الادانة لا تكفي والمطلوب عمل جاد لعرقلة سياسة الاستيطان

بقلم: جاك يوسف خزمو

جاك يوسف خزمو

ادانة عدد كبير من دول العالم لما صرح به وزير خارجية اميركا مايك بومبيو بخصوص المستوطنات الاسرائيلية التي تقام على أرضنا الفلسطينية بأنها شرعية معطياً الضوء الأخضر الاميركي لقادة اسرائيل في المضي قدماً بهذه السياسة، سياسة التوسع والاستيطان التي تخالف كل القوانين والمواثيق والشرائع الدولية في العالم مشكورة ولكنها لا تكفي، ولن تغير من هذه السياسة الاسرائيلية ولن تؤثر على الاجراءات كلها المتعلقة بالاستيطان. بل ان اسرائيل قامت بتحدي هذه الادانة، والشجب العالمي الواسع لما تقوم به حالياً من توسيع للاستيطان وضرب كل قرارات الشرعية والبيانات الدولية عرض الحائط.

 

لا شك أن الادانة موقف نقدره لكل دولة في العالم تقف الى جانب شعبنا الفلسطيني، ولكن ستكون اكثر فاعلية وتأثيرا على اسرائيل اذا كانت مقرونة باجراءات ردع لهذه السياسة ولو كانت بسيطة. والشعب الفلسطيني يتطلع الى أن تقوم هذه الدول باجراءات عقابية على هذه السياسة التوسعية العدوانية. وكل الشكر لدول الاتحاد الاوروبي لاجراءاتها في مقاطعة البضائع المصنوعة في المستوطنات، ولكن نأمل أن تكون هناك اجراءات سياسية أوسع قد تجبر اسرائيل على التوقف عن هذه السياسة العدوانية.

 

وقبل أن نطالب دول العالم في اتخاذ اجراءات فاعلة ضد الاستيطان، علينا كشعب وقيادة العمل الجاد لمواجهة هذه السياسة. وقد يتساءل أحدهم: ماذا نستطيع ان نفعل؟

 

والجواب: لا نريد عملاً عسكرياً ولا عنفاً، بل نحتاج الى تشجيع عمالنا الفلسطينيين على مقاطعة البناء والعمل في هذه المستوطنات. ويجب الاعتراف بأننا ساهمنا في بناء المستوطنات من خلال عدم اصدار بيانات ومناشدات لوقف عمالنا عن البناء في هذه المستوطنات مهما كان الثمن. فيستطيع العامل أن يعمل في أي مؤسسة ما عدا مؤسسة "الاستيطان" لأنها تأكل أراضينا، وتساهم في ابعاد شعبنا عن أرضه ليحل مكانه الاحتلال؟ ويجب الا نلوم العمال، بل نلوم أنفسنا لأننا تغاضينا لسنوات طوال عن تذكير عمالنا حول خطورة طبيعة عملهم. وكان علينا ان نوفر لهم فرص عمل داخل أراضينا ليصمدوا وليوفروا لهم ولاطفالهم لقمة العيش من دون تركهم يتلاهثون نحو العمل في أي حقل وخاصة حقل الاستيطان!

 

قد يدّعي أحدهم أن هذه التوجهات الآن غير مجدية وقد تستطيع اسرائيل احضار آلاف عمال البناء من دول جنوب شرق آسيا للبناء في المستوطنات. وهذا صحيح ولكن استنادا الى اعتراف مؤسسات اسرائيلية رسمية فان العامل العربي أكثر انتاجاً واقل تكلفة، واقل معاناة للاقتصاد الاسرائيلي!

 

الدعوة الى مقاطعة عمالنا للبناء في المستوطنات هي متأخرة حاليا، ولكن ان بدأنا بهذه الخطوة فقد تعطل وتعرقل سرعة البناء التي نشهدها اليوم، لان الحكومة الاسرائيلية الانتقالية الحالية تسرع في قراراتها الاستيطانية لتسيطر على مجمل أراضينا المحتلة.

 

علينا أن نتخذ خطوات ونفكر كيف يمكن أن يعرقل البناء في المستوطنات، وكيف نقنع الشعب الاسرائيلي بأن الاستيطان خطر كبير على وجودهم ودولتهم. ويجب أن نعترف بأن الادانة التي نسعى اليها بخصوص الاستيطان غير كافية اذا ما كانت هناك سياسة فلسطينية جريئة تثبت للقادة الاسرائيليين ولادارة الرئيس الاميركي دونالد ترامب أن ما يتخذونه من قرارات استفزازية لن تؤدي الا لمزيد من العنف والعنف المضاد، ولن تؤدي الا الى انقسام دولة اسرائيل الى دولتين: احداهما على اراضي داخل الخط الاخضر، والثانية دولة المستوطنين المقامة على الاراضي المحتلة عام 1967.

 

يجب علينا العمل والتفكير والدراسة حول ما يجب فعله لتفريغ قرارات ادارة ترامب من مضمونها، ويجب أن نعترف بأن الادانة لا تكفي حاليا ولا مستقبلا، وبحاجة الى اكثر من ذلك!

جاك يوسف خزمو/رئيس تحرير مجلة البيادر

القدس 3/12/2019

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت