يرى مسئولون ومراقبون فلسطينيون أن إسرائيل تحاول تكريس سيادتها على كامل القدس عبر تجاهلها السماح بإجراء انتخابات تشريعية وفلسطينية في الجزء الشرقي من المدينة.
ولم ترد إسرائيل حتى الآن على طلب رسمي قدمته السلطة الفلسطينية في نوفمبر الماضي بشأن السماح لسكان الجزء الشرقي من القدس بالمشاركة في الانتخابات التشريعية والرئاسية ترشحا وانتخابا.
وتصر القيادة الفلسطينية على أن إجراء الانتخابات الفلسطينية العامة لن يتم بدون أن تشمل شرق القدس في مسعى يقول مراقبون إنه يخدم أهدافا سياسية.
ويرى المراقبون أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس يريد تصدير مسألة إجراء الانتخابات بمشاركة 400 ألف فلسطيني يقطنون في المدينة كتحدي سياسي أمام اعتراف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بكامل المدينة عاصمة لإسرائيل نهاية العام 2017.
وأكد الرئيس عباس قبل يومين تصميمه على إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية الفلسطينية في أسرع وقت ممكن، مشدداً في الوقت ذاته على التمسك بإجراء الانتخابات تصويتاً وترشيحاً داخل القدس الشرقية "عاصمة دولة فلسطين المحتلة".
وكانت وسائل إعلام إسرائيلية تحدثت عن تجاهل إسرائيلي رسمي لطلب السلطة الفلسطينية بإجراء الانتخابات في المدينة وعدم الرغبة في تقديم أي رود فعل.
ويقول عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أحمد مجدلاني لوكالة أنباء "شينخوا"، إن القيادة الفلسطينية لن تتراجع عن موقفها وهو "لا انتخابات بدون القدس".
وردا على الدعوات التي تنادي بإصدار مرسوم رئاسي بشأن الانتخابات بغض النظر عن موافقة إسرائيل، يعتبر مجدلاني أن هذه الدعوات "محاولة للمزايدات السياسية والضغط السياسي، وإخلاء لمسؤولية إسرائيل عن إفشال الانتخابات حال ما منعت إجرائها في القدس".
من جهته، يؤكد أمين سر المجلس الثوري لحركة فتح ماجد الفتياني لـ"شينخوا"، أن الموقف الفلسطيني الرسمي ثابت بأنه لا تنازل عن أن تشمل الانتخابات شرق القدس.
ويقول الفتياني "نحن لا نطلب إذنا من إسرائيل لإجراء الانتخابات وإنما نطلب من المجتمع الدولي منع إسرائيل من عرقلة الانتخابات في القدس، كون ذلك حق فلسطيني لا تنازل عنه".
ويضيف أن "قيادة اليمين الحاكم في إسرائيل جعلوا من قهر الشعب الفلسطيني مادة لانتخاباتهم وتصفية المشروع الوطني عبر السيطرة الكاملة على القدس عنوان رئيسي لبرامجهم".
واجتمع مسئولون فلسطينيون عدة مرات مع مسئولين دوليين خاصة سفراء وقناصل الاتحاد الأوروبي لطلب الضغط على إسرائيل بشأن إجراء الانتخابات الفلسطينية في القدس.
وفي هذا الصدد، يؤكد مسؤول الاعلام والاتصال في مكتب الاتحاد الأوروبي في القدس شادي عثمان لـ"شينخوا"، على ضرورة احترام الاتفاقيات الموقعة بين الفلسطينيين وإسرائيل بما في ذلك ما يخص مكانة القدس.
ويقول عثمان "ليس هناك حاجة لضمانات بشأن إجراء الانتخابات في القدس طالما أن هناك اتفاقا ما بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي سمح بإجراء الانتخابات بالمدينة في 1996 و 2006 وبالتالي يجب احترام هذه الاتفاقيات".
ويضيف أن "الاتحاد الأوروبي مستعد للتدخل حال كان هناك مرسوم فلسطيني يحدد موعد إجراء الانتخابات، باعتبار أن الاتحاد ينظر بإيجابية لموضوع الانتخابات وإجرائها بأسرع وقت لتجديد النظام السياسي الفلسطيني".
وكان الرئيس عباس قد أطلق مبادرته بشأن إجراء الانتخابات لأول مرة علنا في كلمته أمام الدورة 74 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في 26 سبتمبر الماضي.
وعقب ذلك، أعلن مسئولون في السلطة الفلسطينية أنها طلبت رسميا من إسرائيل السماح لسكان الجزء الشرقي من القدس بالمشاركة في الانتخابات التشريعية والرئاسية ترشحا وانتخابا، لكنها لم تتلق ردا حتى الآن.
وأجريت أول انتخابات فلسطينية تشريعية ورئاسية العام 1996، أما الانتخابات الرئاسية الثانية فجرت العام 2005 إثر رحيل الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، في حين جرت الانتخابات التشريعية الثانية في العام 2006.
وفي كافة هذه الانتخابات، شارك الفلسطينيون فيها في كل من الضفة الغربية - بما فيها القدس الشرقية - وقطاع غزة وهي المناطق المدعومة دوليا ضمن حل الدولتين لإقامة الدولة الفلسطينية العتيدة.
ويستبعد الكاتب والمحلل السياسي من رام الله عبد المجيد سويلم، موافقة الحكومة الإسرائيلية الحالية على الطلب الفلسطيني بشأن إجراء الانتخابات في شرق القدس.
ويقول سويلم لـ"شينخوا"، إنه "في ظل وجود اليمين الإسرائيلي المتطرف، من المستبعد تماما صدور موافقة إسرائيلية على إجراء الانتخابات الفلسطينية في القدس".
ويضيف "بالنسبة للقيادة الفلسطينية فإنه يتوجب عليها التمسك بموقفها ورفض تقديم تنازلات خصوصا بعد الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة لإسرائيل وما تشهده المدينة من تصعيد في خطط التهويد الإسرائيلية".
ويخلص سويلم إلى أن ملف الانتخابات الفلسطينية "صراع على القانون والأحقية والشرعية الدولية وبالتالي يجب التمسك بهذا الموقف وليكن الرفض الإسرائيلي هو المانع فلا يضر الموقف الفلسطيني ذلك".
كما أن شكوى السلطة الفلسطينية في الأشهر الأخيرة من حملة إسرائيل بإغلاق مؤسساتها في شرق القدس وتقييد حركة المسئولين منها يزيد الرهان على ملف الانتخابات.
وبحسب لجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية فإن عدد الفلسطينيين الذين يحق لهم الانتخاب في القدس يبلغ 75401 ناخب.
وأظهرت تقديرات سياسية أن انتزاع موافقة إسرائيل على الانتخابات الفلسطينية في القدس سيقوي الموقف الفلسطيني بشأن اعتبار الجزء الشرقي من المدينة عاصمة للدولة الفلسطينية العتيدة ويعيد تأثير اتفاق أوسلو على الملف الفلسطيني - الإسرائيلي في ظل تعثر مباحثات السلام بين الجانبين منذ العام 2014.