إسرائيل خسرت معركتها لتذويب القضية الفلسطينية

بقلم: علي ابوحبله

علي ابوحبله
  • المحامي علي ابوحبله

بعد قرابة عقد من الحروب والتدمير والتشويه والتيئيس والتضليل الصهيوني ، وفي ظلّ حملات صهيو امريكيه ضخت من خلالها مليارات الدولارات وهدفت لشرعنه احتلال فلسطين وتكريس إسرائيل أمراً واقعاً لا مناص منه، تأتي نتائج قياس الرأي العام العربي صادمةً للجهات المختصّة في الكيان الصهيوني . صدمةٌ دفعت رئيس قسم الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية إلى التحذير من الاعتقاد بأن العالم العربي سينسى فجأة القضية الفلسطينية، التي لا تزال " تقف على أبوابنا كقنبلة موقوتة" دراسة صادرة عن وزارة الشؤون الإستراتيجية والدعائية، أظهرت أن 90% من روّاد مواقع التواصل الاجتماعي في العالم العربي يعارضون التطبيع مع إسرائيل.
 وتأتي هذه الدراسة في سياق دأب تلك الجهات على رصد مفاعيل الحملات السياسية والإعلامية الهادفة إلى شرعنه احتلال فلسطين تحت عنوان التطبيع، والتحريض على قوى المقاومة في فلسطين ولبنان والعراق وسوريا .
فهي بذلك تستطيع تقييم نتائج الحملات السابقة، واستخلاص العبر منها، بهدف وضع الخطط الكفيلة بالقضاء على مكامن الفشل في السياسات المتّبعة. ولذا، فإن الدراسة الأخيرة، كما كشفت التقارير الإسرائيلية، وُزّعت على المسئولين الحكوميين والأمنيين، مع ما يعنيه هذا من أهمّيتها لدى مؤسسة القرار في تل أبيب.
تنطوي عليها نتائج الدراسة، حول المستجدات والتغيرات في العالم العربي ، كونها مؤشراً إلى توجّهات الرأي العام العربي حيال مجمل حركة التطبيع، وعاملاً مساعداً على استشراف المخاطر التي يستشعرها الكيان الإسرائيلي ودليلاً على أن كلّ ما تراكم من نتائج منذ «اتفاقية كامب ديفيد» عام 1978، مروراً بـ»اتفاقيتَي أوسلو ووادي عربة»، وصولاً إلى الاتفاقيات الأخيرة، يمكن أن يتهاوى في أيّ استحقاق لاحق. وتُمثّل الدراسة الحديثة جزءاً من مبادرة جديدة بقيادة وزيرة الشؤون الإستراتيجية، " أوريت فركَش هاكوهِن " ، " وهي تهدف إلى معالجة الرأي العام السلبي حول إسرائيل، وخاصة عبر مواقع التواصل الاجتماعي " ، ما يعني أنها جزء من " معركة الوجود " التي يستهدف من خلالها الكيان الإسرائيلي الشارع العربي.
في التوصيات، دعت الدراسة إلى شنّ " معركة وعي" لشرعية الوجود مضادّة، يتمّ خلالها التركيز على شبكات التواصل الاجتماعي باللغة العربية، وتحديداً في دول الخليج ودول أخرى قد يتمّ توقيع اتفاقيات معها. وشدّدت على ضرورة التركيز على المزايا الكامنة في الخطوات التطبيعية بالنسبة إلى الدولة المُطبّعة.
من جهتها، أوصت وزيرة الشؤون الاجتماعية بمراقبة النشاط المناهض لإسرائيل على وسائل التواصل الاجتماعي، بما تُمثّله الأخيرة من " منصّة رئيسة لتكوين الرأي العام" . ورأت أنه " نظراً إلى الأهمية الحاسمة لعمليات التطبيع بالنسبة إلى مستقبل الشرق الأوسط، وعلى ضوء هجوم خطاب الكراهية ضدّ شراكاتنا الخليجية الأخيرة، سنعمل على دفع عملية وعي إيجابية طويلة المدى باللغة العربية، ستُقدّم فوائد السلام" .
ويعني ذلك أن المرحلة المقبلة ستشهد تصاعداً في حملات التحريض والتشويه ضدّ قوى عربيه وفلسطينيه تعارض التطبيع ، وتسويق الفوائد المزعومة لـ" السلام" ، بهدف إنتاج رأي عام عربي مؤيّد لهذه العملية. بالنتيجة، يمكن القول إن أجهزة التقدير والقرار في مراكز الدراسات في تل ابيب تلقّت صدمة كبيرة، لا من نتائج الدراسة فحسب، ولا من كونها تأتي في أعقاب حملات منظّمة تشنّها الجهات المؤيّدة للتطبيع، وإنّما من حقيقة أنها تأتي أيضاً بعد كلّ ما مرّت به المنطقة من حروب وتنكيل ودمار وحملات تحريض وتشويه وتيئيس، الأمر الذي يؤشّر إلى أن الموقف الرافض للاحتلال الصهيوني لفلسطين لا يزال يحتلّ وجدان الشارع العربي. من هنا، يصبح مفهوماً تنبيه رئيس قسم الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية" أمان" ، العميد درور شالوم، في مقابلة مع صحيفة " يديعوت أحرونوت" قبل أيام (9/6/2020) تعليقاً على نتائج الدراسة، إلى أنه" محظور التفكير أنّ العالم العربي يتجاهل فجأة القضية الفلسطينية»، مُقرّاً بأنّ " هذه القضية تقف هنا على أبوابنا كقنبلة موقوتة" .

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت