- * بقلم / د. سلامه أبو زعيتر
التنظيم النقابي حق مكفول بالقوانين والتشريعات الدولية والمحلية، وهو ما نصت عليه الاتفاقيات الدولية وخاصة اتفاقيتي العمل(87 و98)، وأكده القانون الأساسي الفلسطيني المعدل في البند رقم (3) من المادة رقم(25)، وهو أحد الأدوات المشروعة للنضال النقابي والمطلبي الهادف لتمثيل العاملات والعمال، والدفاع عن مصالحهم وحقوقهم القانونية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وبالتالي لعب دور في النهوض بواقعهم نحو الأفضل، وهو أحد أهم المبررات لوجود التنظيم النقابي، وما دعاني لتكرار الكتابة حول الحق بالتنظيم النقابي للعمال المتعطلين عن العمل هو أهمية الموضوع ومطالبات من العمال المتعطلين عن العمل، والحاجة لوجود جسم نقابي يقوده العمال من أصحاب القضية، حيث تعتبر ظاهرة العمال العاطلين عن العمل من المشاكل والتحديات الاقتصادية والاجتماعية والنقابية في أي مجتمع، خاصه مجتمعنا الفلسطيني، باعتبارها إشكالية وتحدي كبير ومركب، يحتاج لجهود الجميع والتعاون والتشاركية من كل الأطراف الفاعلين في سوق العمل للتدخل في علاجه،
وهذا ما يحتاج دائما لبرامج وخطط وقوة ضغط للتأثير بهدف وضع قضاياهم على الاجندة وإعطائها الأولويات للتدخل، وهو ما يدعو لضرورة وجود قوة نقابية لحشد التأييد والمناصرة لصالح قضايا العمال العاطلين عن العمل، ومشاركة ذوي العلاقة من العمال أنفسهم في رسم السياسات الوطنية، ووضع الخطط الاستراتيجية للتنمية وخلق فرص العمل.
يواجه التنظيم النقابي العمالي الحالي إشكاليات في تمثيلهم والتعبير الفعلي عنهم، وتبني قضاياهم بفعالية، وذلك لأن النقابات العمالية القائمة تنظم عملها لوائح ونظم تحدد شروط العضوية وحق الانتساب، والتي تقوم على أسساً على وجود علاقات عمل فعلية بين طرفين الإنتاج؛ أي وجود فرصة عمل حقيقية بإشراف مشغل ومقابل أجر، وهي بذلك تستثني من عضويتها العاطلين عن العمل، والخريجين الجدد والشباب الذين لم يحصلوا على فرصة عمل بعّد، وهذا سبب بأن النقابات العمالية القائمة لا تمثلهم بشكل حقيقي، مما أفقدهم الحق بالتنظيم النقابي لعدم توفر شروط العضوية، وفق القانون واللوائح النقابية، وذلك انعكس سلباً على حقهم بالنضال النقابي المطلبي بالدفاع عن حقهم بالعمل اللائق والكريم، وتمثيلهم أمام كافة الجهات الرسمية وغير الرسمية التي تُعني برسم السياسات الوطنية والتنموية والتشغيل وخلق فرص العمل ...الخ.
بدراسة وتحليل الموقف نجد أن النسبة الأكبر من العاملات والعمال في سن العمل، يفتقدون لفرص العمل المستقرة اللائقة، حيث تبلغ معدلات البطالة في فلسطين ما نسبته 26%، منها 16% في المحافظات الشمالية و47% في المحافظات الجنوبية، كما أن البعض من العمال الذين يحصلون على فرص عمل تكون محدودة، وبالكاد تتوفر لبعض أيام من كل شهر، وذلك بحسب الظروف والمتغيرات والمستجدات في سوق العمل، وما يتوفر مع تنوعها في عدة مجالات مهنية؛ بمعنى أن العامل يعمل بعدة مجالات ومهن بسبب عدم انتظام سوق العمل و ما يتوفر من فرصة بالرزق، فنجده تارة يعمل سائق وتارة يعمل مجال البناء أو في الصناعة أو يبيع ويتاجر، أو ينظف بشارع ...الخ، وهذا أيضاً سبب في صعوبة تصنيفه نقابياً لأي مهنة عمالية أو نقابة والالتحاق بعضويتها....
من هنا نري هناك حاجة وضرورة لوجود جسم نقابي استثنائي يستطيع أن يعبر عن هؤلاء العمال العاطلين عن العمل وينظمهم نقابياً لحين توفر استقرار وأمن وظيفي لأي منهم، ولحظتها يعود العامل الذي يتوفر له فرصة عمل ثابته بالالتحاق لنقابته القطاعية، التي تنطبق عليه شروط عضويتها، لذا نري بأن أفضل طريقة لتمثيل العمال العاطلين عن العمل هو منحهم الحق النقابي في إنشاء اتحاد أو نقابة عامة لهم، ولها من الحقوق ما للنقابات العمالية القائمة، تقوم على أساس تنظيم وتمثيل العمال العاطلين عن العمل، وتسعي للدفاع عن مصالحهم والتعبير عن همومهم وقضاياهم والنضال من أجلهم، وتسقط العضوية في هذه النقابة عن كل عامل يتوفر له فرصة عمل ثابتة ومستقرة، وحينها تلحق عضويته بالنقابة العمالية التي تصنف حسب قطاعه المهني فيها، ومع احتفاظه بتاريخ الانتساب الاول للعمل النقابي، وهناك تجارب ونماذج عربية ودولية مشابهة، ونجحت في تعزيز التواصل النقابي ودمج العاطلين عن العمل في بنيان التنظيم النقابي العمالي ....
ولتكن البداية من هنا بإنشاء نقابة عامة للعاطلين عن العمل وضمها للحركة النقابية العمالية، ويجب على الجميع احتضان قضيتهم ودعم نضالاتهم النقابية ومشاركتهم بشكل حقيقي لإيجاد حلول وعلاج لمشاكلهم ...
* عضو الامانة العامة للاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت