القمة الفلسطينية والأسئلة المعلقة

بقلم: أسامه الفرا

أسامه الفرا
  •  د. أسامه الفرا

 بعد مطالبات امتدت لسنوات عدة جاء إجتماع الأمناء العامون للفصائل الفلسطينية عبر تقنية "الفيديو كونفرنس" بين رام الله وبيروت، وإن كنا ندرك أن تلك التقنية تتيح الفرصة للمتلصصين من الأعداء والأصدقاء متابعة أدق تفاصيلها فلا ضير في ذلك كون الاجتماع لن يبوح باسرار ولن يكشف عن خطط هي بالاساس الغائب عن الإجتماع، شارك في الاجتماع أربعة عشر فصيلاً جاء البعض منهم بصفته وريثاً لحقبة أكل عليها الزمن وشرب، حرص المشاركون على حجز مساحه لكل منهم في المهرجان الخطابي تسمح له بأن يدلي بدلوه كون ثقافتنا تعتبرها نقيصة بحقه وبحق فصيله إن لم يفعل ذلك، كما حرص كل منهم على أن يأتي ببعض المصطلحات التي تصلح لتداول وسائل الاعلام وأقحم في كلمته المزيد من الشعارات كي يمنح خطابه القوة المطلوبة ليحظى بالمديح والثناء من الحاشية المحيطة به.
 انفض الاجتماع ببيان ختامي تضمن الاتفاق على تشكيل لجنة من شخصيات وطنية وازنة تحظى بثقة الجميع، تقدم رؤية استيراتيجية لتحقيق إنهاء الانقسام والمصالحة والمشاركة خلال مدة لا تتجاوز خمسة اسابيع، ولا نعرف من اين ستبدأ اللجنة عملها وما يمكن أن تضيفه على الاتفاقيات العديدة السابقة، كما تم الاتفاق خلال الاجتماع على تشكيل لجنة وطنية موحدة لقيادة المقاومة الشعبية الشاملة، وجاء الاتفاق على تشكيل هذه اللجنة عملاً بمنطق الهرم المقلوب، نشكل اللجنة وبعد ذلك نتفق أو نختلف على مفهوم المقاومة الشعبية من حيث الشكل والموضوع، أدوات المقاومة وطبيعتها والجغرافية المتعلقة بها وعلاقة اللجنة بالحكومة من جهة وبالفصائل من جهة أخرى وما يزيد من تعقيد فهمنا لها أنها جاءت بمصطلح لجنة وليست قيادة وطنية موحدة تكون صاحبة الصلاحية والاختصاص.
المهم أنه بات على مصطلح القيادة الفلسطينية أن يفسح المجال بين مكوناته المختلفة للأمناء العامين، والحقيقة وكي نعطي الاجتماع حقه ونميزه عما سواه من إجتماعات تحمل صفة القيادة الفلسطينية وتجنباً للخلط فيما بينها قد يكون من المناسب أن نطلق على اجتماع الأمناء العامين اجتماع القمة الفلسطينية، ولما لا نفعل ذلك وكل فصيل يتصرف بإعتباره دولة بحد ذاته تبدأ بأمينه العام مروراً بهيكله وصولاً إلى جيشه الذي يحمل من المسميات ما تحملة جيوش الدول العظمى، ومن عجز منها عن تشكيل جيشه الخاص يمكن له أن يتحصن بمفهوم الدولة منزوعة السلاح، أما تلك الفصائل التي لها قيادة دون أن يكون لها شعباً تمارس عليه قيادتها فلا ضير في ذلك طالما الشعب لا يمارس حقه في انتخاب قيادته.
 ما يعنينا أن القمة جاءت دون تحضيرات تسبقها كما جرت العادة لذلك لم يكن بالامكان أن يصدر عنها أفضل مما كان، وعلينا أن ننتظر مفاعيل اللجان والقمة التالية على أمل ألا يطول أمدها، لكن بالمقابل على قيادات الفصائل أن تدرك أن لغة الانشاء والخطابة لم تعد تجدي نفعاً مع التساؤلات المعلقة دون إجابة، ما الذي علينا أن نفعله لمواجهة صفقة القرن بخطوات عملية ومدروسة؟، وكيف يمكن لنا أن نستعيد الدور العربي لنحصن به الموقف الفلسطيني؟، وما هي مفاعيل المقاومة الشعبية التي باتت تحظى بإجماع فلسطيني؟، وكيف يمكن لنا مواجهة تغول المستوطنات والمستوطنين؟، وماذا نحن فاعلون في ترجمة قطع العلاقة مع الاحتلال؟، وكيف يمكن لنا أن نتغلب على الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تعصف بنا؟، وما الذي يمكن أن نفعله لتخفيف معاناة الأسر المسحوقة من جهة وتقليص نسبة البطالة الخانقة من جهة أخرى؟، ومن قبلها كيف نستعيد وحدة المؤسسات الفلسطينية بين شقي الوطن؟، ومن بين هذه الأسئلة تطل الكثير من التساؤلات التي هي بحاجة إلى اجابات واضحة وشافية بعيداً عن الاجتهاد.
 إن كنا نبحث عن خرم إبرة نرى من خلالها أملاً في قدرة القمة الفلسطينية على معالجة ما أفسدته على مدار السنوات السابقة، فإن الأمل لا ينبت في أرض الخطابة ولا ترويه الشعارات والكلمات المنمقة ولسنا في فسحة من الزمن كي نؤجل المؤجل، والأهم من ذلك أننا لم نعد نحتمل خيبة أمل جديدة، نسأل الله لكم التوفيق والسداد ولشعبنا الصبر والسلوان.

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت