قال مدير موقع "فلسطين خلف القضبان" المختص بشؤون الأسرى، عبد الناصر فروانة، إن سلطات الاحتلال الإسرائيلي انتهجت الاعتقالات كسياسة واعتمدتها منهجاً وسلوكاً ثابتا منذ احتلالها للأراضي الفلسطينية، واستخدمتها كوسيلة للعقاب والانتقام، وأحيانا للإذلال والإهانة أو للضغط والابتزاز، حتى اصبحت جزءا اساسيا من منهجية الاحتلال في السيطرة على الشعب الفلسطيني، وباتت الوسيلة الأكثر قمعاً وقهراً وخراباً بالمجتمع الفلسطيني.
واضاف فروانة في تقرير صدر عنه بمناسبة مرور 26 عاما على توقيع اتفاقية "اوسلو" : أن الاعتقالات الإسرائيلية للفلسطينيين لم تتوقف يوما بالرغم من توقيع اتفاق "أوسلو"، وسُجل منذ توقيع الاتفاق في الثالث عشر من أيلول/سبتمبر 1993 أكثر من (120) ألف حالة اعتقال. وافتتحت سلطات الاحتلال العديد من السجون والمعتقلات لاستيعاب هذه الأعداد الكبيرة من المعتقلين.
واوضح فروانة بأن الاعتقالات منذ اتفاق "أوسلو" سارت بشكل متعرج، حيث شهدت الفترة الممتدة من 1993-2000 تراجعا ملحوظا، فيما عادت وارتفعت بشكل كبير مع اندلاع "انتفاضة الأقصى" عام 2000. لكن تلك الاعتقالات، وكما الفترة التي سبقت الاتفاق، فهي لم تقتصر على فئة محددة أو شريحة معينة، وانما طالت كافة فئات وشرائح المجتمع الفلسطيني، ذكورا واناثا، صغارا وكبارا، ومن كافة المناطق الفلسطينية. حيث سُجل منذ توقيع اتفاقية "أوسلو" في 13أيلول/سبتمبر1993، اعتقال نحو (2000) فتاة وامرأة، وقرابة (17500) طفل. كما وطالت الاعتقالات بعد "أوسلو" أكثر من نصف أعضاء المجلس التشريعي وعدد من الوزراء ومئات الأكاديميين والصحفيين والعاملين في منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الدولية.
واشار فروانة إلى وجود تلازم مقيت وقاسي، بين الاعتقالات والتعذيب، حيث أن جميع من مروا بتجربة الاعتقال، من الفلسطينيين، خلال الفترة المستعرضة، قد تعرضوا - على الأقل - إلى واحد من أحد أشكال التعذيب الجسدي أو النفسي والإيذاء المعنوي والمعاملة القاسية، مما يلحق الضرر بالفرد والجماعة، ويعيق من تطور الإنسان والمجتمع. وأن القمع والتعذيب والاستهتار بحياة المعتقلين قد تضاعف في السنوات الأخيرة. كما وان أكثر من عشرين قانونا استهدف الأسرى، قد نوقش وأقر من قبل الكنيست (البرلمان الإسرائيلي).
وكشف فروانة بأن (107) اسرى سقطوا شهداء بعد الاعتقال، منذ توقيع اتفاق "أوسلو"، نتيجة التعذيب والقتل المتعمد والاهمال الطبي وآخرهم كان الأسير/ المريض بسام السايح الذي استشهد في الثامن من الشهر الجاري. هذا بالإضافة الى عشرات آخرين توفوا بعد خروجهم من السجن بفترات وجيزة متأثرين بأمراض ورثوها عن السجون.
وفي سياق متصل ذكر فروانة بأنه وبالرغم من الأرقام الصادمة فيما يتعلق بالاعتقالات، فإن أكثر من (13) ألف أسير فلسطيني وعربي تم الافراج عنهم في إطار "العملية السلمية" منذ توقيع اتفاقية "أوسلو". وأن المئات منهم كانوا يقضون أحكاما بالسجن المؤبد (مدى الحياة)، وأن الكثير منهم كان قد مضى على اعتقالهم سنوات طويلة، وان آخر هؤلاء المحررين كانوا "الأسرى القدامى" المعتقلين منذ ما قبل "أوسلو" والذين أطلق سراحهم على ثلاث دفعات خلال العام 2013 بناء على اتفاق فلسطيني-اسرائيلي برعاية أمريكية فيما تنصلت الحكومة الإسرائيلية من الافراج عن الدفعة الرابعة وعددهم (26) اسيرا، أقدمهم الأسير كريم يونس المعتقل منذ (37) سنة.
وأكد فروانة على أن استمرار الاعتقالات واتساعها، وبالرغم من تأثيراتها السلبية وما تلحقه من أضرار على الفرد والمجتمع الفلسطيني، إلا أنها لا يمكن أن تقود الى أي نوع من السلام، أو أن تؤدي إلى استسلام الشعب الفلسطيني ودفعه نحو التخلي عن حقوقه، إذ لا يمكن فصل السلام عن الحرية، وأن الحرية المنشودة ستبقى منقوصة في ظل استمرار الاعتقالات وبقاء آلاف الفلسطينيين في سجون الاحتلال. فمع حرية الأسرى نقرأ فجر حرية الوطن.
يذكر أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تحتجز في سجونها ومعتقلاتها نحو (5700) أسير، بينهم (220) طفل، و(38) أسيرة، و(500) معتقل اداري.