كرمت الهيئة العامة للشباب والثقافة بغزة، الشاعر الفلسطيني الراحل أحمد فرح عقيلان، وذلك ضمن مشروع "عاش هنا"، والذي تسعى من خلاله إلى تخليد ذكرى عدد من القامات والرموز والمبدعين الذين ساهموا في إثراء الحركة الثقافية والفنية والفكرية الفلسطينية.
وحضر حفل التكريم الذي أُقيم في مسجد دار القرآن الكريم والسنة بمدينة غزة والذي تم بناءه على نفقة الشاعر عقيلان، رئيس الهيئة العامة للشباب والثقافة أحمد محيسن، ورئيس دار القرآن الكريم والسنة الدكتور عبد الرحمن الجمل، ومدير عام الفنون عاطف عسقول، ومدير عام الآداب والعمل الأهلي سامي أبو وطفة، ومحمد الكحلوت، ورئيس مجلس عائلة عقيلان الدكتور بشر عقيلان، بالإضافة إلى وجهاء وأعيان العائلة.
وفي كلمة له، قال محيسن: "إن مشروع عاش هنا يهدف إلى تكريم المبدعين الراحلين من أبناء الشعب الفلسطيني، تقديرًا لإسهاماتهم المؤثرة في العمل الوطني ودورهم الريادي في النهوض بالثقافة الفلسطينية ونشرها، ونقلها إلى العالم"، مشيرًا إلى أنه تم من خلال المشروع تكريم حوالي (15) شخصية ثقافية، من شعراء وأدباء وفنانين ومؤرخين من قطاع غزة.
وأضاف: "كان الراحل عقيلان أديبًا وداعيًة متنوع الإنتاج الأدبي، فقد كان مغرمًا متيمًا بوطنه فلسطين وأرضها ومقدساتها، وكان هذا واضحًا في أشعاره الوطنية والثورية التي أججت نار الثورة في صدور المقاومين، وقد كان جريئًا صلبًا في مواقفه الوطنية".
من جانبه، قال الجمل: "إن للراحل أحمد عقيلان دورًا كبيرًا في تأسيس مؤسسة دار القرآن الكريم والسنة، وما حققته من إنجازات خلال السنوات الماضية في تحفيظ القرآن الكريم ونشر الدعوة الإسلامية وتجاوز أنشطتها الحدود الجغرافية لقطاع غزة ووصولها إلى أكثر من (80) دولة حول العالم".
وأضاف: "نظم الراحل الشعر بفنية عالية، وكانت لغته بسيطة سهلة طيّعة تأخذ الكلمات مواقعها المعهودة، وتنوع نتاجه الشعر في أغراض القول، ولكن قضية فلسطين ممتزجة بالهم الإسلامي العام تبقى المحور الذي تتفرغ عنه وتعود إليه القضايا الأخرى".
من جهته، قال عقيلان: "نحتفي اليوم برجل من رجالات فلسطين قبل أن يكون رجلًا من آل عقيلان، فهو ينتمي إلى أسرة الدعوة والأدب والتعليم والتربية، مربيًا يقود الأجيال، ويصنع الرجال، وينير الطريق، منارة من نور وضياء يراه القاصدون من بعيد"، مستعرضًا أبرز المحطات التاريخية في حياة الراحل وإنجازاته.
يذكر أن الشاعر أحمد فرح عقيلان ولد في قرية الفالوجة في فلسطين عام 1924، كان والده من علماء الأزهر، تعلم في مدارس قطاع غزة، وأكمل دراسته الثانويّة في "الكلية الرشيديّة" في القدس، ثم اجتاز الامتحان الأعلى لمعلمي اللغة العربية في الكلية العربية بالقدس عام 1946، ثم عمل مدرسًا للغة العربية في بعض مدن فلسطين.
مثل كل أبناء جيله الذين شردهم إرهاب العصابات الصهيونية عانى الشاعر من ويلات النكبة وشهد مأساة شعبه ومحنة اللاجئين، وقدمت عائلته الكثير من الشهداء وانتقل بعد النكبة عام 1948 إلى (خان يونس) ودرّس فيها حتى عام 1957.
في عام 1957 هاجر إلى المملكة العربية السعودية، ودرّس في معهد العاصمة النموذجي بالرياض حتى عام 1976، وعمل مديرًا للأندية الأدبية في الرئاسة العامة لرعاية الشباب، ثم مستشاراً بها، وعمل مستشارًا ثقافيًا للأمير الراحل فيصل بن فهد، وكان ضمن مؤلفي مناهج مواد اللغة العربية بوزارة التعليم السعودية، وعُين إمامًا وخطيبًا لمسجد الخيال بحي النسيم في الرياض.
قدم عقيلان العديد من الإنتاج الشعري والإبداعي والسير والتراجم، منها كتابه "أبطال ومواقف" صدر عن دار بن حزم، وله دراسات في النقد الأدبي مثل جناية الشعر الحر، والأصالة والحداثة.
وفي الشعر قدم عقيلان عدة دواوين شعرية وهي "البردة الجديدة" و "جرح الإباء" و"رسالة إلى ليلى" و "لا يأس".
توفى عقيلان في المملكة العربية السعودية بتاريخ 19 فبراير 1997 عن عمر يناهز 73 عامًا.