(المضمون: قد تكون حكومة الوحدة مناسبة من ناحية المعسكر الليبرالي لوقف التدهور الذي وصلت اليه حكومة اليمين في كل المجالات. ومن ناحية اليمين، فانها هي الأفضل لضمان عدم خسارته الحكم. اما من ناحية المواطنين الاسرائيليين فان حكومة الشلل الوطني من الافضل الا تقوم – المصدر).
مرت حتى الان 35 سنة (بالضبط) منذ اقامة حكومة الوحدة الوطنية بالتداول. ولما كان هذا وقتا طويلا ولما كنت سكرتيرا للحكومة في ال 25 شهرا التي تولى فيها شمعون بيرس رئاسة الوزراء، فاني أود ان احذر من تكرار تلك الخطوة.
بودي أن اتمنى لانفسنا ان تكون الحكومة التي ستقوم في السنة القادمة حكومة حسم وليس حكومة عدم ثقة متبادلة وعدم قدرة حسم في اي موضوع تقريبا. ستقوم الحكومة التالية بعد الدقيقة التسعين : الاغلبية الفلسطينية غربي باتت منذ الان حقيقة . اسرائيل اليهودية والديمقراطية، التي تتبناها، وعن حق، بمعاييرها الديمقراطية، لا يمكنها أن تسمح لنفسها بفقدان الاغلبية اليهودية، الاخلاق اليهودية وقيمها الديمقراطية.
في السنوات الاخيرة، يحدق خطر حقيقي بالعمودين الفقريين هذين للمجتمع الاسرائيلي، وعندي أساس للامل في أن يقع التغيير الان. سيكون من الصعب جدا تحقيق مثل هذا التغيير في اطار حكومة وحدة وتداول . مثل هذه الحكومة هي المخرج الاخير حين لا تكون امكانية اخرى لاقامة حكومة عادية، يحاول فيها المنتصر في الانتخابات تحقيق الاهداف التي على اساسها انتخب.
في انتخابات 1984 ، حصل المعراخ على 44 مقعدا والليكود، برئاسة اسحق شمير – على 41 ، ولكن كتلة اليمين كانت اكبر . ظاهرا كان يمكن لشمير ان يشكل حكومة ضيقة برئاسته، ولكن كان هذا عيزر وايزمن، الذي
تولى قبل ذلك منصب وزير الدفاع من الليكود ويعتبر واحدا من خلفاء بيغن المحتملين، هو الذي ادى الدور الحالي لافيغدور ليبرمان . فقد اقام حزباً خاصاً به (ياحد)، رد محاولات شمير لاقناعه الارتباط به ووافق، مع كتلة الوحيد يغئال هوروفيتس (وزير المالية السابق في حكومة بيغن) للانضمام الى الكتلة المانعة مع المعراخ والمطالبة بالوحدة.
لم تكن هذه رغبة في اصلاح الشقوق وتوحيد الشعب بل ببساطة عدم قدرة المعراخ والليكود لاقامة الحكومتين اللتين ارادا حقا اقامتهما.
كانت هذه هي الحكومة الاكبر منذ قيام الدولة ) 25 وزيرا، الكثيرون منهم بلا وزارة) وائتلاف من 97 نائباً. وكمن كان الممثل الرسمي للحكومة، شعرت بالنقص الحقيقي للمعارضة وخفت في حينه على مستقبل ديمقراطيتنا، اذا ما بقي مثل هذا المبنى على حاله على مدى سنوات طويلة . في تلك الفترة وجدت ايضا فكرة الكابنت. وكانت الفكرة على النحو التالي: عندما تكون خلافات في الحكومة، ومنعا للقرارات من خلال "الاغلبية المتوفرة"، يمكن لبيرس او شمير أن يطلب نقل كل حسم الى هيئة اصغر من الوزراء، يكون فيها وزراء الحزبين الكبيرين فقط، خمسة من كل طرف، وفي ايديهم يكون الحسم النهائي.
واصبح الكابنت مقبرة المبادرات . من جهة نجح في دفن افكار حملات الرد العسكرية من جانب اليمين (والتي كان المقترح الرئيس لها هو ارئيل شارون)، ومن جهة اخرى نجح في منع مبادرات سياسية (مثل "اتفاق لندن" في
1987 ، المرة الاخيرة التي كان فيها الاردن مستعدا لان يدخل في التفاصيل وان يشارك في اتفاق سلام ثلاثي مع اسرائيل والفلسطينيين).
بعد سنوات من ذلك اعربت شخصيات مركزية في الليكود عن ندمها على رفض التوافق الذي نشأ بين الملك حسين وشمعون بيرس . ولكن الرفض كان طبيعيا في وضع المنافسة الدائمة بين الحزبين الكبيرين. معنى الامر هو أنه في معظم الحالات، ستثناء بضع حالات شاذة، كانت حكومة الوحدة بالتداول هي الاداة الناجعة في يد كل
طرف لمنع غيره من تحقيق سياسته او رؤياه.
في هذه اللحظة من ناحية المعسكر الليبرالي في اسرائيل، من الافضل حكومة كهذه على حكومة يمين تواصل التضييق على خطة المحكمة، خرق الاتفاقات مع الفلسطينيين والقوانين التي فيها ما يقلص بشكل كبير الديمقراطية الاسرائيلية. من ناحية اليمين، مثل هذه الحكومة قد تكون الفرصة الوحيدة لمنع خسارة حكمه . ولكن من ناحية المواطنين الاسرائيليين من الافضل الا تقوم مثل هذه الحكومة.