- عمر حلمي الغول
السمات المشتركة بين رئيس الوزراء الإسرائيلي الفاسد، نتنياهو والرئيس الأميركي السابق، ترامب عديدة أيديولوجيا، وسلوكيا، وثقافيا وعبادة لكرسي الحكم. رجلان عُجنا من طينة واحدة، حكمتهما نزعات الغرور والغطرسة، وتغليب المصالح الخاصة على مصالح الحزب والدولة والشعب، ولا يتورعان عن ارتكاب اية حماقة أو نزوة تخدم نرجسيتهما، وبقاءهما في موقع القرار والحكم. ويجيران كل نشاط سياسي او إقتصادي أو إجتماعي أو ثقافي أو ديني لخدمة غاياتهما النفعية الفاسدة. رغم إدعائهما الإلتزام ب"الديمقراطية"، بيد انهما لا يعترفان بها عمليا، ويقفان في الجبهة المضادة لها.
ومن لا يتذكر الأمس القريب السادس من يناير الماضي (2021) عندما حرض الرئيس المهزوم في الإنتخابات الرئاسية، ترامب انصاره وقطعان عصابات البيض العنصريةعلى اإقتحام مبنى الكابيتول، لحمل المجلسين النواب والشيوخ على عدم القبول بنتائج الإنتخابات، واعتبارها مزورة، والتساوق مع روايته المفبركة والمتناقضة مع عمليات الفرز وإعادة الفرز في العديد من الولايات الأميركية. مما نتج عن ذك سقوط خمسة ضحايا، والعشرات من الجرحى. فضلا عن تهديد الديمقراطية الأميركية، والإنقلاب على الدستور ومصالح الشعب الأميركي العليا، حتى وضع مستقبل اميركا في مهب الريح.
الأمر ذاته فعله رئيس حكومة تسيير الأعمال، بنيامين نتنياهو اول امس الإثنين الموافق 8 آذار / مارس عندما حرض ودعا انصاره للتظاهر امام مقر وزارة القضاء، مدعيا أن المستشار القضائي، أفيحاي مندبليت يعرقل تنفيذ خطته الإقتصادية، وذلك لإنه رفض توجهاته بصرف مساعدات مالية لقطاعات واسعة من الصهاينة، وإعتبر المستشار ذلك عشية الإنتخابات شكل من اشكال الرشوة، ومحاولة إستمالة الشارع الإسرائيلي للتصويت لصالحه شخصيا، كي يبقى على رأس كرسي الحكم، ويقفز من قفص الإتهام وقضايا الفساد الثلاث الموجهة له: الإحتيال والرشوة وسوء الأمانة، التي تلاحقه. بالاضافة لقضايا فساد اخرى، منها قضية الغواصات والبورصة .. إلخ
جاءت عملية تحريض زعيم الليكود اثناء لقائه مع اصحاب ومصالح تجارية خلال جولة انتخابية يوم الإثنين الماضي، عندما دعا زوج سارة احد المتواجدين في اللقاء، قائلا له: "تعال مع جميع اصدقائك إلى وزارة القضاء." ووجه حديثه لصاحب المقهى، الذي جرى به اللقاء "يقولون إن هذا إقتصاد إنتخابات. بأي وقاحة هم لا يعطوننا هذا؟" واضاف أن "لدينا خطة لتحفيز عاملين على العودة إلى العمل، لكن المستشارون القضائيون والغانتسيون (بسبة لغانتس) ومن على شاكلتهم لا يسمحون بذلك." كما ذكرت صحيفة "يديعوت احرونوت" أول امس.
وتعقيبا على تفوهات النرجسي نتنياهو، قال مسؤول قضائي للصحيفة ذاتها، إنه "في جميع الأحوال، الهدف هو التحريض ضد مندبليت. وستصور أجزاء من الخطة التي سيتم شطبها لإسباب قانونية على انها رغبة من جانب نتنياهو لتقديم منفعة للشعب، بينما سيصور المستشار كرجل شرير. ويصعب ألا نرى ذلك خارج دائرة التحريض على المستشار وجهاز القضاء عشية مرحلة الإثباتات في محاكمة رئيس الحكومة." ولا يمكن لاي مراقب استمع لقول رجل الفضائح، وسيد الكذب إلآ ان يخرج بذات الإستنتاج، وهو ما يعني تفريطه بمؤسسات دولة المشروع الصهيوني، وإسقاطه لدور القضاء كليا. لإنه يدرك ان قضاء دولته، هو قضاء إستعماري واستعمالي وشكلي.
هذا وأكد العديد من اصحاب الرأي في شارع الصحافة والمنابر الإعلامية الاسرائيلية على ذات الإستخلاص، وهو ما يكشف خلفية الرجل الفاسد، الذي لديه الاستعداد لإن يفعل كل الموبقات لحماية راسه وزوجته وابنه يئير، ويؤبد وجوده في شارع بلفور، ويسقط التهم الدامغة عنه، او يتمكن من تمرير القانون الفرنسي، الذي يؤمن له الحصانة، ويحميه من الملاحقة القانونية. بيد ان حسابات الحاوي ليس بالضرورة ان تزبط دوما. لإن الجميع يدرك جيدا جدا حساباته الخاصة، وغالبية القوى الحزبية في الساحة الإسرائيلية باستثناء قوى الحريديم واليمن المتطرف والفاشي تعمل على إسقاطه من الحكم، وإنتزاعه عن كرسي الحكم عبر صناديق الإنتخابات، التي على ما يبدو انها قد لا تكون حاسمة. لا سيما وان رصيد الملك الفاسد مازال قويا، ويتبوأ حزبه وشخصه المركز الاول بين القوى المشاركة في انتخابات الكنيست ال24، وبالتالي لا شيء مضمون، وهذا انعكاس للأزمة العميقة التي يعيشها المجتمع الإستعماري الإسرائيلي.
[email protected]
[email protected]
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت