حسبما أفادت غالبيّة المؤسسات الحقوقيّة والقانونيّة العاملة في الأراضي الفلسطينيّة بأنّ قطاع غزّة على حافة الانهيار الفعلي بفعل الحصار المُشدّد وجائحة "كورونا" الآخذة بالانتشار شيئًا فشيئًا، حتى أن الضفة الغربيّة ليست أحسن حالاً بفعل الجائحة أيضًا.
وسط هذه الأزمات الخانقة تطل علينا بنوك "فلسطينيّة"، بقراراتٍ جديدة ليس الهدف منها سوى خنق الموظّفين أكثر، وتعظيم ديونهم والفوائد المتراكمة أصلاً على كاهلهم، بعد أزمة الرواتب، إذ أرسلت عدة بنوك فلسطينيّة منها بنكي فلسطين والقدس حسب ما أكد لنا موظفين في السلطة اليوم الاثنين رسائل للعملاء لديها تُبلغهم فيها بأنّه سيتم منحهم "جاري مدين مؤقت بفائدة مخفّضة بقيمة 1% من الفائدة التعاقدية لتسديد الجزء المتبقي من الأقساط الشهرية المستحقة خلال فترة عدم انتظام الرواتب، وسيتم تسديده بنسبة وتناسب من قيمة الحوالة أو الراتب الوارد لحسابكم لاحقًا، وفي حال عدم رغبتكم بذلك يرجى مراجعة أقرب فرع من فروعنا".
واستغرب الموظّفون اللذين تواصلنا معهم "من وصول هذه الرسالة في هذا الوقت، خاصة وأنّ قطاع غزة فيه حظر للتجوال وكيف يمكن للموظفين أن يصلوا البنوك والطلب منها عدم الحصول على (جاري مدين) في ظل هذه الأوضاع والإجراءات الصحيّة".
وأكَّد الموظفون أنّ "البنوك هدفها فقط ابتزازنا وزيادة فوائدها المتراكمة علينا عنوة وبدون موافقة مسبقة منّا"، في حين يرى بعضهم أنّ "لجوء البنوك لهذه الحيلة هدفه الوحيد إغراق الموظّف أكثر في الديون وزيادة معاناته، خاصة بعد اشتداد أزمة الرواتب لموظفي السلطة في الأشهر الأخيرة".
بدوره، أوضح المختص في الشأن الاقتصادي محمد أبو جيّاب في تصريحٍ صحفي، أنّ "بنك فلسطين كان من ضمن البنوك التي أرسلت هذه الرسالة لعملائها"، موضحًا أنّ "البنك بهذا الفعل قد سمح لنفسه ودون طلب العملاء، بمنح الموظفين المقترضين (جاري مدين) وبنسبة فائدة، لخصم الأقساط المستحقة".
وبيّن أبو جيّاب أنّ العمليّة ستكون كالتالي بعد هذا القرار: "لنفترض أنّ أحد الموظفين لديه قرض من البنك الفلاني وعليه أقساط شهرية للبنك خاصة بهذا القرض، والآن البنك سيُعطي الموظّف (جاري مدين) مثلاً بقيمة 2000 دولار مع نسبة فائدة 1%، ولكن فعليًا الموظّف لن يستلم الـ2000 دولار نقدًا بل سيأخذهم البنك ويخصمهم من الأقساط الشهريّة الخاصة بقرض الموظّف، ومع فائدة أيضًا".
وقال أبو جيّاب إنّ "البنك طلب من الموظفين الذين لا يرغبون في هذه الخدمة التوجّه لأقرب فرع بنك لإلغائها"، متسائلاً: "لماذا أرسل البنك هذه الرسالة الآن للموظفين وهو يعلم أنّ البنوك مغلقة بشكلٍ تام ولن تفتح فروعها بسبب حالة منع التجوال من أجل مواجهة تفشي وباء كورونا؟".
وتابع أبو جيّاب: "حتى لو فتحت البنوك جزئيًا، فكيف سيلغي الموظف هذه الخدمة الإجبارية التي تمت بدون موافقته؟!"، مُؤكدًا أنّ "ذلك استغلال بشع وغير أخلاقي والتفاف على القانون".
وشدّد أبو جيّاب في ختام حديثه، على أنّ "مثل هذه القرارات المجحفة لا تهدف إلّا لمزيدٍ من تعزيز الأرباح والتكسب على حساب الموظفين من خلال استخدام أزمات البلد والمواطنين من أجل استغلالهم والاستثمار في معاناتهم".
يُذكر أنّ محافظ سلطة النقد الفلسطينية عزام الشوا، قد أكَّد اليوم الاثنين، أنّه "لن يتم الخصم من الدفعة المحولة عن راتب شهر 07/2020 لموظفي القطاع العام المقترضين من المصارف".
وبّين الشوا في بيانٍ له، أنّ "هذه التعليمات تأتي بهدف التخفيف من الآثار الاقتصادية للأزمة الحالية وأزمة فايروس كورونا، ومراعاة لظروف موظفي القطاع العام".
يُشار إلى أنّه ومنذ بداية أزمة فيروس "كورونا" في مارس الماضي، كانت سلطة النقد تنشر تعميمات هدفها مراعاة أحوال الموظفين -بحسب بياناتها- خاصة فيما يتعلّق بالقروض وأقساطها نظرًا للظروف القاهرة التي يعيشها جميع الموظفين، إلّا أنّ البنوك الفلسطينيّة كانت تغردٍ خارج السرب وهمّها الأول تحصيل كافة الأقساط أولاً بأوّل حتى ولو حساب طعام أطفال الموظفين.