حمل الرئيس ابو مازن الملف الفلسطيني بكل تشابكاته ومكوناته وتعقيداته الي الجمعية العامة للامم المتحدة وتحدث في خطاب دبلوماسي واضح عن اهم الخطوط الثابتة للسياسية الفلسطينية تجاه الامم المتحدة والولايات المتحدة الامريكية واسرائيل والقدس والاونروا ومحاربة الارهاب والامن والاستقرار ولعل واحدة من اهم محددات الخطاب كان الشأن الفلسطيني والديمقراطية التي اضاعها الانقسام ولم تمارسها الاجيال الفلسطينية منذ ثلاث عشر عاما بسبب الانقسام الذي صادر الارادة الفلسطينية واعاق كل شيء تنموي حتي الفكر لم يعد ينمو ويتطور بشكل سليم ومستقل فكل حزب يعبئ افراده حسب مبتغاه وايدولوجياته الخاصة التي تخلو من الحفاظ علي الاخر وتقبله وتقبل مشاركته ضمن الاطار الوطني الواحد . الرئيس حرص علي وضع العالم في صورة المشهد الفلسطيني الداخلي وحرص علي حماية الديموقراطية في الارض الفلسطينية وطلب من الامم المتحدة ودول العالم مشاركة الفلسطينين العرس االديموقراطي من خلال الاشراف علي الانتخابات العامة و التاكد من شفافيتها ونزاهتها وسلامتها وعدم تدخل اي طرف فيها وهذا يعتبر في حد ذاته تاكيد علي ان القيادة الفلسطينية معنينة بتغير المشهد الفلسطيني الداخلي وتوحيد التمثيل السياسي وانها هذه الحقبة السوداء في تاريخ الشعب الفلسطيني التي آلمت الجميع وقضت علي امال الجميع .
الانتخابات العامة ليست مطلب قيادي فقط ولكنها مطلب دولي ايضا فلا اعتقد ان صورة الفلسطينين صورة محترمة امام العالم وهو يعرف ان لا انتخابات في فلسطين منذ اكثر من ثلاث عشر عاما دون مبرر حقيقي سوي مصادرة حق الشعب في اختيار ممثليه بما يتناسب وطموحاته الوطنية , ولعل الانتخابات اصبحت مطلب جماهيري واسع هذه الايام وخاصة بعدما اجرت اسرائيل انتخاباتها للمرة الثانية بحثا عن الديموقراطية في غضون ثلاث شهور وضجت منصات التواصل الاجتماعي بالاف المناشدات لعقد انتخابات عامة في فلسطين بالمثل . الانتخابات العامة في الاطر الثلاث ليست مستحيلة في فلسطين ولا معضلة كبيرة بل انها افضل الطرق لانهاء الانقسام وتجديد الحكم والشرعيات التي يعتقد البعض ان شرعيته سارية المفعول وغيرها لا ويفسر القانون حسب مبتغاه وهو لا يدري انه خارج الشرعية ولا يحق له التعدي علي شرعية الرئيس باي شكل كان لانه في المقام الاول اساء لذاته وتاريخه البرلماني وبنتائج الانتخابات نقول ان من يفوز يحكم ويتولي الشأن ومن يخسر يرجع الي صفوفه يناضل مع الاخرين ويقوموا اي اعوجاج يشوه الصورة الفلسطينية والمشهد النضالي الفلسطيني.
الانتخابات العامة الفلسطينية قد تصتدم بتحديات راهنة وخطيرة بالتاكيد تعيق تنفيذها بسلام اذا ما سمحنا لها بان تشكل عوائق حقيقية امام مسيرة الديموقراطية الفلسطينية واولها قناعات سلطة حماس في غزة بضرورة اجراء هذه الانتخابات دون تدخل لا من تحت الطاولة ولا من فوق الطاولة وحمايتها وتوفيرالاجواء المناسبة لتتم علي اكمل وجه وبشكل حيادي من خلال تفويض اللجنة المركزية للانتخابات والسماح لها بالعمل بحرية دون اي فيتوهات هنا او هنا ودون توظيف للقضاء وغير القضاء ليتحقق لهم وحدهم الفوز والغلبة . اذا استطعنا ضمان حيادية الاجهزة الامنية والقضاء والتنظيمات السياسية في غزة والضفة علي السواء من التدخل في مسيرة الانتخابات ومراحلها استطعنا ان نقول اننا اصبحنا علي قدر الحدث وارتقينا بمسؤولياتنا الوطنية الي المصلحة العامة للشعب الفلسطيني لكون الانتخابات مصلحة وطنية بامتياز وبالتالي اذا توفرت كل تلك الضمانات فعلينا ان نقبل بنتائج هذه الانتخابات مهما كانت طبيعتها لان صندوق الاقتراح هو الذي حدد السلطة القادمة ورئيس السلطة القادم واعضاء وتشكيلة البرلمان الوطني انطلاقا لتجديد هيكليات منظمة التحرير الفلسطينية .
التحدي الاخر الذي يواجه اجراء انتخابات عامة في فلسطين هو اسرائيل التي تسيطر علي القدس و تطبق كافة بنود صفقة القرن باعتبار القدس الشرقية عاصمة لاسرائيل لا يتوجب علي الفلسطينين الظهور باي تمثيل سياسي لهم هناك وهذا تحد كبير فلا انتخابات دون القدس ولا انتخابات دون ممثلين عن القدس الشرقية عاصمة الدولة الفلسطينية . الا اعتقد ان تسمح اسرائيل للجنة المركزية للانتخابات الفلسطينية بالعمل في القدس واحيائها وقراها اوتسمح بحرية وصول المقدسين الي صناديق الاقتراع وقد لا تسمح للفرق الدولية والمكلفة من برلمانات العالم والامم المتحدة بالوصول والاشراف علي هذه الانتخابات . ليس سهلا علي اسرائيل ان تقبل بهذا لان قبولها اجراء الفلسطينين انتخابات تشريعية ورئاسية وانتخابات مجلس وطني في القدس تفهمه بشكل سيادي لمن يفرض سيادتة علي المدينة المقدسة وتكون عاصمته , ولا اعتقد ان هناك حلول وسط للمقدسين للممارسة حقهم الانتخابي خارج حدود مدينتهم المقدسة وعاصمة دولتهم . من هنا نقول ان الاعلان عن انطلاق المسيرة الديموقراطية الفلسطينية امر سهل وازالة التحديات والعوائق التي ستكون نتيجة افرازات الانقسام في غزة امر ليس معقداً وسوف تقنع حركة حماس والفصائل بذلك وتستجيب للمطلب الشعبي والوطني وتقف علي الحياد وسوف تثبت للفرق الاجنبية والمشرفين الدوليين انها بالفعل حريصه علي هذا وحريصة علي ان يمارس كل فلسطيني حقة بالانتخاب لكن بالمقابل ازالة العوائق والتحديات التي ستصنعها سلطة الاحتلال متعمدة ليس سهلا ولا ممكنا دون حشد دولي كبير للضغط علي اسرائيل لتحترم قواعد القانون الدولي وتسمح للفلسطينين في القدس الشرقية بممارسة حقهم الديموقراطي داخل القدس وانتخاب ممثلين عنهم للمشاركة في ادارة دولتهم ومؤسساتهم الوطنية والبرلمانية ومؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية.
بقلم/ د. هاني العقاد