- د. سلامه أبو زعيتر
في حضرت الشهداء تصمت الالسن، وترفع الأقلام، وتجف الصحف فهم الاكرم منا جميعا، ولن تفيهم الكلمات حقهم علينا، وواجبنا أن نتّقيد برسالتهم، ونسير على نهجهم نحو الحرية والاستقلال وإقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة بما يرتّقي لحجم تضحيات شعبنا ودماء أبنائه الزكية. نحيي اليوم ذكري شمس الشهداء الرمز القائد أبو عمار، ذلك القائد الوطني والعربي الاممي الذي تشهد له الساحات والميادين والمحطات النضالية في تاريخ الثورة المعاصر، وما زال أيقونة للنضال ونموذجاً ثورياً لكل الاحرار، والثائرين ضد الظلم والاستبداد والساعين نحو الحرية في كل أنحاء العالم، تستحضرنا المواقف والبطولات والتضحيات العرفاتية لتضيء الطريق، وتنير البصيرة بالدروس والعبر بما تحمل من معاني صادقة ومشاعر أبوية وأخوية للكل الفلسطيني، فكانت العلاقات الوطنية وفلسفتها تقول "نختلف مع أبو عمار ولا نختلف عليه"، فهو القائد والمؤسس والمعلم لثورنا الفلسطينية المعاصرة، والتي شكلّت مدرسة ونظرية ثورية لكل المناضلين، ودستور لكل الشرفاء وبوصلة موجه نحو القدس والحرية والاستقلال، وإقامة الدولة الفلسطينية المدنية والمستقلة وعاصمتها القدس .
أصبح اليوم العرفاتي 11/ نوفمبر يوماً وطنياً بامتياز تبدأ الاستعدادات لإحيائه من بدايات الشهر، فتهتز المشاعر الوطنية وتثور مواقع التواصل الاجتماعي بالشعارات والخطابات والعبارات الثورية احتفاءاً بالقائد الرمز ياسر عرفات وتخليدا لذكراه، والترحم عليه وذكر مناقبه وعطاؤه، وكأن الحكمة الإلهية أن يظل هذا القائد نبراساً يُنير الطريق لكل الأجيال؛ ومحبوباً في قلوب كل الشرفاء، بمكانة ومقام الاب للجميع، لا نعجب من عدالة السماء فهو من الرجال الذين صدقوا الله فصدقهم، وهم من ينطبق عليهم قوله تعالي " مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا * لِّيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِن شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا" صدق الله العظيم.
ما أصعب أن تكتب تخليداً لذكرى قائداً وأباً حنوناً بحجم أبو عمار، فالكلمات والعبارات أصغر من أن تعبر عنه وتفيه حقه، فمهما قلنا وكتبنا ستكون صغيرة أمام مكانته ومركزه في قلوب كل من أحبوه وعرفوه، وسمعوا عنه، وآمنوا بتضحياته، وصّدق عطائه، فكل من عايش أبو عمار يّذكر إنسانيته وشعوره النبيل تجاه شعبنا في كل المواقف الصعبة التي مررنا بها، فكان بالطليعة والمقدمة في كل المحطات، يألم ويتوجع بوجع الناس، ويٌسابق الجميع بالعمل للتخفيف والمواساة والمساندة في كل المواقف التي عصفت بشعبنا، فلمسنا منه حنان الاب، وقلب الطفل في حب الناس، ومشاعر الانسان لكل المكلومين، والأسد الجسور المدافع عن قضيتنا الفلسطينية في كل المحافل الدولية والعربية وخير من مثلها.
أبا عمار نم هنيئاً قرير العين، فشعبك لن يخذلك وسيظل وفياً صادقاً عصياً عن الكسر، ولن ينال منه أحد؛ مهما تعاظمت المؤامرات وتكالبت الظروف، فما تركت من إرث وطني صادق كفيل بأن يصوب العمل، ويُصحي الضمائر، فأخوتك بالنضال ورفقاء السلاح في العمل الوطني على دربك سائرون لاستكمال المشروع الوطني كما رسمت ملاحمه نحو الحرية والاستقلال وإقامة الدولة المستقلة، فكانوا وما زالوا خير خلف لخير سلف، وستظل النظرية العرفاتيه ملهما لكل الثائرين والمناضلين وقنديل يضئ الطريق نحو الحرية، وحتما سيتخطى شعبنا وقيادته الحكيمة كل التحديات، وإن شاء الله سيتحقق حلم وتطلعات شعبنا بالاستقلال والحرية، وكما تعودنا أن نسمعك في كل المواقف" شاء من شاء وأبا من أبا، والا مش عاجبه يشرب من بحر غزة" فشعبنا كالجبال الشامخة الراسخة، مؤمناً بعدالة قضيته وحقه بالعيش في وطن أمن ومستقر فيه كل متطلبات الحياة كالبشر والادميين في كل انحاء العالم.
أخيرا رسالتنا في هذه الذكري لكل الشرفاء من أبناء شعبنا ولقياداته الوطنية والاسلامية؛ إن الوحدة الوطنية خط أحمر كما كان يقول أبو عمار، وهي عنوان ودستور يجب أن يتمسك به الجميع، والبوصلة فقط موجة نحو القدس وإقامة الدولة الفلسطينية، وإنهاء الاحتلال وبناء الوطن وحماية المواطن وحقوقه، وليكن الاختلاف رافعة لتحقيق الأهداف؛ لا أن نصنع منه خلافات تدمر قضيتنا وتقهر شعبنا، وكفى للانقسام وللتعنت على حساب تضحيات، والام شعبنا وعذابات شبابنا، فالأمانة صعبة والزمن لن يرحم، وسيظل شعبنا خالد والمرتجفين للزوال .... روحك أبا عمار منا ومن شعبنا وقدسنا وكل الشرفاء بالعالم السلام، ودعائنا لكم بجنات الخلد في عليين مع الأنبياء والصديقين والشهداء وحسن أولائك رفيقا... رحم الله الشهداء والحرية للأسرى والمعتقلين
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت