الحرب الشعبية طويلة الأمد

بقلم: أبو صهيب زقوت

أبو صهيب زقوت

عندما انطلقت الثورة الفلسطينية المعاصرة في٦٥ وما تبعها من ثوراتٍ؛ رفعت شعار (الثورة طريقنا للحرية)، (ثورة ثورة حتى النصر ).
وحددت شكل هذه الثورة بأنها حرب شعبية طويلة الأمد، وأن يكون الكفاح المسلح أحدَ أساليبها ، ولكن كان هناك أساليب أخرى عديدة لهذه الثورة، فكانت القصيدة، والأغنية، ومشرط الجراح، وقلم المهندس، وقلم الكاتب، والمدرس، والعامل؛ لذلك أوجدت هذه الثورة مهمة لكل فرد من أفراد شعبنا في الداخل والخارج، كبيرًا كان أو صغيرًا، رجلًا أو امرأة، شابًا أو شيخًا، الكل جندي في هذه المعركة.
لقد تحولت حياتنا جميعًا في الداخل والخارج إلى ثورة، وجميعنا مشارك في الحرب الشعبيه طويلة الأمد، التي يخوضها شعب مقهور هجر من أرضه قسرًا، ويعيش في مخيمات اللجوء، يطالب بحريته من عدو غاصب احتل أرضه، وقتل الآلاف من أبنائه، وهجره من أرضه، فثورتنا وحربنا هي حرب تحرر وطني وثورة شعب.
في ظل هذه الانتفاضة التي أتت بعد فشل مشروع التسوية مع العدو الصهيوني، وبعد التحولات المستجدات التي أفرزتها أوسلو؛ اتجهت الفصائل إلى عسكرةِ الانتفاضة، وتسويقها على أنها كفاح مسلح فقط ما بين العدو والفصائل الفلسطينية، بعيدًا عن الشعب المقهور الذي هو بالأساس صاحب القضية.
واستغل العدو هذا الجانب الإنساني في قضيتنا، وأن الشعب ضحية الفصائل، وبالغ العدو في تصوير قوة الفصائل للعالم؛ حتى يشرعن حصاره لشعبنا، ويفرض العقوبات عليه بمباركةٍ دولية وعالمية.
وأسهم في ذلك أولا الانقسام الفلسطيني، وثانيًا إعلام المقاومة، الذي صور مقاومتنا وكأنها دولة عظيمة تستطيع سحق العدو، ونسي هذا الإعلام، أو من يوجهه، أن المطلوب من المقاومة الاستمرار والحفاظ على ديمومة الثورة، وتراكم مكاسب وإنجازات بخطوات متتالية، وتسجل نقاطًا في مرمى العدو حتى يتم دحره عن كامل التراب الوطني الفلسطيني، ولم يركز على حقنا في عودتنا إلى ديارنا، ولم يسلط الضوء على جرائم العدو ضد شعبنا الأعزل الذي يدافع عن حقه بصدره العاري، أو بما توافر له من وسائل قتالية.
لذلك يجب علينا الخروج من هذه الأزمات، ومما وصلنا له في الحالة الفلسطينية من انقسام وضعف في السلطه والمنظمة، وكذلك في المقاومة.
يجب علينا إعادة ترتيب البيت الفلسطيني، وإعادة وحدة الوطن، وتشكيل كيان سياسي واحد بعد تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية، وإعادة صياغة المفاهيم مرة أخرى بما يتناسب مع المرحلة.
يجب علينا ان نعيد إعلان حربٍ شعبيةٍ طويلة الأمد، ونبتعد عن الحرب المفتوحة التي لا تكون إلا بين قوتين متكافئتين، ولقد جربنا حروبًا قدمنا فيها نماذج رائعة من البطولة والصمود، لكنها لم تحقق أي مكاسب سياسية.
الحرب الشعبية طويلة الأمد، والكفاح المسلح؛ أسلوب
لمحاصرة العدو بكل الوسائل المتاحة سياسيا وثقافيا وإعلاميا واقتصاديا وأكاديميا، وبكل الوسائل الأخرى المتاحة التي نستطيع ابتكارها لمحاربة العدو، نعم عودوا إلى ثورتكم، الثورة حياة.
عودوا إلى ثورتكم، يرحمكم الله.
حياتنا ثورة، ثقافتنا مقاومة.
حتما لمنتصرون، حتما لعائدون.

بقلم أبو صهيب زقوت

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت