- ناهض زقوت
منذ الامس لم أنم جيدا .. وأنا في حالة قلق شديد .. وتوتر عصبي لا يحتمل .. ادخن بشراهة .. فناجين القهوة مصطفة بالعشرات أمامي .. أقلب قنوات التلفاز بحثا عن معلومة .. أفتح الانترنت على المواقع الالكترونية عمن ينشر الخبر الصحيح .. أذهب إلى مواقع الواتس لعل أحدهم رصد مواقع الاخبار أو ما تناقلته الصحف العالمية.
أغلق كل الاخبار .. وأتمشى داخل الصالون .. وأنا أفكر أيهما سيفوز بالانتخابات الامريكية ترامب أم بايدن.
*
قمة السخرية ما تحدثت عنه سابقا، فلست أكثر من واصف لحالة الأنظمة العربية التي لم تنم ليلها وهي منقسمة على ذاتها .. بين من يدعو الله بفوز ترامب، ومن يدعو الله أيضا بفوز بايدن، كأنهما ملكان هبطا من السماء لاصلاح الكون وحل القضية الفلسطينية.
الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي وجهان لعملة واحدة في خدمة اسرائيل، وما الفوز من خلال المجمع الانتخابي وليس بأصوات الناخبين إلا تأكيد لانعدام الفارق بينهما، فكلاهما يخضعان لقوى سياسية عليا سواء معلنة أو مخفية، هي التي تحدد من الذي سينفذ سياستها القادمة.
لذلك من يعتقد أن بايدن غير ترامب فهو واهم، فهما يمثلان سياسة مؤسسة قائمة على قواعد أهمها الانحياز الكامل لاسرائيل وحفظ وجودها وأمنها، وإخضاع العالم العربي ونهب خيراته، ودفعه للاستسلام.
ثمة اختلاف بينهما في طريقة التعامل مع القواعد، فنجد ترامب كشف عن وجهه السافر في منح اسرائيل ما كانت تحلم به، من اعتبار القدس عاصمة ونقل السفارة، وإخضاع العرب للتطبيع مع اسرائيل، وتشريع صفقة القرن.
اما بايدن فلن يلغي ما أقرته السياسة الامريكية السابقة، انما سيجمل ما فعلته بكلام معسول، وبعض التغيرات كما جاء في وعده الانتخابي، ومراجعة صفقة القرن دون الخروج عن جوهرها.
كما لم تعطينا كفلسطينيين سياسية ترامب دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران، ستكون سياسة بايدن على نفس الطريق، لأن رفض الدولة الفلسطينية وفق الرؤية الفلسطينية اصبحت من القواعد الامريكية الثابتة، في تبني الرؤية الاسرائيلية.
يا حكام الزمن الذي انقضى .. على ماذا تراهنون؟ منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ومؤتمر يالطا هل لمستم مرة واحدة تغير في السياسة الامريكية الخارجية تجاه العرب، لا اعتقد .. بل مزيدا من الخراب والتخريب، والذل والاهانة، ودفعكم للاستسلام لاسرائيل.
اذا فاز ترامب سيكمل مشروعه في صفقة القرن، والتطبيع العربي مع اسرائيل، وضم الضفة الغربية.
واذا فاز بايدن سيكمل المشروع مع بعض التغيرات غير الجوهرية، مع تقديم مغريات لتجميل رؤيته.
على ماذا تراهنون؟
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت