- بقلم وليد العوض*
في مقالي السابق الذي نشرته جريدة القدس والعديد من المواقع والمنصات الاعلامية 'بعنوان منظمة التحرير والتحديات الصعبة' استعرضت الظروف التي واكبت تشكيل المنظمة كما تناولت العديد من المهام التي حملتها والانجازات التي حققتها في ظروف صعبة ومعقدة، على أمل أن يشكل ذلك اضاءه مفيدة للأجيال التي لم تعاصر تلك الحقبة المليئة بالأحداث الهامة التي تركت بصماتها على مجمل حياة شعبنا الفلسطيني ، وتعاملها مع تلك المرحلة بكثير من الاستخفاف والتبسيط كما وقد جاء ما كتبت ما يمكن اعتباره جرس إنذار لمن تبقى من الجيل الذي عاصر انطلاقة المنظمة وشبابها بل وعنفوانها وساهم في الكثير بما حققته من إنجازات وطنية في مختلف الميادين، هذا الجيل الذي يعرف بالضبط ماذا تعني المنظمة وماذا يعني اضعافها او الالتفاف عليها وشطب دورها وإلغاء مكانتها، انه يعرف ذلك لكنه يغض النظر عن ما يجري تاركاً المركب عرضة للأمواج التي تتلاطمه من كل حد وصوب، وقد هاتفني وكتب لي العديد من هؤلاء الأعزاء متسائلا وماذا بعد كل ذلك، ما العمل؟ وكيف يمكن التصرف لمواجهة كل هذه المخاطر التي تتعرض لها القضية الوطنية ومنظمة التحرير؟ وقد أشار العديد منهم محقاً أن المخاطر التي تواجهها المنظمة هذه المرة هي ليست من أعدائها الخارجيين المعهودين المعروفين والذين من السهل حشد الجهود والطاقات لمواجهتهم واحباط مآربهم ، بل إنها هذه المرة من داخلها ومما يعتري عملها من آليات تتسم بالتفرد والتهميش والبيروقراطية والاستخفاف ، الى ان وصلت الامور الى ما وصلت من ترهل وارتباك، الأمر الذي يجعل المشكلة أكثر تعقيدا بكل تأكيد، لكنه على أية حال لا يعفي أحد من واجب البحث عن معالجات جادة تحقق ما نصبو إليه حفاظا على المشروع الوطني وانقاذ منظمة التحرير مما وصلت إليه من ضعف،
وبعد - وحتى لا يبقى الحديث عن الحاجة لضرورة معالجة وضع المنظمة يدور في الإطار النظري، فإن ذلك يمكن ان ينتقل للخطوات العملية بعد أن تتوفر النوايا الجادة التي سبق واشرت لها للبدء بعملية جادة لتحقيق هذا الغرض عبر الانطلاق في حوار وطني شامل جاد ومسؤول تحت رعاية المجلس الوطني الفلسطيني وبرئاسته كونه مصدر كل الشرعيات لتحديد الأسس التي يتم الانطلاق منها لإنجاز هذه العملية وفق التالي:
▪ التأكيد على م ت ف كونها الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا الفلسطيني، والحفاظ على مكانتها ودورها فائدة لكفاح شعبنا لإنجاز أهداف مرحلة التحرر الوطني مما يتطلب إصلاحها وتفعيل دورها على مختلف الصعد
▪ التأكيد على وحدة الشعب الفلسطيني ووحدة أهدافه في كافة أماكن تواجده وأن الشعب الفلسطيني شعب موحد وليس مجموعات سكانية تتواجد في مناطق مختلفة
▪ الوصول إلى اتفاق على استراتيجية وطنية شاملة تصون الحقوق الوطنية الفلسطيني المتمثلة بحق شعبنا في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس على حدود الرابع من حزيران عام ١٩٦٧، وحق اللاجئين بالعودة الى ديارهم طبقا للقرار ١٩٤
▪ الحفاظ على الشرعية الفلسطينية وحماية مؤسساتها، والذهاب لانتخابات عامة، برلمانية ورئاسية ومجلس وطني، يتم التحضير لها وطنيا وعربيا ودوليا وانجازها خلال سقف زمني محدد ويلتزم الجميع بنتائجها
▪ حق شعبنا في مقاومة الاحتلال وفق القانون الدولي والاتفاق على المقاومة الشعبية وآلياتها في هذه المرحلة * حماية شعبنا الفلسطيني وتعزيز صموده على ارضه، لمواجهة المخاطر ومخططات التهجير القادم
▪ صون وحماية الحقوق الديمقراطية والاجتماعية لشعبنا وفقاً لما نصت عليه وثيقة الاستقلال
▪ العمل عربيا مع الأحزاب والاتحادات والشخصيات، جبهة عربية مساندة لنضال الشعب الفلسطيني
▪ وضع خطة شاملة للاهتمام الفاعل الجاليات الفلسطينية في دول الشتات.
إن التعقيدات البنيوية التي ترسخت في منظمة التحرير منذ تشكيلها، تتطلب الذهاب لهذه المعالجة بعملية مركبة على مرحلتين متتاليتين ‘التفعيل وتجديد البناء
- المرحلة الأولى تفعيل دور المنظمة:
وهي الأسهل من وجهة نظري إذا ما تبنى السياسيون القابضون على تلابيبها بذلك تبدأ باللجنة التنفيذية باستكمال ما حدث من النقص في عضويتها بسبب الوفاة أو الاستقالة وفقا لما تنص عليه المادة الرابعة عشر من النظام الأساسي للمنظمة، وأن تعمل اللجنة التنفيذية على استعادة هيبة وأسماء دوائرها ومؤسساتها وتنشيطها وإخراجها من بين جدران البيروقراطية والتكلس الذي أصابها وعزلها عن الجمهور، بالإضافة لتحديد مهمات أعضائها ومسؤولياتهم ، وتنظيم دورية اجتماعاتها والحرص على هيبتها و إلا يحضر هذه الاجتماعات غير اعضائها الا في حالات معينة تقتضيها الموضوعات المطروحة، وأن تستعيد تنفيذية المنظمة دورها كمرجعية عليا في كل ما يختص بالقضايا الوطنية والسياسية وأن لا يكون اعضائها وزراء في الحكومة وتمارس دورها كمرجعية للسلطة الوطنية وحكومتها، وتقوم بشكل جاد بمتابعة أوضاع الاتحادات الشعبية التي أصابها الترهل حتى غاب دورها وتلاشى.
وأن يصار لإجراء انتخاباتها بشكل جدي بعيداً عن نظام الكوته الفصائلي الذي تسبب في إصابتها بالشلل والكساح التام، بما يعيد لها دورها ويستعيد صلاتها وعلاقاتها مع مثيلاتها من المنظمات والاتحادات الشعبية العربية والدولية لحشد الدعم والتأييد الذي تميزت به خلال سنوات طوال لقضيتنا الوطنية في مختلف المجالات، وحيث أن اللجنة التنفيذية الحالية تعاني من غياب كلي لتمثيل الخارج بشكل ملموس ومحدد لابد لها من البحث عن سبل تجديد وتنظيم وتعميق الصلة مع جماهير شعبنا في المخيمات والجاليات في بلدان الشتات بما في ذلك امكانية تشكيل دائرة تختص بالعمل الجماهيري، والعمل على إعادة الصلة مع الأحزاب والقوى السياسية القومية واليسارية في البلدان العربية وصولاً لتشكيل جبهة عربية شعبية مساندة للقضية الفلسطينية رافضة للتطبيع خاصة بعد أن اقتصرت علاقات المنظمة على الاتصال مع النظام الرسمي العربي وتجاهلت الحاضنة الشعبية التي مثلتها الشعوب،
وان تعمل كذلك على تنشيط العلاقات مع الاحزاب الشقيقة والاحزاب في العالم لحشد التأييد والدعم لقضيتنا، كذلك لا بد وأن تشمل عملية التفعيل هذه دور المجلس الوطني وسبل استثمار عضويته الواسعة والمنتشرة في كل العالم ودور اللجان الدائمة في المجلس الوطني واللجان البرلمانية التي تتولى العلاقات مع البرلمانات العربية والدولية بما في ذلك ضرورة اعادة تشكيلها دون تفرد واستفراد وبما يضمن شموليتها السياسية والجغرافية ويحرص على مشاركة المرأة والشباب فيها، اضف الى ذلك إعادة النظر في دور السفارات وطبيعة عملها وطريقة تعيين السفراء ومهامهم ووضع خطة شاملة لتفعيل الدور المتآكل على هذا الصعيد سواء فيما يتعلق بالجاليات الفلسطينية أو حتى الدول التي تعمل فيها
▪ إن النجاح في تحقيق ما هو وارد أعلاه يضع المنظمة ومؤسساتها في وضع أفضل ويخرجها من دائرة الارتهان لحالة الانقسام بل قد يساعد على انهاءه، كما أنه يمثل مدخلا للانتقال للمرحلة الثانية، وهي إعادة بناء المنظمة وفق أسس ديمقراطية وتمثيلية صحيحة تعزز حضورها، وتمكنها من القيام بمسؤولياتها وتحافظ في نفس الوقت على مكانتها باعتبارها جبهة وطنية شاملة تضم القوى والتيارات الفلسطينية كافة. يتبع ..... ٢٦-١٢-٢٠٢٠
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت