- المحامي علي ابوحبله
ماذا تفيد انتخابات تحت الاحتلال تقسم الشعب الفلسطيني وتشتت جهوده وطاقاته، فيما الاحتلال ومستوطنيه يواصلون سرقتهم ومصادرتهم للأراضي الفلسطينية ويعملون على تهويدها وطرد سكانها الفلسطينيين منها.. أنّ التجربة أكدت انّ مشاريع الاحتلال الاستيطانية التوسعية في فلسطين تسمنت وكبرت منذ اتفاق أوسلو وتنمو في ظلّ الوضع الراهن ومحاولات فرض الأمر الواقع ، وتتراجع وتتوقف عندما تتوحد الجهود لمواجهة مخططات الاحتلال ورفض اوسلوا وملاحقه انطلاقاً من أنّ سلطات الاحتلال ومستوطنيه لا يفهمون إلا لغة رفض سلطة الأمر الواقع ، أما لغة المسالمة والاستسلام لمخططاته فإنها تشجعه على التمادي في عدوانه.. كما برهنت التجربة بعد توقيع اتفاق أوسلو… الغريب بالأمر، أن دولًا إقليمية ودولية تظهر حماسها لإجراء الانتخابات الفلسطينية تحت سقف أوسلو وهذا موضع تساؤل ، ولكن عندما يطلب من هذه الدول التدخل والضغط على حكومة الاحتلال ، لإجراء الانتخابات في القدس باعتبارها أرضًا فلسطينية محتلة، تتحدث بخجل عن الموضوع وبعضها يتهرب .
لا أحد ينكر أن الانتخابات استحقاق دستوري ووطني و هي مصلحة وطنية فلسطينية، و ضرورة في هذه المرحلة، لكن لا يمكن تفريغ الانتخابات من بعدها الوطني، وحصرها في الشأن الداخلي والقضايا المعيشية لتكريس فرض سلطة الحكم الذاتي والى الأبد ، وهو ما يحمله إجراء الانتخابات تحت سقف أوسلو وما تهدف لتحقيقه بعض هذه الدول المتحمسة دفعنا نحوه، الأمر الذي يطرح التساؤلات.
أن مخاوفنا وتحفظ البعض من الفلسطينيين لإجراء انتخابات تحت مظلة أوسلو لها ما يبررها، خصوصًا وأن دولًا عربية وإقليميه قد جرى تدميرها من كثرة التدخلات في شؤونها الداخلية وسلبها لقرارها السيادي والمس بسيادتها . أن محاولة تفريغ الانتخابات من مضمونها الوطني، هي وصفة خطيرة تأخذنا إلى دائرة مفرغة لا تقودنا إلى أي شيء، أنها وصفة خبيثة هدفها إشغالنا عن الفعل النضالي الحقيقي عن أهدافنا الوطنية، وعن جوهر الصراع، وعناصره الرئيسية ومن أهمها القدس.
أن المتحمس لمساعدتنا لإجراء الانتخابات عليه أن يفعل كل شيء لتكون انتخابات حقيقية وجدية تشمل كافة المناطق وكل الشعب، وأن تكون بالفعل مقدمة للاستقلال ونيل الحرية. نحن لسنا دوله ذات سيادة كباقي الدول ، الواقع يقول أننا دولة تحت الاحتلال، وهنا تكمن معادلة الربط بين ما هو وطني وما هو معيشي أو شأن داخلي، الانتخابات لن تكون مدخلًا لتمرير مخطط تصفية القضية الفلسطينية التي وقفنا في وجهها بصلابة، لن نسمح أن ندخلها من شباك الانتخابات بعد أن أخرجناها من باب الصمود. لذلك القدس أولًا. ولكي نفهم ونعي أبجديات ذلك جيدًا، هذه ليست دعوه لتبرير تأجيل الانتخابات ، علينا أن نصر على إجرائها في موعدها، فهي مهمة لنا إذا أعادت بناء نظامنا السياسي وأعطته شرعية إضافية، وهي مهمة إذا استطعنا أن ننهي الانقسام من خلالها، واستعادة قطاع غزة وتوحيد الوطن، ولكن الهدف من وراء كل ذلك يجب أن يكون دحر الاحتلال وانجاز الاستقلال الوطني. نحن نريد انتخابات بمضمون وطني كامل وليس انتخابات لخطف القضية الفلسطينية وتصفيتها.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت