- رشيد شاهين
ما يجري من تسارع للاحداث وهرولة عربية نحو الحضن الصهيوني، بقدر ما كان معيبا فانه قد يكون فيه بعض الفائدة للفلسطينيين بشكل خاص، من خلال الاعتماد على الذات، واستبعاد حالة الوهم اتي عاشوها على مدى عقود من أنهم يستندون الى حائط منيع من الدول والحكام العرب.
كذلك فان الكذبة الكبرى التي استخدمتها دولة الاحتلالوعلى مدار العقود السابقة ولم تتوقف عن الترويج على انها تعيش في محيط من الدول العربية المعادية التي تريد القضاء عليها ورمي شعبها في البحر، دعاية كانت تستعطف من خلالها الرأي العام الغربي، الذي تعتبر اسرائيل جزءا من ثقافته وعاداته وطبعا تقدمه الصناعي والتكنولوجي.، هذه الكذبة لم يعد من الممكن استخدامها لخداع العالم.
حقيقة الامر اننا نحن في فلسطين وبشكل خاص "شريحة" المثقفين والمسيسين، كنا نعلم كم هو حجم التآمر العربي على القضية الفلسطينية، تآمر ابتدأ منذ البدايات الاولى لبزوغ المسألة الفلسطينية والاطماع الصهيونية الاستعمارية في فلسطين، وكنا ندرك تمام الادراك انه لولا التآمر العربي لما نجحت العصابات الصهيونية بالنجاح في الاستيلاء على ارض الاباء والاجداد.
ما كان يمنعنا او يدفعنا الى الصمت عن ذلك ربما هو الحرص على الابقاء على ما يعرف بشعرة معاوية مع الدول العربية خاصة وان "الجغرافيا السياسية" تفعل افاعيلها، لكن ما جرى خلال الاشهر والاسابيع الاخيرة كشف حجم الانحطاط العربي، وبات الفرز واضحا وتبين الخيط الابيض من الاسود وصار الامر يتم هكذا بلا حياء أو استحياء وكشفت بعض الدول عن وجهها القبيح وسيتبعها دول اخرى.
اتفاقية التطبيع التي اعلن عنها مع السودان لم يكن صادما، حيث كانت هنالك مقدمات، وقد جرى التحضير لذلك منذ اشهر، ولم يكن لا مفاجىا ولا صادما ما تم الاعلان عنه.
في الحقيقة ان الشعور بالحزن أو الاسى الذي يعتري الفلسطينيين، هو ليس هذا الانحدار الهادر عبر توقيع اتفاقات للتطبيع مع دولة الاحتلال، بقدر ما هو الحزن على مصير الدول العربية التي تعتقد انها سيصيبها الكثير من هذه الاتفاقات، فهي لا تعرف دهاء ساسة الاحتلال ولا مكرهم ولا قدرتهم على تخريب البلاد والعباد، وعندما سيكتشفون ذلك فانما سيكون كما يقول المثل"بعد خراب مالطة".
ما نتمناه لاخواننا العرب " وخاصة الناس الغلابا والمسحوقين" الا يغرنهم كل هذا التطبيل وكل التزييف والدجل ومحاولات تجميل ما سيكون عليه الحال بعد ان حل " السلام " بينهم وبين دولة الكيان، فالعلاقة مع دولة الاحتلال لن تاتي لهم لا بالسمن ولا بالعسل، ودليلنا على ذلك اوضاع مصر والاردن.
ان اي مراجعة للاوضاع التي كانت سائدة في هاتين الدولتين"مصر والاردن" ، من ناحية حجم المديونية قبل المعاهدات، وحجم الفقر والبطالة وسقف الحريات وقيمة العملة .... الخ ومقارنتها مع الواقع الحالي ستبين كم كانت الاوضاع افضل بكثير مما هي عليه الان.
في هذا الاطار فاننا نحذر الشعوب الشقيقة في الدول التي تهرول قياداتها لاقامة العلاقات مع دولة الاحتلال من انها هي من سيكون كبش الفداء، خاصة وان الطبقات الحاكمة لن تتضرر بل ستزداد توحشا وتخمة، فالشعوب هي من سيدفع الثمن غاليا من خلال المزيد من الفقر والتجهيل والحرمان من الحقوق المدنية والانسانية، وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون، والايام بيننا.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت