الكويت على العهد باقون

بقلم: علي ابوحبله

علي ابوحبله
  • المحامي علي ابوحبله

 برحيل أميرها، صباح الأحمد الجابر الصباح، يُتوقَّع أن تمضي الكويت على ذات السياسة والنهج الذي سارت عليه ، اتّبع الأمير الراحل سياسة مستقلّة عن نظيرات بلاده الخليجية، ساعدت في تحصين سمعة الكويت الإقليمية والدولية وثبات مصداقيتها بثباتها على ترسيخ دولة المؤسسات ، رغم الأزمات المتلاحقة، أعقبه ما بدا أنه انتقال سلس للحكم.
فنادي مجلس الوزراء بوليّ العهد، نواف الأحمد الصباح، خلفاً لأخيه، لتبدأ مرحلةٌ جديدة مع الحرس القديم نفسه، لكون الأمير الجديد تخطّى، بدوره، أعوامه الـ80، ما يمكن أن يمثّل " فأل خير" للكويتيين صحيح أن الكويت إمارة وراثية، لكن للناس فيها رأي ومشاركه في الحياة السياسية ، ذلك أن الدستور الذي كُتب بقلم أهلها، يمنح المؤسسة التشريعية المسمّاة " مجلس الأمة" صلاحيات تشريعية ورقابية جيدة، ، فإن نصوص الدستور قابلة للاستثمار بما يزيد من هذه المساحة الشعبية في القرار التنفيذي، والرقابة عليه.
كما يوجد في الدستور بعض من نفحات ما يسمّى في القانون الدستوري " المملكة الدستورية" . فالأمير لا يمارس صلاحياته مباشرة، بل عبر وزرائه (المادة 55 من الدستور). لكن الأهم، أن الدستور الكويتي لا ينص على أن تكون رئاسة مجلس الوزراء من حصة عائلة آل الصباح الحاكمة. ويظلّ الأمل مفتوحاً بأن يُقاد مجلس الوزراء، يوماً ما، من قِبَل شخصية شعبية، في ظل عدم وجود قيود دستورية.
 بل إن الدستور ينص على أن " يعيِّن الأمير رئيس مجلس الوزراء بعد المشاورات التقليدية» (المادة 56).‎ ويمكن تطوير مقولة " المشاورات التقليدية" لتُعبِّر عن الغالبية البرلمانية مثلاً، أو أيّ صيغة تمنح المجلس المنتخَب دوراً أوسع في المؤسسة التنفيذية. على أن التطوّر المفيد جرى بفصل ولاية العهد عن رئاسة الوزراء، منذ وصول الأمير الراحل صباح الأحمد، ما يُعدُّ أمراً حيوياً، بالنظر إلى الحاجة إلى مساءلة رئيس الوزراء، بصفته مسئول السلطة التنفيذية، إذ إنه حين يكون وليّ العهد رئيساً لمجلس الوزراء، فإن ذلك يضع " مجلس الأمة" في مأزق، لأنه يراد لوليّ العهد أن يكون في موقع أسمى، ربّما.
 الإشكال الأكبر أن الأمير الكويتي يتمتّع بصلاحيات عريضة؛ فهو رئيس دولةٍ بصلاحيات تنفيذية وأخرى تشريعية واسعة. وبهذا، يتموضع بالضرورة تحت بند المساءلة ما دام صاحب قرار تنفيذي، وذلك وفق الأطر الدستورية المتعارف عليها، بيدَ أن الأمير، في حالة الكويت، «ذاته مصونة لا تمسّ».
يتسلم نواف سدّة الحكم في مرحلة شديدة الحساسية، تشوبها التوتّرات الإقليمية بين السعودية وإيران، وفي خضمّ أزمة خليجيّة سبّبتها مقاطعة الثلاثي السعودية والإمارات والبحرين لعلاقاتها مع قطر منذ عام 2017، إلى جانب انطلاق قاطرة التطبيع في المنطقة بهمّة أبو ظبي والمنامة.
 مع ذلك، يُتوقّع أن يواصل الأمير الجديد سياسة سلفه القائمة على الوساطة بين الأفرقاء، والتي أثمرت، بقيادة صباح للكويت، منذ 29 كانون الثاني/ يناير 2006، خلق دبلوماسية متّزنة في منطقة ملتهبة، إذ سعى الأمير الراحل إلى تحقيق توازن في العلاقات مع جيران الكويت، فوثّق علاقات بلاده مع الشقيقة الكبرى، السعودية، وأعاد بناء العلاقات مع العراق المحتلّ السابق للكويت، وحافظ على حوار مفتوح مع إيران.
 يرجع ذلك إلى كون الراحل، وقبل تسلّمه مقاليد الحكم، قضى عقوداً في الدبلوماسية والسياسة في عهدَي أخيه غير الشقيق الأمير الراحل جابر الصباح، وابن عمه الراحل سعد الصباح.
وعرف خلال فترة عمله في الوزارة بكونه وسيطاً موثوقاً من قبل الدول الإقليمية والمجتمع الدولي. كذلك، يُستبعد أن تؤثّر الخلافة على سياسة النفط أو استراتيجية الاستثمار الأجنبي عبر الهيئة العامة للاستثمار في الكويت، أحد أكبر صناديق الثروة السيادية في العالم. فالسياسة النفطية يرسمها المجلس الأعلى للبترول في البلاد، الذي يعيّن أعضاءه الأمير.
 وستُراقَب عن كثب عملية اختيار الأمير الجديد لوليّ العهد ورئيس الوزراء، الذي سيُكلَّف بإدارة علاقة الحكومة، والتي غالباً ما تكون صعبة مع البرلمان، ولا سيما في وقت تتعرّض فيه المالية العامة للكويت لضغوط كبيرة، على خلفية انخفاض أسعار النفط ووباء «كورونا». بمجمل التوقعات الكويت على ذات السياسه والنهج والعهد باقون

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت