أدان المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان بأشد العبارات العنف الذي اقترفته قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم، خلال قمع المشاركين في جنازة الصحفية شيرين أبو عاقلة، في القدس الشرقية، ما أدى إلى إصابة 33 مواطنًا، أحدهم مصور صحفي.
ويعكس اعتداء قوات الاحتلال غير المبرر على المشاركين بالجنازة، والضرب المبرح للأفراد الذين كانوا يحملون نعش الفقيدة حتى كاد يقع على الأرض، السلوك غير الإنساني لتلك القوات التي لم تكتف بقتل الفقيدة، بل مارست القوة والعنف خلال تشييعها الذي اتسم بمشاركة واسعة.حسب المركز الحقوقي
ووفق تحقيقات المركز ففي حوالي في ساعات صباح يوم الجمعة الموافق 13/5/2022، انتشرت قوات الاحتلال الإسرائيلي بكثافة في محيط المستشفى الفرنسي في حي الشيخ جراح، شمالي البلدة القديمة من مدينة القدس الشرقية المحتلة، حيث يتواجد جثمان الصحفية شيرين أبو عاقلة، التي قتلت برصاص تلك القوات صباح يوم الأربعاء الماضي في مخيم جنين للاجئين. نصبت تلك القوات عشرات الحواجز الشرطية في الحي والمناطق المجاورة له، استعداداً لنقل الجثمان من المستشفى إلى كنيسة الروم الكاثوليك في منطقة باب الخليل بالبلدة القديمة من القدس الشرقية. وحاولت قوات الاحتلال فرض قيود على جنازة التشييع بإبلاغ عائلة الصحفية أبو عاقلة، أنها ستسمح لأعداد محدودة بتشييع الجثمان إلى مثواه الأخير في مقبرة جبل صهيون بالقرب من باب الخليل، بواسطة مركبة خاصة، شريطة عدم رفع الأعلام الفلسطينية وعدم ترديد العبارات الوطنية.
وقد احتشد المئات من المواطنين في ساحة المستشفى الفرنسي ورفعوا الأعلام الفلسطينية وصور الصحفية أبو عاقلة، مرددين العبارات الوطنية والمنددة بمقتلها. وعند حوالي الساعة 1:50 مساءً، حاصرت قوات الاحتلال برفقة مركبة المياه العادمة، وفرق الخيالة، وعناصر المخابرات الإسرائيلية المستشفى وأغلقته بالكامل، ومنعت المواطنين والطواقم الصحفية والمرضى من الدخول إليه، واعتدت على المواطنين والطواقم الصحفية عند بوابته الرئيسية.
وفور إخراج جثمان أبو عاقلة من ثلاجات المستشفى محمولاً على الأكتاف، منعت قوات الاحتلال انطلاق مسيرة تشييع الصحفية أبو عاقلة لنقل الجثمان من مقر المستشفى إلى الكنيسة، سيراً، لكي يتمكن جميع المواطنين ومحبي الصحفية من وداعها. وعند رفض المواطنين تسليم الجثمان ونقله إلى الكنيسة عبر المركبة، اقتحمت قوات الاحتلال ساحة المستشفى ومبناه بعنف ودون أي مبرر، وأطلقت الأعيرة المطاطية تجاه المشيعين، واعتدت عليهم بالضرب المبرح ودفعت حاملي نعش الصحفية أبو عاقلة بقوة، وضربتهم بالهراوات بعنف، وكاد النعش أن يسقط على الأرض لولا ثبات بعض حامليه. وبعد دقائق نقل الجثمان إلى مركبة خاصة، وفور مغادرتها المستشفى أوقفتها قوات الاحتلال عدة مرات وانتزعت أعلام فلسطين منها، وحطمت زجاجها، وعند مغادرتها، أغلقت تلك القوات بوابة المستشفى ومنعت المواطنين والطواقم الصحفية وشقيق الصحفية أنطون أبو عاقلة من اللحاق بالجثمان. وبعد حوالي 10 دقائق، انسحبت قوات الاحتلال من محيط المستشفى فجأة. وعند وصول الجثمان إلى كنيسة الروم في باب الخليل حاولت قوات الاحتلال تفريق المواطنين، ومصادرة الأعلام الفلسطينية وتمزيق صور الصحفية أبو عاقلة واللافتات المنددة بقتلها. خلال ذلك، اندلعت مناوشات بين المواطنين وبين قوات الاحتلال، حول رفع الأعلام الفلسطينية، حيث رفض المواطنون إنزالها رغم محاولات قوات الاحتلال العديدة لإنزالها.
وفور خروج الجثمان من الكنيسة باتجاه مقبرة صهيون في منطقة باب الخليل، خارج سور البلدة القديمة، نصبت قوات الاحتلال الإسرائيلي عشرات الحواجز الشرطية، لعرقلة المشاركين في التشييع، واعتقلت عددًا من الشبان بعد الاعتداء عليهم بالضرب، وسط تحليق طائرة إسرائيلية مروحية على ارتفاع قريب في المكان. وعلى الرغم من ذلك، توافد عشرات الآلاف من المواطنين إلى مقبرة صهيون للمشاركة في تشييع الصحفية أبو عاقلة إلى مثواها الأخير.
وأفادت طواقم الهلال الأحمر الفلسطيني أن 33 مواطنا أصيبوا بجروح ورضوض جراء اعتداء قوات الاحتلال عليهم بالضرب خلال التشييع، نقل 6 منهم إلى المستشفيات، من بينهم المصور الصحفي أشرف شويكي، إثر اعتداء قوات الاحتلال عليه أمام المستشفى الفرنسي في الشيخ جراح. كما أفاد نادي الأسير الفلسطيني أن قوات الاحتلال اعتقلت 14 مواطناً ومواطنة خلال عملية التشييع.
وقال المركز إنه "إذ يدين بشدة هذه الاعتداءات غير المبررة، فإنه يشير إلى أن هذا الاعتداء الصادم وما سبقه من محاولة التنصل من المسؤولية عن اقتراف جريمة قتل الصحفية أبو عاقلة، يأتي امتدادًا لتنكر قوات الاحتلال الإسرائيلي لقواعد القانون الدولي، ومواثيق حقوق الإنسان، بغطاء سياسي إسرائيلي رسمي، مع ضعف آليات المحاسبة الدولية، ما يؤكد الحاجة لإجراءات فاعلة لضمان المساءلة والعدالة وعدم الإفلات من العقاب."
وكرر المركز دعوته المجتمع الدولي للتحرك الفوري لوقف جرائم الاحتلال، وجدد مطالبته للأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة الوفاء بالتزاماتها الواردة في المادة الأولى من الاتفاقية والتي تتعهد بموجبها بأن تحترم الاتفاقية وأن تكفل احترامها في جميع الأحوال، كذلك التزاماتها الواردة في المادة 146 من الاتفاقية بملاحقة المتهمين باقتراف مخالفات جسيمة للاتفاقية، وضمان حق الحماية للمدنيين الفلسطينيين في الأرض المحتلة