- د. خالد معالي
المتأمل بحال الضفة الغربية يرى العجب العجاب، أولى تلك العجائب هو العملية الانتخابية بعد أسابيع رغم وقوع الضفة تحت أعتى واظلم وأشرس احتلال، فهل تجوز المغالبة لقوى هي أصلا واقعة تحت ضغط احتلال متواصل يستنزف الأرض والإنسان.
هل هذا وقته؟! ما المنطق في معرفة أن هذا الفصيل برنامجه يلقى قبولا أكثر من برنامج الفصيل الأخر، أو أن جمهور هذا أكثر من ذاك، ومع ذلك منطق الأمور يقول إن المرء أو القوى أحيانا تضطر لخوض مسالك مكرهة وغير راغبة فيها، بهدف تقليل الخسائر في حالة عدم المشاركة بالانتخابات، "كتب عليكم القتال وهو كره لكم".
نظرة للضفة ترينا أن عوامل القوة متعددة، فأكبر قوة مهيمنة ومسيطرة ومعربدة هي الإحتلال، والاحتلال يتسائل: ما دام الوضع بالضفة مريح لنا، والاستيطان متواصل، والعمليات بالحد الأدنى وغالبيتها فردية غير مؤلمة كونها غير منظمة، إذن لماذا نوافق على إجراء انتخابات قد تقلب الاوضاع رأسا على عقب، أو على الأقل تغير ولو بالقليل من معادلة الضفة الغربية المريحة لنا؟!
بالعادة، الانتخابات تجري في دول مستقرة ومؤسسات تحمي نتائجها، ف"ترمب "حاول جاهدا اللعب بنتائج انتخابات امريكا وفشل، بفعل قوة المؤسسات الراسخة والمهيمنة، هذا طبعا ليس مديح لأمريكا ولكن استقراء لواقع، وانظر لما يجري في الدول العربية، أنظمة حكم شمولي، لا تنهض ولا تتطور، بل تتراجع بفعل الفساد والاستبداد.
لو أن حماس لا تشارك في الانتخابات، لقيل أنها لا تؤمن بصندوق الاقتراع، وأنها مثل داعش، ولا يحق لها أن تعترض على اي قرار صادر من المجلس التشريعي، فهو يمثل الشعب وقتها ولا يجوز الخروج على قرارات الشعب، وهذا لا يقبله أي عاقل.
هناك من يعول على المستقلين كي يساهموا بالتغيير، لكن من اين لهم ببرامج واقعية قابلة للتطبيق، وتمويل ضخم نفسي ومادي ومعنوي، فاصلا من هم تحت احتلال لا برامج لهم منطقيا وعقليا، سوى برنامج واحد مقاوم متفق عليه من الجميع، لان الاحتلال عامل كابح لاي برامج وتطوير وتحسين ، والا لماذا اسمه احتلال، ولاحظ كيف الخارجية الأمريكية تراجعت وقالت إن أراضي ال67, واقعة تحت احتلال، وهذا له دلالاته، وهذا ما يقره القانون الدولي.
ما المخرج إذن للضفة الغربية من حالة التعقيد التي تمر فيها، في فسيفساء معقدة ، الحل ابسط مما هو متوقع، وهو برنامج ولو بالحد الادنى، يقود لتحقيق تطلعات الشعب، وهذا ليس بالامر العسير.
الصراعات لا تتوقف، ومن يظن أن التعويل على الغير وانتظار التغيرات الإقليمية والدولية يمكن لها أن تنصره فهو واهم، لأن الأصل هو التركيز على القدرات والطاقات الداخلية واستنهاضها، وهي كثيرة جدا ولا تنضب، لدى الشعب الفلسطيني، وسبق أن أجبرت الاحتلال على هدم 22 مستوطنة بغزة واحبرته على الانسحاب.
فرد او مؤسسة او شعب، لديه خطط وبرامج ومراكز ابحاث، ويصدر القرارات بعد تمحيص وغربلة، واختيار الاقل خسارة او الافضل للتطبيق، هذا لا يمكن له ان يهزم، بينما شعب يفكر بالعيش تحت احتلال مفضلا رغد العيش، هو شعب غير موجود في التاريخ، لانه بكل بساطة يخالف طبائع الأشياء وسنة الحياة، التي قضت بزوال العابر الدخيل.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت