يواجه الغزيون صيفاً مغايراً عن سابقيه من الفصول رغم عودة الحياة تدريجياً إلى طبيعتها قبل تفشي وباء فيروس كورونا، واكتظاظ الحدائق والمتنزهات وشواطئ البحر بالمواطنين هرباً من حر الصيف وانقطاع الكهرباء، إلا أن بائعي الفواكه ومنها البطيخ والشمام ينتشرون على أرصفة الطرقات والشوارع الرئيسة والفرعية في محافظات قطاع غزة.
وساهم القطاع الزراعي في انتاج محصول البطيخ بشكل مضاعف عن الأعوام الماضية، ما أدى لانخفاض سعره، إلا أن القدرة الشرائية لدى المواطنين ليست بالمستوى المطلوب جراء تؤخر صرف رواتب الموظفين والظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها القطاع، ما كبد المزارعين خسائر فادحة.
وأوضح أحد المزارعين أن انخفاض معدل كميات البطيخ المزروعة على مساحة 40 دونمًا في خان يونس جنوبي القطاع، إلى 7 أطنان في اليوم الواحد مقارنة بالمواسم السابقة التي تصل إلى 20 طناً. وأدخلت وزارة الزراعة بغزة نوعاً جديداً من ثمار البطيخ يدعى «المُطعم»، والذي يتحمل أمراض التربة عند زراعته، ويستغني المزارع عن كثير من المبيدات الحشرية، والتي غالباً ما ينصح العديد من المزارعين بضرورة منع زراعته بعد شهر مارس، خوفاً من أن يفقد جزءًا كبيرًا من مذاقه الحلو. وتتميز محافظتا خان يونس ورفح جنوب القطاع بزراعة ثمار البطيخ؛ نظرًا للمساحات الكبيرة من الأرض الزراعية، عدا عن المياه العذبة التي يُفضل ريها بها لضمان الحصول على بطيخ يتمتع بمذاق حلوٍ نسبيًا.
إشاعات التسمم
ورغم أهمية فاكهة البطيخ إلا أنها لم تخل من الإشاعات، حيث كثر الحديث مؤخراً عن وجود حالات تسمم لعدد من المواطنين بعد تناولهم لها، حيث تداول عدد من المواطنين لهذه الإشاعات بشكل كبير عبر الترويج لها عبر مواقع التواصل الاجتماعي وتأكيدهم وصول عدد من الحالات المصابة بالتسمم لأحد مستشفيات القطاع.
فيما تساءلت إحدى العائلات بعد إصابة رب الأسرة وأطفاله الثلاثة جراء تناولهم «البطيخ»، «من المسئول عن وجود مواد تسمم داخل الفواكه بغزة، وأين دور المسئولين في وزارة الزراعة والاقتصاد؟!.». وأضاف أحد المواطنين أنه «تجنب شراء البطيخ والشمام، واتجه لبدائل أخرى، بعد انتشار الشائعات بشكل واسع». فيما أوضح أحد أصحاب بسطات البطيخ تكبده خسائر جراء انخفاض الإقبال على شراء فاكهة البطيخ، نتيجة تخفيضه لسعر البطيخ حتى يتمكن من بيع كمياته المكدسة خشية تلفها».
قوانين صارمة
ونفى أدهم البسيوني الناطق باسم وزارة الزراعة بغزة هذه الإشاعات، قائلاً إن «المحاصيل الزراعية تخضع لأنظمة الفحص والرقابة، ومحصولي البطيخ والشمام يتمتعان بالجودة العالية، ويحظيان باهتمام كبير من وزارة الزراعة، لأنهما من المحاصيل الإستراتيجية التي تمكن القطاع من تحقيق اكتفاء ذاتي».
وشدد البسيوني على أن لدى الوزارة قوانين صارمة تُطبقها حفاظاً على المنتج المحلي، إلى جانب الفحص الدوري للعديد من العينات. مطمئناً المواطنين بخلو فاكهتي البطيخ والشمام من أي مواد تسمم. وبين أن المبيدات ليست مواد ممنوعة، وقد وجدت بشكل علمي لاستخدامها ضمن ضوابط محددة.
وقال البسيوني: «نزرع في الوقت الحالي 4500 دونم من البطيخ، وننتج ما يزيد عن 50 ألف طن وجميعها يتم استهلاكها داخل القطاع، وفي حال السماح بالتصدير للخارج، فنحن قادرون على إنتاج 100 ألف طن».
ويؤكد خبراء دوليون أن البطيخ الحلو والناضج يجب أن يكون وزنه ثقيلاً بالنسبة لحجمه، وهذا يعني أنها مليئة بالماء وبالتالي فهي أكثر نضجاً، في حين أن الثمرة الناضجة للبطِّيخ تصدر صوتاً مكتوماً عند القرع عليها، أما عندما تكون غير ناضجة فإن صوتها يكون رناناً. ويشير الخبراء إلى أن البطيخ الفاسد قد يسبب أضراراً كبيرة على المعدة خصوصاً في حال وجود فطريات.
تردي الأوضاع الاقتصادية لسكان القطاع والحصار الإسرائيلي المفروض منذُ أكثر من 14 عامًا، وقلة فرص العمل، والحروب الثلاثة التي شنت على القطاع، أدى لانهيار العديد من المرافق والقطاعات الحيوية والإنتاجية بغزة والتي كان من ضمنها القطاع الزراعي الذي هو بحاجة ماسة لمزيد من الدعم والتطوير ليصبح ذات جودة عالية,