- بقلم فاضل المناصفة
بعد أسبوع واحد من سلسلة التصريحات التي أطلقتها اخت الزعيم الكوري الشمالي بحر الأسبوع الماضي، في محاولة لتلطيف الأجواء مع جارتها الجنوبية، والتي كانت بمثابة رسالة مطمئنة تبعث بنوع من التفاؤل بخصوص تغير سلوك بيونغ يانغ نحو سيول، استفاق الجميع مع نهاية الأسبوع نفسه بخبر مفاده أن كوريا الشمالية أطلقت تجارب لصاروخ، زعمت أنه أسرع من الصوت وقادر على تشكيل تهديد جدي لجميع الدفاعات الأمريكية المنتشرة في المنطقة.
ونشرت وكالة الأنباء الكورية المركزية الحكومية عبر مذيعتها ذات النبرة المميزة والمنتشية بهذا الإنجاز قائلة إن الاختبار أكد قوة الصاروخ ومواصفاته الفنية بما في ذلك القدرة على المناورة وخصائص الطيران الانزلاقي للرأس الحربي المنفصل الذي تفوق سرعته سرعة الصوت". وبعد أقل من ساعة من هذا الإطلاق، سارع سفير كوريا الشمالية لدى الأمم المتحدة، بالمبادرة في التعليق عن الحدث وتبرير، "الحق المشروع" لبلاده في اختبار الأسلحة و "تعزيز قدراتها الدفاعية". وأصر الدبلوماسي الكوري الشمالي على أنه "لا يمكن لأحد أن ينكر حق كوريا الشمالية المشروع في الدفاع عن النفس لتطوير واختبار وتصنيع وامتلاك أنظمة أسلحة"، واختتم المسؤول الكوري كلامه بجملة موجهة الى الولايات المتحدة الامريكية فيها نوع من التحدي الممزوج بنبرة خطابية معتدلة تفتح الباب نحو جر الأمريكان الى الحوار قائلا : "إنني مقتنع بأنه سيتم فتح منظور إيجابي للعلاقات بين الولايات المتحدة وكوريا الديمقراطية والعلاقات بين الكوريتين إذا امتنعت الولايات المتحدة عن تهديد كوريا الديمقراطية وتخلت عن عداءها لها ".
وكما كان متوقعا جاء الرد الأمريكي من وزارة الخارجية الأمريكية ليدين إطلاق الصاروخ الجديد. ورأت الخارجية في بيانها أن "هذا الإطلاق يشكل انتهاكا للقرارات المتعددة لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ويمثل تهديدا لجيران (كوريا الشمالية) والمجتمع الدولي"، داعيا بيونغ يانغ إلى "الدخول في الحوار". وأضافت هذه التجربة دليل أخرا انه لا يمكن التنبؤ بما في امكان هذا النظام العسكري أن يشكل من خطر بجيرانه والعالم بأسره حتى وان أطلق كلاما معسولا في تصريحات يراد منها تلطيف الأجواء وجس النبض قبل إطلاق المفاجئة.
وربما تكون الدعوة الامريكية الى الحوار أكثر شيء تبحث عنه بيونغ يانغ وهي فتح قناة تواصل مع إدارة بايدن التي اتسمت بنوع من الفتور منذ البداية مع كوريا الشمالية، على عكس ادارة ترامب التي كانت تشدد في كل مرة على سياسة الاحتواء وحل النزاع مع كوريا الشمالية بأقل الاضرار وبمبدأ " سندفع المال لنشتري راحة البال ".
وتكمن خطورة الوضع بعد هاته التجربة في أن تطوير كوريا الشمالية لما يسمى بمركبة الانزلاق الصوتية (HGV) هي أحدث دليل على أنها تسعى إلى اختراق الدفاعات الصاروخية الأميركية، في كل من شمال شرق آسيا والبر الرئيسي للولايات المتحدة وهو ما يشكل تهديدا عاليا الدرجة على هاته الأخيرة حيث يلزمه تحرك سريع قبل نشر جميع الأسلحة أو اختبارها بالكامل خاصة وأن هذه التجربة الجديدة احدث ارتبكا كبيرا في منظومة الدفاع في شبه الجزيرة الكورية ووضعت المنطقة على كف العفريت الكوري الشمالي الذي قد يقوم بتهور كبير يجعل الجميع يدفع ثمنا غير قابل للتسديد، وهذا ما أكده المتخصص في الشؤون النووية والدفاعية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا " نارانغ فيبين، إن هذا الصاروخ سيشكل مشكلة كبيرة للولايات المتحدة، حيث قد يكون من الصعب العثور عليه وتحديد مكانه
ان امتلاك مثل هذا النوع من الأسلحة في دولة تمتلك سلاحا نوويا وتؤمن بثقافة الثأر من الأعداء، أمر في بالغ الخطورة وينبغي أن يأخذ على محمل الجد خاصة وان لا شيء لنظام كوريا الشمالية خسارته، إذا كان الوضع الإنساني في الأصل كارثيا، وينذر بانتشار المجاعة القاتلة داخل البلاد، ولربما يكون هذا الوضع في الأساس الشي الذي حرك بيونغ يانع الى استعمال أسلوب من الترهيب من اجل تلقي مساعدات إنسانية من دون الحاجة الى الانحناء الى الدول العظمي واستعطافهم، بل جرهم الى تقديم عروض من دون ان يكون هنالك احراج أو تقزيم لهاته الدولة العسكرية الفريدة من نوعها على مر العصور .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت