

ومن يظن .. أو ينتظر..  أن يرسل الله ملائكة .. للدفاع عن الناس ، الذين تقصفهم الطائرات الروسية والأسدية!!!

وأبناؤهم المقاتلون يتفرجون .. وينتظرون أوامر الطغاة !!!

فهو واهم .. وجاهل بطبيعة القانون الرباني!!!

إن الله لا يرسل جنوده إلى الكسالى .. والقاعدين عن القتال .. والمتثاقلين إلى الأرض !!!

( يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَا لَكُمۡ إِذَا قِيلَ لَكُمُ ٱنفِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱثَّاقَلۡتُمۡ إِلَى ٱلۡأَرۡضِۚ أَرَضِيتُم بِٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا مِنَ ٱلۡأٓخِرَةِۚ فَمَا مَتَٰعُ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا فِي ٱلۡأٓخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ ).

( كُتِبَ عَلَيۡكُمُ ٱلۡقِتَالُ وَهُوَ كُرۡهٞ لَّكُمۡۖ وَعَسَىٰٓ أَن تَكۡرَهُواْ شَيۡ‍ٔٗا وَهُوَ خَيۡرٞ لَّكُمۡۖ ).

وإنما يرسلهم إلى المجاهدين في سبيل الله .. الذين يقاتلون لإعلاء كلمته ..

( إِذۡ تَسۡتَغِيثُونَ رَبَّكُمۡ فَٱسۡتَجَابَ لَكُمۡ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلۡفٖ مِّنَ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ مُرۡدِفِينَ ).

( بَلَىٰٓۚ إِن تَصۡبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأۡتُوكُم مِّن فَوۡرِهِمۡ هَٰذَا يُمۡدِدۡكُمۡ رَبُّكُم بِخَمۡسَةِ ءَالَٰفٖ مِّنَ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ مُسَوِّمِينَ ).

ومن ينتظر ..

أن تدافع عنه تركيا .. وتعرض أمنها للخطر .. من أجل سواد عينيه .. أو أمريكا البلطجية ، أو سواها!

فقد أساء الظن كثيرا !!!

إن إحسان الظن مع القعود عن العمل. .سخرية واستهزاء بالله تعالى. .

وقد أنكر سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه. . على رجل شاهده في الحرم النبوي ، يرفع يديه إلى السماء يطلب منه الرزق. .

فضربه بالدرة وقال له :

أما علمت أن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة؟ ؟

إحسان الظن .. يكون مع العمل .. والتوكل .. والاعتماد على الله تعالى. .

أما بدون عمل. . فهو تواكل. .

مرفوض .. ومذموم .. ومنقوص .. ومعارض للقانون الرباني الثابت. .

لم يرسل الله ملائكة إلى أصحاب الأخدود ، لإنقاذهم من النار. .

لأنهم استسلموا للطاغية ، ولم يقاوموا. . وقذفوا بأنفسهم في النار طواعية !!!

ولكنه أرسلها إلى أصحاب بدر. . الذين أبلوا بلاء حسنا .. ولأنهم قاوموا وقاتلوا بكل قوتهم. .

وقتلوا قادة المشركين مثل أبي جهل ..

( إِذۡ تَسۡتَغِيثُونَ رَبَّكُمۡ فَٱسۡتَجَابَ لَكُمۡ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلۡفٖ مِّنَ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ مُرۡدِفِينَ ).

( بَلَىٰٓۚ إِن تَصۡبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأۡتُوكُم مِّن فَوۡرِهِمۡ هَٰذَا يُمۡدِدۡكُمۡ رَبُّكُم بِخَمۡسَةِ ءَالَٰفٖ مِّنَ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ مُسَوِّمِينَ ).

فلا تلبسوا. . إحسان الظن ، بالقعود. .

الإثنين 4 ذو الحجة 1440

5 آب 2019

بقلم/ موفق السباعي