هل بمقدور فلسطين استيعاب جامعات جدد؟

بقلم: علي ابوحبله

علي ابوحبله
  •  المحامي علي ابوحبله

 وضع رئيس الوزراء محمد اشتية حجر الأساس لجامعة نابلس للتعليم التقني والمهني، ومبنى كلية إبن سينا للعلوم الصحية، أولى كليات الجامعة.وقال اشتية إن "هذه الجامعة ستكون عنوان للمهنية العالية والأداء المتميز، كما نضع أيضاً حجر أساس لكلية التمريض الممولة من الحكومة الفرنسية بمبلغ ما مجموعه 15 مليون يورو". وأضاف أن قرار إنشاء الجامعة يأتي ضمن إصلاح وتطوير قطاع التعليم التقني والمهني المستند إلى رؤية شاملة لتطوير رأس المال البشري، وإستراتيجية التعلم مدى الحياة لتكون المظلة الوطنية الموحدة لمعالجة تشتت وتبعثر أدوات التخطيط والتطوير لها القطاع. والسؤال هل فلسطين بإمكانها ان تستوعب المزيد من من الجامعات التقنية والاكاديميه ؟؟؟؟ ، في شمال الضفة الغربية توجد جامعة النجاح وكلية هشام حجاوي التقنيه وجامعة القدس وكلية عندليب العمد عدا عن مراكز التدريب المهني والتخصصي ، جامعه فلسطين التقنيه وهي تعنى بالتعليم التقني وهي جامعه حكوميه مقامه على أراضي خضوري وبإمكانها استيعاب الآلاف من ألطلبه من محافظات الوطن .
و الجامعه الامريكيه ومقامه في محافظة جنين وجامعه الزيتونه في سلفيت وجود 52 معهد وكلية وجامعة فلسطينية في مساحة جغرافية صغيرة كفلسطين (الضفة وغزة) عدد كبير جداً، وغير منطقي.
المعدل العالمي هو جامعة واحدة لكل نصف مليون.
من الأفضل تقليص عدد هذه الجامعات للثلث بحيث يتم تركيز الموارد والنفقات والكوادر الأكاديمية المميزة وتعزيز البنية التحتية واللوجستية في 18 جامعة تقدم تخصصات مختلفة ومتنوعة وحديثة بمستويات أكاديمية رصينة. مما سينعكس ايجاباً على رفع مستوى التعليم العالي وجودة معارف ومهارات الخريجين. وسيشكل نواة صلبة لأداء أكاديمي بمخرجات منافسة عالمياً. هذا خيرٌ من تكاثر الجامعات والخريحين بمهارات ومعارف متدنية تضرب الكيف لصالح الكم. تبقينا الأول عالمياً في عدد بطالة الخريجين وطلبات الهجرة. هناك ألاف الخريجين يتخرجون سنويا من جامعات الضفة الغربيه وغزه وهم عاطلون عن العمل وان معظم الجامعات الفلسطينية تعاني من عجز مالي بسبب محدودية الموارد ، وكل ذلك يعود لانعدام التخطيط الاستراتيجي وعدم وجود سياسة في عمليه التقنين والتوجيه في سياسة التعليم العالي من هذا المنطلق نجد ان الحكومة الفلسطينية ومن منطلق مسؤوليتها يقع عليها عبئ دراسة ذلك وان تضع ضوابط وتتشدد في عمليه الترخيص لان الجامعات والمعاهد التقنيه ليست سلعه تجاريه تباع وتشترى وان الجامعات هي ثمره جهود والمطلوب وضع استراتجيه للارتقاء بمستوى التعليم الجامعي وحتى لا يصبح التعليم سلعه تجاريه يرتبط وجودها لهدف تحقيق الربح أو أنها وسيله من وسائل المضاربات والمماحكات. ضمن سياسة المضاربات والتي نتيجتها تدمير التعليم الجامعي والتقني حيث بتنا نشهد تدمير ممنهج لمؤسساتنا بفعل تلك السياسات التي تفتقد لاستراتجيه طبقا للمعايير الدولية المعمول بها عالميا ،و يجب اخذ الدروس والعبر لكيفية استنهاض المؤسسات التعليمية الجامعية والتقنية بحسب ما هو معمول به دوليا فلسطين تتصدر عالمياً نسبة البطالة الأعلى بين خريجي جامعاتها. وبمقتضى هذه الصدارة المُرّة، يجب أن يتصدر هذا أولويات المؤسسة الرسمية لتطوير قطاع التعليم العالي في فلسطين.
 إن استمرار إنتاج هذا الكم من الخريجين بشكل سنوي في نفس دوائر التخصصات "جريمة" يجب أن يوضع لها حدّ. سيما وأن تشخيص العلة وأسبابها لدى المؤسسة الأكاديمية واضح إلى حد كبير في مستويات الدبلوم والبكالوريوس.
 يبلغ عدد الطلبة في 52 جامعة ومعهداً وكلية فلسطينية 218 ألف طالب وطالبة، وتضخَم عدد خريجي الجامعات والمعاهد الفلسطينية سنوياً لـ 44 ألفاً من كافة التخصصات، بطاقة استيعابية لسوق العمل أقل من 8 آلاف فرصة سنوياً فقط. كما بلغ معدل البطالة بين الأفراد الحاصلين على مؤهل دبلوم متوسط وبكالوريوس 56% (41% في الضفة، 73% في قطاع غزة). وارتفعت نسبة البطالة بين ألخريجي بنسبة 10% مقارنة بإحصائيات عام 2010.
وتتوزع البطالة حسب الجنس بنسبة42% للذكور و69% للإناث. نسب البطالة في بعض التخصصات صادمة ومروعة. العلوم التربوية 83%، العلوم الطبيعية 70%، العلوم الإنسانية 70%، العلوم الاجتماعية والسلوكية 64%، الرياضيات 55%، الحاسوب 55% (الإناث88%)!، الصحافة والإعلام 55%، الهندسة 45%، الصحة 43%.
 أيضاً 11-22 شهراً فترة حصول الخريج على أول فرصة عمل. هذا هدرٌ لطاقات هائلة. ومراكمةٌ للأعباء على كاهل البلد. السؤال هو: من يتحمل مسؤولية مآل الأمور إلى هذا الحد من البؤس وقلة الخيارات أمام أولادنا! الجواب مركب ومتعدد الطبقات، قد يكون الاحتلال أول مكوناته، لكن ماذا أيضاً؟ رأس المال ثانياً، الثقافة المجتمعية ثالثاً، ومن ثم المؤسسة الأكاديمية نفسها. والأخيرة هي الأهم وهي موضوعنا هنا.
 وليس السؤال هنا لتحميل المسؤولية والاتهام، بقدر ما هو دعوة لتغيير نمط تفكير المؤسسة الأكاديمية، وتحديث سياساتها العليا، ووضع خطط إعادة الهيكلة والمعالجة: التنافسية غير الحميدة بين الجامعات ، معظم التخصصات المطروحة في البرامج الأكاديمية مكررة ومتشابهة إلى حد كبير، لا سيما في الإنسانيات والعلوم الطبيعية والعلوم الاجتماعية والحقوق والحوسبة.
وما يدفع الطلاب للالتحاق بهذه الجامعة أو تلك غالباً الاعتبار الجغرافي وليس سمعة وفرادة التخصص. كما أن تصميمم البرامج الأكاديمية من قبل الدوائر المتخصصة يجب أن يكون ترجمة حقيقية للاحتياجات الفعلية للمجتمع والسوق بناءً على دراسات منهجية حقيقية، وبنظرة رؤيوية لسبع سنوات قادمة في الحد الأدنى. وهذا من البديهيات عند طرح التخصصات وتحديثها.
لدينا في فلسطين 52 معهد وكلية وجامعة، تضم 218 الف طالباً وطالبة، يحتوي معظمها على تخصصات مكررة حد الملل. لماذا لا يتم فتح تخصصات جديدة تنفرد فيها كل جامعة فلسطينية عن الأخرى؟ هناك انفجار معرفي عالمي، وهناك عشرات التخصصات الجديدة في العلوم الإنسانية لم تصل لجامعاتنا بعد. لدينا مشكلة حقيقية في توفر الكادر المحترف والمتخصص.
على سبيل المثال؛ لماذا لا نطرح برنامجاً متخصصاً في "العلاج السبراني cybertherapy"، وهو تخصص يجمع بين علوم النفس الادراكية وعلم الاجتماع وعلوم السلوك والأعصاب والثقافة الرقمية، لعلاج تداعيات الاحتشاد والتعلق البشري في العوالم الرقمية بمختلف الفئات العمرية وما ينتج عنها من مشكلات ذهنية، اجتماعية، ونفسية تستوجب البحث والفهم وأحياناً العلاج. لا سيما وأن نسبة جيدة في المجتمع الفلسطيني "مدمنو فيسبوك".
لن يكون بالإمكان فتح هذا التخصص حتى يتوفر في البيئة الأكاديمية متخصصون في هذا المجال. يجب استحداث تخصصات جديدة غير مسبوقة بناءً على تحديد الاحتياج الدقيق والرؤيوي للمجتمع والسوق. ما معنى أن معظم كليات الآداب والعلوم والهندسة في جامعاتنا نسخ كربونية عن بعضها! هذه تنافسية تحد من الإبداع وتفتقر إلى التنوع.
تتنافس الجامعات للاستحواذ على نفس الطالب لتقدم له نفس التخصص بنفس الكيفية تقريباً. هناك كمّ هائل من خريجي حملة درجة الماجستير والدكتوراة يرفدون البيئة الأكاديمية في المجتمع الفلسطيني سنوياً، ويفترض أنهم بتخصصات حديثة، غير أنهم لا يحدثون الفارق المطلوب في المشهد لافتتاح تخصصات جديدة؟ كثير من التخصصات الوافدة إلى المجتمع الفلسطيني تقليدية، وبعضها يأتي في سياق "البريستيج".
 في بعض التخصصات مثل الإعلام، والعلاقات العامة، والاقتصاد، والتربية، والعلوم السياسية، والقانون، والنوع الاجتماعي، والتاريخ، والجغرافيا، والفنون، والتنمية. مع أن كافة التخصصات والعلوم في تطور مستمر، ولم يبق تخصص على حاله تقريباً في العقدين الأخيرين، ويفترض أن هذه التخصصات محدثة ونحن نستعرض القياس المتعلق بموضوع الابحات نجد عدد العلماء (الباحثين) مقابل عدد السكان بالمليون.
“اسرائيل” الأولى عالمياً 8 الاف عالم/مليون، ايرلندا 4500/مليون، اليونان 3200/مليون، مصر 680/مليون، الاردن 370/مليون، العراق 64/مليون، تنزانيا 18/ مليون، فلسطين (غير متوفر في المصادر العالمية).
وهنا لا بد أن نستعرض مستوى الكادر التعليمي بحيث نجد تآكل في مستوى الكادر التعليمي ، يحدث أن أعضاء هيئات تدريسية يمضون في مواقعهم عشرات السنوات دون أن ينشروا بحثاً محكماً واحداً. ومن هنا تأتي ثقافة التلقين ولعنة "الدوسيات" (الدوسية: ملخص المادة في كتيب واحد).
ويحدث أن بعض المساقات تقدم كما هي منذ عقد. ويحصل أيضاً أن يمضي آلاف الطلاب سنواتهم الدراسية دون أن يتقنوا مهارة الكتابة أو منهجية البحث العلمي، والتقديم، والقدرة على عرض فكرة ونقاشها، بالإضافة لتدني المستوى الثقافي لمستويات خطيرة تعكسه قلة الإقبال على المكتبات الجامعية.
تدني مستوى المهارات الصلبة والناعمة ،هناك كم كبير من الخريجين يتفاجأون فور تخرجهم بتدني مستوى مهاراتهم الصلبة والناعمة التي يطلبها سوق العمل رغم ارتفاع معدلاتهم التراكمية. هذا يعود بشكل رئيسي إلى غلبة الجانب "النظري" على "العملي"، وكذلك ضحالة عمق المعرفة النظرية وأحياناً ضعف الكادر.
 احتياجات المجتمع أولاً ثم السوق ، تعاني دوائر العلوم الإنسانية إجمالاً من تدني الاهتمام بها لصالح العلوم الطبية والهندسية والقانون. كارثة حقيقية أن يتم إغلاق دوائر علم النفس والآثار والفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجي في بعض جامعاتنا لضعف الإقبال عليها. هذه كارثة.
هذه هي الدوائر التخصصية والمعرفية الفكرية التي تقود العلوم التقنية والحوسبة والطب والهندسة وليس العكس. الإنسان أولاً، معرفة وفهماً وفلسفةً، من ثم تطويع التكنولوجيا لخدمته. كان هذا موضوع واحدة من أكثر المقالات تأثيراً في القرن الماضي لـ"سنو بيرس" دعا فيها للجسر بين الإنسانيات والفنون والتكنولوجيا في التعليم الجامعي ودمج التخصصات.
تبنت دوائر المعارف الأكاديمية في الجامعات هذه الفكرة، وبعدها حصلت نقلة نوعية انبثقت عنها تخصصات جديدة وثورية تجمع بين الثلاثي المعرفي معاً. التعالي على دوائر العلوم الإنسانية في البيئة الأكاديمية والبحثية ينم عن عدم فهم لماهية وأهمية تخصصات كليات "الآداب" ويحد من الإبداع لمستويات قاتلة.
يجب على الجامعات إنشاء تخصصات مدمجة تجمع بين الفنون والإنسانيات وعلوم الاجتماع والعلوم الطبيعية والتكنولوجيا والهندسة. استمرار الفصل السميك بين الكليات والتخصصات يحد من الإبداع ويحد أيضاً من تعزيز ثقافة المشاريع الناشئة Start-ups. التخصصات المهنية التطبيقية ، فلسطينياً، نسب توجه الطلاب للتخصصات المهنية هي 20% مقارنة بالمعدل العالمي بنسبة 50% .
” وهذا يتطلب بناء البنية الخاصة بالتعليم المهني في الجامعات التقنية والتوسع بتخصصاتها وفق احتياجات السوق ويتطلب الإعداد لبنية تعليميه بمستوى عالي لطلبة الاعدادي والثانوي للتخصصات المهنيه!”.
وهذه يجب توفير التخصصات المهنية المتاحة في المعاهد وتحديثها لتتوائم مع التمدد التكنولوجي الهائل في كافة مناحي حياتنا. وبالمحصلة نقترح تغيير مسمى "وزارة التربية والتعليم العالي" إلى "وزارة التعليم والبحث العلمي”. ولهذا دلالات غير خافية. واهمها دراسة واقع الجامعات والمعاهد في فلسطين قبل التفكير في فتح وترخيص جامعات ومعاهد جديده تزيد في الأعباء المفروضة على الشعب الفلسطيني

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت