- بقلم نهاد ابو غوش
لي اصدقاء شخصيون، ورفاق درب ومسيرة حياة وكفاح طويلة مع عدد ممن جرى اعتقالهم، وأعرف معظم المعتقلين أو أعرف عنهم ومن هم، وأضم صوتي لأصوات من أدانوا واستنكروا عمليات الاعتقال التعسفي من قبل اجهزة أمن السلطة، وقرأوا فيها خطرا شديدا علينا جميعا وعلى مستقبنا، في هذا الصدد وتأكيدا لما قلته في عدد من المقابلات الصحفية أود التأكيد على ما يلي:
- الاعتقال السياسي مرفوض من حيث المبدأ سواء طال قيادات وطنية معروفة أو غير معروفة، أو ناشطين مشهورين، أو كتابا وشعراء ذوي مكانة وطنية أو عالمية مرموقة مثل زكريا محمد، أو شخصيات مناضلة لها مكانتها في الوجدان الوطني مثل الشيخ خضر عدنان وماهر الأخرس، أو أكاديميين وفنانين، أو ممثلي القوائم التي كانت مرشحة في الانتخابات، أو طال أي مواطن/ة أومعارض/ة، او شيخ او سيدة أو شاب/ة، أراد التعبير عن رأيه، أو شارك في تجمع سلمي أو احتجاجي.
- هذه الاعتقالات وعمليات القمع، توجّه رسائل سيئة وخطيرة لعدة جهات:
- رسالة للشعب الفلسطيني وقواه السياسية وحراكاته بأن السلطة قادرة على اجتياز كل الخطوط الحمر، بل ليس لديها مثل هذه الخطوط أصلا، فلا قيمة ولا هيبة ولا حصانة لأحد، وإلا ما معنى اعتقال شاعر أو مناضل أو قيادي أو عضو مجلس وطني، أو أسير كاد يقتله الاحتلال جوعا؟ تخيلوا أن السلطة بمثل هذه العقلية كان يمكن لها أن تعتقل أشخاصا مثل أحمد دحبور أو مريد البرغوثي أو حتى ادوارد سعيد ومحمود درويش! تخيلوا!
- رسالة لكل من يتابع أوضاع السلطة ويهتم بها توحي بأن هذه السلطة هشة وضعيفة لا تحتمل مظاهرة، وترى أن تجمعا لبضع عشرات الناشطين يمكن له أن يشكل خطرا عليها.
- رسالة أمنية خطيرة مفادها أن السلطة قادرة على القيام بأية مهمة أمنية حتى لو أغضبت الشارع الفلسطيني كله، رسالة كهذه يفهمها الإسرائيليون بأنه يمكن اختزال وظائف السلطة إلى دور الوكيل الأمني لحماية أمن الاحتلال، ففي هذه الحالة لا هي حاملة لمشروع وطني أو نواة له، ولا هي معنية بخدمة المواطنين والسهر على راحتهم وأمنهم وحل مشكلاتهم، وهو الدور المرفوض حتى الآن من السلطة ومن الجميع.
- الاعتقال السياسي لا يحل مشكلة السلطة أو الفريق المسيطر على قيادتها، ولا يحسم الخلافات السياسية ولا يرهب المعارضين، ولا يؤدي إلى الاستقرار واستباب الأمن، بل يؤجج المشاعر والأجواء ويؤزمها ويصعب من الحلول الممكنة ويعقدها.
- تكرار اعتقال بعض الشخصيات ثم الإفراج عنهم بكفالة أو من دون كفالة، يثبت أن اعتقالهم تعسفي وكيفي ولا سند قانونيا له، وهو إجراء عقابي بل انتقامي لا مبرر له.
- اعتقال السياسيين والمعارضين أكثر ضررا وأكثر إساءة لصورة السلطة ومكانتها، وعلاقتها بالناس من أي أثر كان يمكن لمظاهرة أو احتجاج أن يسببه مهما تخلل هذه الفعاليات الاحتجاجية من هتافات وشعارات، الضرر الأكبر هو لصورتنا أمام انفسنا وثقتنا بقدرتنا على مواصلة النضال من أجل إنجاز أهدافنا وانتزاع حقوقنا.
- قضية نزار بنات لم تحل حتى الآن، ومن حق المحتجين ان يواصلوا الاحتجاج، كل معالجات السلطة للقضية كانت سلسلة من الأخطاء، وإذا اعتقد أحد من المسؤولين أن احتجاز عدد من المتهمين أو المشبوهين كاف، فهو واهم. قضية نزار هي قضية رأي عام، ومن حق الناس أن تعرف ما الذي جرى ومن هو المسؤول ومن الذي حوسب ومن لم يحاسب، وما نتائج أعمال لجنة التحقيق.
- تكرار الخطأ الفردي لا يبقيه خطأ فرديا، وكذلك الأمر مع تكرار الصدفة والخلل التنفيذي والإجرائي، تكراره يؤكد وجود سياسة ونهج وتصميم على السلوك المرفوض.
- من بين المعتقلين صديق شخصي أقدره كثيرا، إنه من أنبل الناس الذين عرفتهم وطنية وأخلاقا، هو الصديق يوسف عمرو (ابو ممدوح) الذي جمعنا به سجن المحطة في الأردن، ثم عرف سجون الاحتلال لسنوات، وأفنى عمره في خدمة الشعب وتربية الأجيال، ابنه الأكبر وفلذة كبده ممدوح يمضي حكما بالسجن ثلاثين عاما بعد اتهامه بمحاولة تنفيذ عملية اصيب على أثرها بجروح خطيرة، أبو ممدوح يستحق التكريم من شعبه ووطنه لا أن يسجن ويساء له.
المصدر: -
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت