اسطوانة التهجير القسري لسكان قطاع غزة التي تداولها الاحتلال قبل أيام هي اسطوانة قديمة جديدة تم تفعيلها اليوم لتوظيفها من طرف الاحتلال لتحقيق المزيد من المكاسب السياسية خاصة وأنهم على أبواب انتخابات برلمانية ،هذا فيما يخص المحتل اما في ما يخصنا نحن كفلسطينين في قطاع غزة خاصة ، فقضية الهجرة نجد الكثيرين من الشباب وغيرهم يبحث عنها ويرغبها هربا من ضنك الحياة في قطاع غزة ومن الظلم الواقع على أهلها أو بحثا عن ما هو أفضل للمستقبل ، فالناس لم يعد بمقدورها الانتظار إلى ما لا نهاية في حالة العقم السياسي التي أصابت المشروع الوطني بعد انقلاب حماس في يونيو 2007 ، ما حصل في حينها شكل طعنة قاتلة في خاصرة العمل الوطني الفلسطيني جعلته يعيش حالة احتضار طيلة 13 عاما الماضية دون أي تقدم يذكر . ان هذا الواقع المأساوي الذي تجسد على الارض طوال هذه السنوات خلق طبقة جديدة في المجتمع من الأثرياء وأصحاب النفوذ وهي متميزة عن القطاع الشعبي ولها خصوصيتها في كافة مناحي الحياة.
إضافة لذلك هناك الكثير من أسباب عدم الرضا لدى غالبية الناس على واقع حياتهم المعيشي فمثلا كيف لخريج مهندس أن يقبل أن يكون عامل نظافة على بند بطالة في بلدية رئيسها لا يحمل ثانوية عامة ، كيف يمكن للمواطن أن يستمر في دفع أموال الأدوية والكشفيات والعمليات في المستشفيات وهو يعلم أنها حق مكفول له بالمجان ، كيف يمكن للمواطن أن يستمر في سماع دروس الصبر والجوع من محاضرين يركبون سيارات سعرها على الأقل يمكن أن يغطي مصاريف عشر عائلات لمدة عام ، كيف يمكن للمواطن أن يقبل باعتقاله ومحاكمته دون ضوابط قانونية واضحة بعيدا عن اللون السياسي( الشهيد تامر السلطان مؤخرا ) ، كيف يمكن للمواطن أن يستمر في قبول شراء الكهرباء التجارية بعشرة أضعاف السعر وهو يعلم أنها مباعة من كهرباء الدولة، كيف للمواطن أن يقبل مظاهر التسول الفاضح وتضخم الخريجين وانتشار الأمراض القاتلة حتى بين الشباب، والكثير من المواقف التي يسعنا حصرها في مقالنا هذا ولكن ما نريد قوله بعيدا عن التجميل وعن زخم المفردات التي تغسل عقول الناس وبعيدا عن ما هو وطني وغير وطني وبعيدا عن مصطلحات التخوين التي يستخدمها بعض اميوو الوطنية الذي لا يعرفون من هذا الوطن إلا نواصي الطرقات ، وبعيدا عن كل ماقيل وللأسف فإن استمرار حالة الجمود في الحالة الوطنية فإن ذلك سيقودنا إلى نتيجة حتمية ووحيدة وهي أن سياسات الاحتلال في التهجير ستنفذها أيدي فلسطينية بامتياز سواء كان ذلك بعلمهم أو بدون علمهم ولكن السياسة لاتقبل العمل بحسن النوايا ، لذلك وحرصا على مستقبل هذا الوطن وعلى شعبه فإننا ندعو الجميع أن يتحلوا بالجرأة الوطنية وان يدركوا خاصة أولي الأمر في قطاع غزة أن هناك مسؤوليات وواجبات وطنية لا يمكن أن تنجز بعيدا عن البيت الأم ومن يعتقد أنه قادر على تحقيق ذلك دون إجماع فلسطيني أو يراهن على عنصر الوقت وعلى الدعم الخارجي فنقول له رهانك خاسر خاسر ولن يبرئكم التاريخ من أي مسؤولية مما هو قادم من وضع يتدحرج ككرة الثلج من السيء إلى الأسوأ.
فادي شحادة