التقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع الفنانة اللبنانية فيروز في منزلها في العاصمة بيروت، ومنحها وسام جوقة الشرف الفرنسي وهو أعلى تكريم رسمي في فرنسا، فيما أهدته فيروز لوحة فنية.
الرئيس الفرنسي وصل منزل السيدة فيروز في الرابية، يرافقه السفير الفرنسي برونو فوشيه، مستهلا زيارته الثانية للبنان في الذكرى المئوية الأولى لإعلان دولة لبنان الكبير، على أن يكون اللقاء الذي استمر ساعة وربع الساعة بعيدا عن الإعلام، نزولا عند رغبة العائلة.
ويعد وسام جوقة الشرف الفرنسي أعلى تكريم رسمي في فرنسا أنشأه نابليون بونابرت عام 1802.
زيارة "جميلة"
وصف ماكرون زيارته لفيروز بأنها "جميلة وقوية للغاية". وقال "تحدثت معها عن كل ما تمثله بالنسبة لي عن لبنان نحبه وينتظره الكثير منا ... عن الحنين الذي ينتابنا".
وعندما سئل عن أغنيته المفضلة لفيروز أجاب بأنها "لبيروت" التي كانت تذيعها القنوات المحلية بينما كانت تعرض صورا للانفجار وتبعاته.
ونادرا ما تتحدث فيروز لوسائل الإعلام رغم إذاعة أغنياتها عبر موجات الأثير من الرباط وحتى بغداد.
وكان الغضب من النخبة السياسية اللبنانية نتيجة الانهيار الاقتصادي وانفجار مرفأ بيروت الهائل الشهر الحالي، حاضرا لدى وصول ماكرون إلى منزل فيروز (85 عاما) التي تعد كنزا وطنيا ورمزا للسلام يتجاوز الانقسامات بين الفصائل والطوائف في لبنان وخارجه.
وظهر محتجون في بث تلفزيوني مباشر خارج منزل فيروز حاملين لافتات تعارض تشكيل حكومة مع "القتلة" وتحذر ماكرون من "الوقوف في الجانب الخطأ من التاريخ".حسب قولهم
وقابل ماكرون مطالب المحتجين بانحناءة بسيطة. وصرخ البعض قائلين "أديب لا" وذلك في إشارة إلى رئيس الوزراء اللبناني الجديد مصطفى أديب الذي رشحه الزعماء اللبنانيون الاثنين تحت ضغط فرنسي.
ويزور ماكرون بيروت للمرة الثانية خلال أقل من شهر كي يحث السياسيين على تشكيل حكومة مؤلفة من خبراء وقادرة على القضاء على الفساد والهدر والإهمال وإعادة البناء بعد الانفجار المدمر الذي شهده مرفأ بيروت هذا الشهر وأودى بحياة نحو 190 شخصا.
كانت القنوات المحلية اللبنانية تبث المقطوعات الغنائية، التي خصت بها فيروز مدينة بيروت، أثناء عرضها صور الانفجار وما نجم عنه من دمار.
وفي واحدة من أشهر أغنياتها تقول فيروز "حبيتك بالصيف!! حبيتك بالشتي!!" وهي أغنية طُرحت قبل دخول لبنان في أتون حرب أهلية استمرت بين عامي 1975 و1990، وهي فترة كان لبنان لا يزال فيها مشهورا بلقب "سويسرا الشرق الأوسط"، حيث كان يجتذب مشاهير هوليوود إلى مطاعمه وشواطئه البديعة.
وكان اللبنانيون يستمعون إلى أغنياتها على اختلاف دياناتهم وطوائفهم، سواء كانوا من المسيحيين أو المسلمين أو الدروز، حتى وإن كانوا يسفكون دماء بعضهم البعض في الشوارع.
وقال ماكرون للصحفيين عقب وصوله إنه مع احتفال لبنان بمئويته فإن ثمة فرصة سانحة "للسعي وتعلم الدروس والتطلع إلى المستقبل".
ونالت فيروز إعجاب رؤساء فرنسيين آخرين. فقد منحها الرئيس فرانسوا ميتران وسام قائد الفنون والآداب عام 1988 ومنحها الرئيس جاك شيراك وسام فارس جوقة الشرف في عام 1998.
وقال المغني اللبناني ملحم زين لرويترز إن لقاء ماكرون بفيروز سيكون رسالة مفادها أن "هذا هو لبنان الذي نريده".
وكان أول ظهور لفيروز، التي ولدت باسم نُهاد حداد، على تلفزيون أوروبي عام 1975 في برنامج فرنسي. وفي عام 1979، تضمنت أغنيتها "إلى باريس!" كلمات تقول فيها "يا فرنسا شو بقلن لأهلك عن وطني الجريح؟".
وخلال الحرب الأهلية قامت فيروز بجولة في الخارج، وأحيت حفلا غنائيا واحدا فقط في لبنان على خشبة مسرح بين شطري بيروت التي كانت مقسمة بسبب الحرب آنذاك.