ان إدارة مدرية السجون العامة والتي تشرف عليها اجهزة المخابرات الاسرائيلية بشكل مباشر تتعمد انتهاك حقوق الأسرى بشكل عام والاسرى المرضى والجرحى بشكل خاص حيث يعانون من سوء المعاملة الطبية وعدم توفير العلاج والفحوصات المناسبة لهم، حيث يقونمون باستهدافهم بشكل مباشر ومقصود ومبرمج من خلال اهمال أوضاعهم الصحية الصعبة وجعل الأمراض تتفشى في أجسادهم لتصبح لا علاج لها، مما يعريض حياتهم للخطر ودفعهم نحو الموت، ويعاني اكثر من أكثر من 700 أسير مريض بداخل المعتقلات الاسرائيلية ظروف اعتقال صعبة للغاية ومعرضة حياتهم للخطر والموت البطيء منهم نحو (170) حالة مرضية صعبة وخطيرة، بينها (25) مريضاً مصاباً بالسرطان أخطرهم الأسيرين بسام السايح، وسامي ابو دياك، و(17) أسيرا يقيمون بشكل شبه دائم فيما تسمى «مستشفى الرملة»، فيما يعاني العشرات من إعاقات حركية وشلل وأمراض الكبد الوبائي والفشل الكلوي والقلب وأمراض أخرى، وبلغ عدد شهداء الحركة الأسيرة الذين سقطوا جراء سياسة الإهمال الطبي المتعمد (64) أسيراً، كان آخرهم الشهيدان فارس بارود من قطاع غزة ونصار طقاطقة من بلدة بيت فجار ولا زالت سلطات الاحتلال تحتجز جثامينهم .
أنه ومن خلال مراقبة الوضع الصحي للأسرى على مدار سنوات، اتضح أن مستوى الرعاية الصحية المقدمة لهم في غاية السوء؛ فهو شكلي وشبه معدوم بدليل شهادة الأسرى انفسهم وازدياد عدد المرضى منهم، بل منهم من استشهد بداخل المعتقلات الاسرائيلية حيث يتعرض الاسرى لأسوء أنواع الرعاية الصحية في السجون ومراكز التوقيف والتحقيق الإسرائيلية .
ان موضوع علاج الأسرى قضية تخضعها إدارات المعتقلات الإسرائيلية للمساومة والابتزاز والضغط على المعتقلين؛ الأمر الذي يشكل خرقاً فاضحاً لمواد (29 و30 و31) من اتفاقية جنيف الثالثة، والمواد (91 و92) من اتفاقية جنيف الرابعة»، والتي أوجبت حق العلاج والرعاية الطبية، وتوفير الأدوية المناسبة للأسرى المرضى، وإجراء الفحوصات الطبية الدورية لهم .
أن المجتمع الدولي مطالب ممارسة الضغط على حكومة الاحتلال الفاشية واتخاذ إجراءات عملية ترغمها على الانصياع للقانون الإنساني والإرادة الدولية، خاصة وإنها تعتبر نفسها دولة فوق القانون، ولا تعير اهتماما للشرعية الدولية، الأمر الذي يستدعي محاسبة قادتها أمام محاكم مجرمي الحرب الدولية على ما يرتكبوه من جرائم يومية بحق أسرانا وعموم أبناء شعبنا الفلسطيني، وأن مؤسسات المجتمع الدولي وعلى رأسها الصليب الأحمر الدولي ومنظمات حقوق الإنسان وكافة المؤسسات الحقوقية ذات العلاقة مطالبة بالوقوف أمام مسؤولياتها القانونية والأخلاقية لحماية الأسرى، والتحرك الفوري لإنقاذ حياة الاسرى وخصوصا المرضى منهم، وكذلك النساء والأطفال وتمكينهم من تحقيق مطالبهم المشروعة، والعمل على إطلاق سراحهم جميعا كونهم مناضلين من اجل حرية شعبهم .
ان الاحتلال الاسرائيلي يرتكب جرائم بشعة بحق المعتقلين من خلال استخدام سياسة تعذيب المعتقلين التي تتبعها ( مخابرات الاحتلال الشين بيت ) بحق الأسرى الفلسطينيين وتخالف أحكام اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية ولا انسانية، وخاصة المادة 32 من اتفاقية جنيف الرابعة التي تمنع تعذيب الأشخاص المدنيين من الحرب، وتخالف أيضا المبدأ 21 من مجموعة المبادئ الخاصة بحماية جميع الأشخاص الخاضعين لأي شكل من إشكال الاعتقال أو السجن، والمادة 40 من اتفاقية حقوق الطفل التي تحظر الاستغلال غير المناسب لوضع المعتقلين بغية إجبارهم على الاعتراف وتوريط أنفسهم في تهم جنائية أو تقديم معلومات ضد أشخاص آخرين .
ان استمرار سلطات الاحتلال العسكري الإسرائيلي في احتجاز الأسرى في ظل ظروف صحية سيئة، يشكل خرقا صارخا للمواد 91 و92 من اتفاقية جنيف الرابعة التي تنص على أن يتوفر لكل معتقل عيادة مناسبة يشرف عليها طبيب مؤهل ويحصل فيها المعتقلون على ما يحتاجونه من رعاية طيبة، وكذلك على نظام غذائي مناسب، وتخصيص عنابر لعزل المصابين بأمراض معدية أو عقلية.
في ضوء هذه القوانين الدولية الخاصة بالأسري بات من الاجدر علي المنظمات الدولية العاملة في فلسطين الخروج عن صمتها وقولها الحقيقة ونستغرب هنا استمرار صمت منظمة الصليب الاحمر الدولي وتلك المواقف المريبة، وخاصة بعد الاعتراف الدولي في دولة فلسطين كعضو مراقب بات من الضروري العمل علي تطبيق معايير القوانين الدولية الخاصة بالتعامل مع اسرى الحرب وان بنود القانون الدولي الإنساني وقوانين الاحتلال الحربي لا تزال تنطبق على الأراضي الفلسطينية المحتلة وكونها تخضع للاحتلال العسكري الاسرائيلي والتي تنص على استمرار تطبيق بنودها طوال مدة الاحتلال ما دامت الدولة المحتلة تمارس السيطرة الكاملة في الأراضي الواقعة تحت الاحتلال، وهنا يجب معاملة الاسرى الفلسطينيين كاسري حرب ضمن المعايير الدولية وبات من المهم الان أن لا تقف منظمة الصليب الاحمر الدولي صامتة عاجزة لا تعمل أي شيء سوى الزيارات الشكلية للأسرى في سجون الاحتلال .
ان المؤسسات الدولية مطالبة بضرورة التحرك والخروج عن صمتها إزاء استمرار معاناة الأسرى حيث يعيشون أوضاعا صحية صعبة للغاية وباتت حياتهم مهددة بالخطر وفي حالة انتظار الموت المحقق، وهنا نتساءل اين دور منظمة الصليب الاحمر الدولي في ادانة ممارسات حكومة الاحتلال وخاصة في ظل استمرار معاناة الاسرى؟، ولماذا لا تخرج منظمة الصليب الاحمر الدولي وتدين حكومة الاحتلال علي ممارساتها وإجرامها المنافي للقوانين الدولية ؟، وفي ضوء ذلك بات لا بد من تحرك دولي مدين ومناهض لسياسات الاحتلال الاسرائيلي وخاصة ان سلطات الاحتلال الاسرائيلي تستمر في رفضها الاستجابة لمطالب الاسرى العادلة وتمارس عمليات قتلهم وإعدامهم بشكل ممنهج ومباشر.
أن الفعاليات التضامنية مع الأسرى التي تقام أمام مقرات المؤسسات الدولية تهدف إلى إيصال رسالة إلى الأمم المتحدة، وإلى المجتمع الدولي بأسره بضرورة أن يمارس دوره الإنساني من أجل اطلاق سراح الأسرى وتوفير الحماية لهم، وأن يقوموا بدورهم بالضغط على سلطات الاحتلال لإنهاء معاناة الأسرى وذويهم وان حق الأسرى المشروع في الحصول على حقوقهم التي نصت عليها الاتفاقيات والمواثيق الدولية يعد من اهم اهداف هذه المنظمات وخاصة منظمة الصليب الاحمر الدولي، ولدعم صمودهم وتحديهم لسلطات الاحتلال التى تمارس جميع أنواع الغطرسة بحقهم .
بقلم : سري القدوة
سفير النوايا الحسنة في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية
[email protected]